اكتسبت شخصية الشاعر بعداً مزدوجاً من المسؤولية الاجتماعية ضمن مشاريع تأهيل الكوادر السعودية في عقدي الستينات والسبعينات، وهو ما بدا في شخصيات ثقافية عرفت في المشهد الثقافي السعودي بعضها لم يكتمل مشروعه ديواناً مثل عبد الرحمن المنصور وحسين خزندار ومحمد العامر الرميح ومحمد السليمان الشبل وناصر أبو حيمد وألهتهم الحياة المهنية والعملية عنها، ومنهم من تحقق على المستوى الأكاديمي وتنقل وظيفياً في مناصب ومسؤوليات مختلفة بالإضافة إلى تجربته الثقافية، ويمثل هذه الفئة الشاعر والسفير محمد الفهد العيسى، الشاعر وعالم التاريخ عبد الله العثيمين، والشاعر والروائي غازي القصيبي، والشاعر وعالم الاقتصاد أسامة عبد الرحمن.
وللأخير حكاية مع الشعر نسيها حين وقعت باسمه قصيدة نشرت في جريدة البلاد عام 15 صفر 1375 (الموافق 1955) وهي للفتى ذي الثلاثة شعر ربيعاً أسامة عبد الرحمن، وهو ابن المربي عبد الرحمن عثمان، ولفتت الأنظار إليه وقتها:
شباب العرب يا أمضى سلاحي
تقدّم سالكاً نهج الصلاح
أعد مجداً بناه لنا أسود
هم بالأمس سادات البطاح
ولم يكن لهذا الفتى قول الشعر إلا نتيجة التنشئة على مصادر اللغة العربية، وهما القرآن الكريم، والأدب العربي (الشعر)، وهو ما حرص والده على استمرار تعليمه وتثقيفه بموازاة استكمال تعليمه النظامي.
كما أن ما يميز المدينة المنورة طابع التعدد الثقافي الذي يجمع، بالإضافة إلى أهلها من الحاضرة والبادية الحجازية، أعراقاً عدة جاءت من الشرق والغرب، وكانت ملجأ العرب من دولهم المضطربة سياسياً وعلى أن المدينة لم تشملها مناسك الحج مثل مكة المكرمة إلا أنها مقصد الزيارة والاستقرار على قول أحد مؤرخيها عبد الرحمن الأنصاري في كتابه (تحفة المحبين والأصحاب في معرفة ما للمدنيين من أنساب).
وقد ذكر حين تحضيره لنشر أول ديوان شعري (واستوت على الجودي) (1982) بأنه انتخبه من بين شعره في مرحلة النضوج بين عامي 1970 - 1980 حيث حياة العمل والأستاذية كما يقول في المقدمة، بينما يمثل ديوانه «شمعة ظمأى» (1982)، الذي حفظ العقد الأول من تجربته الشعرية أي بين عامي 1960 - 1970 التي شهدت حياة التلمذة والدراسة، على أنه ترصد البيبلوغرافيا الخاصة بالشاعر أنه نشر ملحمة «شمشون ودليلة» (1979) المضافة لاحقاً إلى الديوان التالي.
فقد أصدر واحداً وعشرين ديوان شعر خلال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، ونشر لاحقاً ديواناً أخير بعد وفاته (عصفورة أشجاني) (2016).
جمع عبد الرحمن في شعره المواضيع الكبرى، التي هجس بها جيله، كالعروبة والبطولة والخزي- من هزيمة 1967، والانجراف وراء (ذهنية التآمر)، فبرزت مظاهر أساسية في شعره بداية من النبرة الملحمية في شعره عالية من خلال الرنين القوي وقوة السبك في الجملة والكلمة، واستثمار التراث الثقافي العربي المعنوي سواء من أخبار الشعراء الأسلاف، أو السيرة الشعبية، أو القصص الصوفي، ومجازات توليف اللغة الشعرية من إدماج التعابير الموروثة والمستحدثة من الفصحى.
وقد ولد أسامة عبد الرحمن عثمان في المدينة المنورة عام 1942 ودرس الإدارة العامة في كلية التجارة بجامعة الملك سعود وتخرج فيها عام 1963، وتحصل على ماجستير في الإدارة من جامعة مينيسوتا (1966)، والدكتوراه من الجامعة الأمريكية بواشنطن (1970).
تدرج في وظائف أعضاء هيئة التدريس بجامعة الرياض حتى درجة أستاذ عام 1979. وكلف بعمادة كلية التجارة، والعلوم الاجتماعية، وكلية الدراسات العليا، وصار مستشاراً في هيئات علمية ووزارات عدة، وعضواً في هيئة تحرير المجلة العربية للإدارة، ومجلة العلوم الاجتماعية. وقد نشر أول أبحاثه بعنوان (المقومات الأساسية لكي تؤدي الجامعة دورها في التقدم والإصلاح الإداري) (1973)، وطبعت كتبه في أكثر من مدينة عربية بداية من جدة وبيروت والقاهرة والكويت والشارقة ونيقوسيا، ومن كبريات دور النشر، والمراكز البحثية المتخصصة، وكثير من كتبه في التنمية صدرت في طبعات عدة وحققت مبيعات ملفتة.