في عام 2019 نشر كيفن إم هايميل مقالة بعنوان (خوض حرب على جبهتين). وسرد فيها إرث ومساهمات الكتيبة (6888) في الحرب العالمية الثانية، لمعالجة أزمة تراكم البريد الحربي غير المُسلَّم لذويه لمدة ثلاث سنوات. وتشكلت هذه الكتيبة من 855 فتاة أمريكية سمراء البشرة (31 ضابطاً و824 فرداً مجنداً) بقيادة الرائدة تشاريتي آدامز. وألهمت هذه المقالة المخرج والكاتب تايلر بيري ليحول فحواها للفيلم الدرامي الجماعي الأمريكي: (ستة ثلاث ثمانيات The Six Triple Eight). وصدر العمل، أولاً في بعض دور السينما، في 6 ديسمبر 2024.
وتكون طاقم الفيلم من: كيري واشنطن في دور الرائد (شاريتي آدامز)، وإيبوني أوبسيديان في دور (لينا ديريكوت بيل كينج)، ودين نوريس في دور (الجنرال هالت)، وسام ووترستون في دور (فرانكلين روزفلت)، وأوبرا وينفري في دور (ماري ماكليود بيثون)، وسوزان ساراندون في دور (إليانور روزفلت)، وميلونا جاكسون في دور الكابتن (نويل كامبل)، وكايلي جيفرسون في دور (بيرنيس بيكر)، وشانيس شانتاي في دور (جوني ماي بيرتون)، وسارة جيفري في دور (دولوريس واشنطن).
الحبكة الدرامية
في بداية الفيلم، نشاهد أماً بائسة حزينة من غرب (فرجينيا) تنتظر يومياً أخباراً عن ابنيها اللذين يخدمان في الجيش خارج أمريكا. شأنها شأن كثيرين يعانون من القلق والتوتر من أجل الاطمئنان على أبنائهم عبر رسالة أو صورة فوتوغرافية. كذلك ترتفع معنويات الجنود بوصول ما يطمئنهم على أهليهم وفق قاعدة: (لا بريد يساوي معنويات منخفضة). ولقد دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية بعد هجوم 7 ديسمبر 1941 على (بيرل هاربور). وفي تلك الفترة أيضاً (أربعينات القرن الماضي) يأمل أصدقاء الطفولة (لينا) و(أبرام) من فيلادلفيا في استمرار علاقتهما الرومانسية؛ (لينا) سمراء، و(أبرام) أبيض البشرة. بينما يستعد أبرام للتجنيد في الجيش. وعانى قلبها من الانكسار لعدم استلامها أي رسالة تطمئن بها على أبرام. ويتضح أنه توفي، بعد فترة وجيزة من تجنيده، فتتعهد (لينا) بالتجنيد بعد تخرجها من المدرسة الثانوية.
وفي القطار المتجه إلى التدريب الأساس في جورجيا، تلتقي لينا مجندتين ستصبحان صديقتيها. ونشاهد تدريب الكتيبة من قبل السيدتين: الكابتن (تشاريتي آدامز)، والملازم (نويل كامبل). تدربت الكتيبة جيداً. وكانت هؤلاء النساء مستعدات للمعركة، على الرغم من تكليفهن بمهام الدعم. لقد تدربن على الزحف تحت جذوع الأشجار، والقفز فوق الخنادق، والسير بحقائب الظهر، ومعرفة الفرق بين بندقية وينشستر إم 12 الأمريكية وبندقية كارابينر 98 بي الألمانية. ومع كل ذلك لم يتم إعطاء الكتيبة (النسوية) (تأسست عام 1943، حيث لم يُسمح للنساء بالانضمام إلى الجيش حتى عام 1942) أي مهام حربية. ولقد شاهدت النساء السود نظيراتهن البيض يحصلن على الموافقة للخدمة في الخارج. ورداً على ذلك، ضغطت جماعات الحقوق المدنية على وزارة الحرب لتمديد نفس الفرصة لأعضاء فيلق جيش النساء السود.
وفي أحد الأيام، تسافر تلك الأم الفرجينية البائسة إلى البيت الأبيض لمقابلة السيدة الأمريكية الأولى إليانور روزفلت وتخبرها أنه في جميع أنحاء البلاد، لا يتلقى أحد بريداً من الحرب. فيلتقي الرئيس روزفلت بضابطين رفيعي المستوى، بحضور السيدة روزفلت، والدكتورة ماري ماكلويد بيثون لمناقشة الموقف. وكان قبول النسوة السود كأفراد مجندات في فيلق جيش النساء ممكناً بفضل جهود الدكتورة ماري ماكليود بيثون، ودعم السيدة الأولى إليانور روزفلت. ويعترف الجنرال أن البريد لا يتم تسليمه. ولكنه يوضح أنه على الرغم من تكليف عدة وحدات بهذه المهمة، إلا أن العملية عبارة عن (كابوس لوجستي)، ويجب عليهم إعطاء الأولوية للقتال الفعلي. ومع ذلك، تؤكد بيثون أن (فيلق جيش النساء السود) قادر على القيام بهذه المهمة. وأخيراً، يتم إعطاء وحدة الكابتن آدامز الأوامر.
في أوروبا
لم يساعد زحف قوات الحلفاء عبر أوروبا في تخفيف أزمة البريد الحربي، إذ إن المواقع المتغيرة باستمرار للقوات تعني تأخيراً مذهلاً في استلامه، وتسليمه لذويهم. وفي فبراير 1945، أبحرت أول فرقة من الكتيبة إلى جزيرة إيل دو فرانس (ولم تصل الفرقة الثانية إلا بعد شهرين آخرين). كانت الغواصات الألمانية الخفية تملأ المحيط الشاسع. وعند وصول الفرقة إلى أسكتلندا، استقبلت الفرقة بانفجار صاروخ ألماني من طراز V-1، ما أجبرها على الركض بحثاً عن ملجأ. وبعد رحلة محفوفة بالمخاطر، ذهبت الفرقة إلى برمنغهام، إنجلترا. وكان ينتظرهم مستودعات باردة، بالكاد مضاءة. وتحتوي على طرود منسية ورسائل مكدسة. وكانت الفئران تفتح الطرود التي تحتوي على حلوى فاسدة.
ونشاهد أن الكتيبة تواجه قائداً عنصرياً يأمر الوحدة بعبور المحيط في سفينة خاصة دون حراسة عسكرية. ثم يتعين عليهم فور نزولهم، السير على الأقدام عبر المدينة، وتسكينهم في مدرسة ثانوية مهجورة باردة جداً، ومليئة بالفئران. ويمنح هذا القائد، كلاً من الرائد آدامز (تمت ترقيتها حديثاً) ونائبتها الكابتن كامبل مهلة ستة أشهر بهدف التعجيز والإفشال لتحويل المدرسة إلى ثكنات للمعيشة، وقاعة طعام، ومكاتب بريد. ومن ثم فرز وتصفية البريد الحربي المتراكم منذ عامين. وذات يوم، تفقد لينا رباطة جأشها عندما ترى تعاملاً بلا مبالاة مع بطاقات التعريف والمراسلة. وتنهار لاحقاً، أمام عدد من صديقاتها، كاشفة عن مدى ارتباطها بـ(أبرام) الذي كان سبباً في تجنيدها. نظراً لأنها لم تتلق أي مراسلات منه، وتأمل في العثور على بعضها الآن. ومقابل هذا الرد المباشر، تشعر الرائدة آدمز، بعظم هذه المهمة الإنسانية، وأثرها النفسي.
وعانت عضوات الكتيبة من صعوبات جمة، وتحديات مختلفة. وتضمنت حالات متعددة من الأسماء المتطابقة، وبطاقات تحديد مواقع متعددة للجنود أثناء تحرك وحداتهم، وتلف الرسائل ومحتوياتها بسبب القوارض من الفئران. وعندما يجدون رسالة (مجهولة العناوين) يتم فتحها. وبعد وفاة الرئيس روزفلت، يصل قسيس أبيض، ويلقي عظة تقوض همة وعزيمة الرائدة آدمز. وتجد تقريراً سلبياً للغاية كتبه عنها، فطلبت منه المغادرة والرحيل. وفي يوم عثرت جنديات على رسالة من أبرام إلى لينا فيندمل جرح قلبها. لكن في أوائل يوليو 1945، أودى حادث سيارة جيب بحياة الجنديتين ماري بانكستون، وماري بارلو. وذلك بسبب قنبلة زرعت على طريق عودتهما إلى المدرسة. وبعد دفنهما، تتمكن لينا من العثور على قبر أبرام، وتقرأ رسالته التي يتمنى لها حياة سعيدة مديدة. وأخيراً تودعه بشكل لائق.
زيارة الجنرال هولت للكتيبة 6888
على الرغم من الجهد والعمل المثالي على مدار الساعة في وظيفة لا يريدها أحد، لا تزال المجموعة تتلقى انتقادات من المفتشين بشأن أداء المهمة. ومن المرجح أن تكون المواقف العنصرية قد أثرت على عدم الرضا عن إنتاج الفرقة 6888. وانتقدها الجنرال هولت، حيث وجد فريق العمل في النوبة الليلية نائماً عندما وصل. بعد تفقده منطقة فرز البريد، يعلن أن الرائدة آدمز غير كفء للمهمة، ويقول إنه سيحل محلها رجل أبيض. لكن آدامز صرحت أنها لن تتنحى. وبينما يحاول الجنرال هولت تحويلها لمحاكمة عسكرية، يسمع هتافات في وحدته. لقد وصل بريدهم أخيراً. لقد نجحت الكتيبة (6888) في علاج تراكم البريد لعامين. وعلى الرغم من التحديات الجسام أوصلوا 17 مليون طرد بريدي لذويهم في مدة قياسية. ولفترة قصيرة على الأقل، تمتعت الفرقة بفترة ذهبية من التقدير. وتم استدعاء مهاراتهم وكفاءتهم في روان بفرنسا. وهذه المرة، واجهوا تراكماً للبريد يبلغ من العمر ثلاث سنوات. قاموا بمعالجته وتخليصه بنجاح في ثلاثة أشهر.
وتزوجت لينا لاحقاً من ضابط أسمر البشرة يدعى هيو، وعاشت حياة سعيدة طويلة، كما تمناها لها أبرام. ولم يكن ما فعلته الكتيبة النسوية موضع تقدير على الأراضي الأمريكية. لكن حديثاً أشرفت السيدة ميشيل أوباما على حفل تكريم المتبقيات من الوحدة (6888). وفي عام 2021، حصلت الفرقة على الميدالية الذهبية للكونجرس. وتكريماً للرائدة آدامز تمت إعادة تسمية قاعدة فورت لي للجيش الأمريكي. كونها أول امرأة سوداء تخدم كضابط في الجيش الأمريكي وتقود الكتيبة (ستة ثلاثة ثمانيات) التي أثبتت أنه لا يوجد دور صغير أو متواضع أثناء الحرب العالمية الثانية، وكل حرب.