يعز على من كتب أو قرأ عن الأدب السعودي فقد شخص مثل الدكتور محمد بن عبدالرحمن الشامخ الذي انتقل إلى رحمة ربه في السادس عشر من شهر ذي الحجة 1438هـ عن عمر ناهز السابعة والثمانين قضاها رحمه الله في قاعات الدرس طالباً وأستاذاً وباحثاً، معتزلاً بصورة مبكرة بهرجة الحياة، ومنزوياً لعبادة ربه، وفعل الخير ومخلصاً في تربية أبنائه.
عرفناه أستشاذاً شامخاً بأخلاقه، وبعلمه، وبتواضعه، وبمحبته لمن حوله، وبنصحه الدائم لطلابه.
كما عرفناه باحثاً وكاتباً، فله بعض الكتب التي احتلت مكانة متميزة في المكتبة العربية عامة والسعودية خاصة، إذ كشف في بعضها عن جوانب مهمة في الأدب السعودي كانت إضاءة جيدة لطلاب البحث والدرس بعده رحمه الله.
كما عرفناه كاتباً رامزاً، دلَّ على ذلك (كاتب الحي)، الصادر عن دار العلوم، حتى إن ادّعى -رحمه الله- أنه يريد منه أن يكون «نبرة من نبرات ذلك الصوت الذي يريد للغة العربية أن تجد في جزيرتها موئلاً يعصمها من الأمية..».
إن الشامخ -رحمه الله- يذكرني في هذا الكتاب بكاتب القرية الذي يحمل مشعل العلم وحوله من لا يملكون شيئاً من العلم، فهو ذاك المتعلم مع جهلة حوله يحاول أن يرشدهم ويوجههم.
إن الشامخ كان يحوي نفساً مفكرة، قلقة، حزينة، يحاول خلالها أن ينبّه من حوله سعياً لخدمة العلم والبلاد والوطن.
رحم الله أستاذنا الفاضل الذي كان يوجهنا بقلب رحيم، ولن أنسى مكاتبته لي عندما تخرجت في الجامعة وهو يحثني على العلم والعودة للجامعة وترك التدريس، حيث عينت في قرية نائية في طرف بلاد جنوب بلادنا الحبيبة، كذلك لا أنسى ترحيبه بي وقد زرته في داره العامرة في عنيزة عندما أنهيت الدكتوراه قبل تسع وعشرين سنة.
رحم الله الفقيد رحمة واسعة، وأصلح بعده أولاده، وأثابه حسن الثواب لحسن عمله وإخلاصه.