فريق مراسلي المجلة العربية:
عبدالرحمن الخضيري: الرياض | داليا عاصم: مصر | منى حسن: السودان
أسمهان الفالح: تونس | محمد العقيلي: الأردن
تعد الدراسات الثقافية من أبرز الحقول المعرفية التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد جاءت استجابة لتحولات اجتماعية وفكرية واقتصادية عميقة شهدها العالم، خصوصاً في ظل صعود الإعلام الجماهيري، وتزايد التأثيرات المتبادلة بين الثقافة والسلطة، وبين الهوية والمجتمع. نشأت هذه الدراسات في بيئات أكاديمية غربية، ولاسيما في بريطانيا عبر (مركز برمنغهام للدراسات الثقافية المعاصرة)، لكنها سرعان ما اتسعت لتشكل مجالاً نقدياً عابراً للتخصصات، يشتبك مع علم الاجتماع، والأنثروبولوجيا، والفلسفة، والنظرية الأدبية، ودراسات الإعلام.
وقد تطورت هذه الدراسات لتتناول قضايا معقدة مثل الهيمنة الثقافية، والتمثيل، والتمايز الطبقي، والجنوسة، والعِرق، والهوية، وكذلك الثقافة الشعبية بوصفها مجالاً للنضال الاجتماعي والرمزي. وتؤكد الدراسات الثقافية أن الثقافة ليست مجرد إنتاج رمزي أو جمالي، بل هي ميدان للصراع السياسي والاجتماعي، حيث تُنتَج المعاني وتُعاد هيكلتها ضمن علاقات القوة.
أما في السياق العربي، فقد جاءت الدراسات الثقافية في خضم تحولات محلية وإقليمية شديدة التعقيد: الاستعمار وما بعده، بناء الدولة الوطنية، صعود الإسلام السياسي، تحولات ما بعد (الربيع العربي)، والعولمة الرقمية. وقد تمثل حضور هذا الحقل في اجتهادات فردية ومؤسسية، حاولت أن تقرأ الثقافة من منظور نقدي يتجاوز الرؤية التبسيطية التي اختزلتها في الفلكلور أو التراث أو الإنتاج النخبوي، ليشمل الثقافة اليومية، الخطابات المهيمنة، الإعلام، التعليم، والفنون، بوصفها أدوات لإعادة إنتاج البنى الاجتماعية أو مقاومتها.
(المجلة العربية) تناقش هذا الملف عبر جملة من المحاور منها:
• ماذا عن نشأة حقل الدراسات الثقافية وما أبرز المداخل النظرية في مجالها؟
• كيف تزاوج الدراسات الثقافية بين التحليل النصي، والتحقيق الإثنوغرافي، وقراءة الخطابات؟
• الدراسات الثقافية في السياق العربي: قراءة نقدية لتحول مفهوم الثقافة في الأدبيات العربية، وحدود التلقي العربي لهذا الحقل.
• كيف تنتج وسائل الإعلام في العالم العربي سرديات الهوية والانتماء؟
• أثر الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي على ممارسات الثقافة اليومية، وتحول مفهوم الثقافة والمثقف وبروز وسيط إنساني جديد بالكلية.