مجلة شهرية - العدد (571)  | أبريل 2024 م- رمضان 1445 هـ

حُسن القول يعفي من القتل

كان تميم بن جميل التغلبي قد تقلّد بعض الأعمال أيام خلافة المعتصم، لكن عاث فيها، فقبض عليه وحُمل إلى الخليفة، فلما قُدّم بين يديه، وأحضر السيف والنّطع لقتله، رآه المعتصم جميلاً وسيماً، فأحبّ أن يعلم كيف منطقه، فقال: تكلم، فقال: بعد أن حمد الله تعالى ودعا للمعتصم: إن الذنوب تخرس الألسنة، وتعمي الأفئدة، وقد عظمت الجريرة، وانقطعت الحجة، وساء الظن ولم يبق إلا العفو أو الانتقام، وأرجو أن يكون أقربهما منّي وأسرعهما إليك أشبهها بك وأولاك بكرمك أليقها بك، ثم ارتجل:

أرى الموت بين النطع والسيف كامناً

                   يلاحظني من حيثما أتلفّتُ

وأكبر ظني أنك اليوم قاتلي

            ومن ذا الذي مما قضى الله يفلتُ

وأي امرئ يُدلي بعذرٍ وحُجةٍ

         وسيف المنايا   بين عينيه مصلتُ!!

يَعزُّ على الأوس بن تغلب موقفٌ

               يُسَلّ عليّ السيف فيه وأسكت

وما جزعي من أن أموت، وإنني

               لأعلم أن الموت شيء مؤقتُ

ولكن خلفي صبيةً قد تركتهم

                 وأكبادهم من حسرة تتفتت

كأني أراهم حين أُنعى إليهم

           وقد خمّشوا تلك الوجوه وصوّتوا

فإن عشت عاشوا سالمين بغبطة

           أذود الردى عنهم وإن متُّ موتوا

وكم قائل: لا يبعد الله داره

                 وآخر جذلان يُسَرّ ويشمت

 

قيل: إن المعتصم لما سمع ذلك، عفا عنه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من كتاب: بدائع البدائه لعلي بن ظافر الأزدي بتحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم، ص337-338.

 

ذو صلة