مجلة شهرية - العدد (588)  | سبتمبر 2025 م- ربيع الأول 1447 هـ

غبار الأرصفة

فراغ المحطات
من المودعين..
همهمة تتلاقف شفاه الراحلين..
وتشرب من وجوههم
كل بقايا الأمكنة..
لتسقط على غبار الأرصفة..
كل الأزمنة وما تبقى من أمل..
لتمنح ذلك المسافر
وحشة السفر الطويل..
وسرباً من الأحلام الميتة..
عالقاً بين اليأس واليأس
لا مجال للهرب..
وهو يفتش عن كف
ينتشله من الضياع..
بتلويحة وداع كاذبة..
يقلب الصور في مخيلته المدلهمة..
لتسقط منها
كل ما تبقى من لحظاته الغريقة..
وشوارعه
العاكفة على الصمت..
قصيرة أذرعه
لكي يمدها إلى المجهول..
الذي ربما يحمل بصيصاً من أمل
أو كسرة من خلاص..
هل يرسم في الدخان لوحته؟!
أم يحاول اللهو ليتناسى ضياعه؟!
ليذوق مرار غربته
ويندب لحظة ولادته..
بخيلة أوقاته
وهي تسير مسرعة..
وتتلاقف الساعات بنهم
ويثقله الحنين إلى العودة..
لتتدلى
على وجهه سيماء الغربة..
وهو في منتصف الطريق..
لم يبقَ له سوى الحلم
وذكريات رمادية..
من وطن سيصبح بعيداً جداً..
وحائط
ستمحو الأيام ذكرياته
التي خطها عليه بقلمه الرصاص..
ويُمحى كل أثر له..
عندما تهب ريح آذار العتية..
لم تعد منائر مدينته
يسمع منها الأذان..
فكل شيء قد تلاشى
ولم يتبقَّ إلا حقيبته
الممتلئة بثياب عتيقة..
ودفتر
لم يكتب فيه كلمة..

ذو صلة