مجلة شهرية - العدد (584)  | مايو 2025 م- ذو القعدة 1446 هـ

إبراهيم الناصر الحميدان: رحيل مبدع أخلص للسرد

بصوته المبحوح يتصل عبر الهاتف ليسأل عن موضوع أو كتاب.. أو يعاتب لابتعادنا عنه لظروف العمل.. ويبقى ‏إبراهيم الناصر الحميدان -يرحمه الله- صديقاً للجميع.. عندما التقيته أول مرة.. وذلك في سنواتي الأولى بعد ‏انتقالي من الطائف إلى الرياض.. كنت متخوفاً من اللقاء.. فهذا الرجل صاحب المسيرة الطويلة في الإبداع؛ هل ‏سيحتفي بشاب له تجاربه الأولى في الإبداع؟! كان اللقاء في معرض للفن التشكيلي أقيم في صالة الفنون التشكيلية ‏بمعهد العاصمة النموذجي.. وكنت بصحبة الصديق المشترك خالد اليوسف، ومنذ ذلك الوقت عرفت ذلك الرجل.. ‏بسيطاً محباً للجميع.. لا يكن عداوات لأحد.. يقدر الإبداع.. ويسعد  بكل مبدع جديد. منذ سنوات صدرت له رواية ‏‏(الغجرية والثعبان) عن دار الهلال.. وأدرجت ضمن مطبوعات الشركة وليس ضمن سلسلة روايات الهلال ‏الأكثر انتشاراً.. كنا مستائين من عدم إدراجها بالسلسلة، وقررنا أن نتواصل مع الشركة لإعادة نشرها.. ولكن ‏بحكمته.. وخبرته الحياتية.. إضافة إلى عدم رغبته في الدخول في صراعات قد لا يستفيد منها؛ أنهى الموضوع ‏واستمر مبدعاً متألقاً.‏
التقينا كثيراً في نادي القصة.. وبعد ذلك حرصت على لقائه في مناسبات مختلفة.. وقد كان بصحبته في الفترة ‏الأخيرة الصديق أحمد الدويحي.. حيث كان حريصاً على حضور الفعاليات الثقافية المختلفة، والكتابة والنشر ‏حتى أيامه الأخر عندما داهم جسده الكبر والمرض.‏
إبراهيم الناصر الحميدان واحد من مؤسسي الرواية السعودية، وأحد أهم رموزها منذ كتب في مطلع الستينيات. ‏قُدمت حول أدبه كثير من الدراسات والبحوث ربما أشهرها دراسة ناصر الجاسم لنيل درجة الماجستير، وتم ‏تكريمه في كثير من المحافل والمؤسسات مثل الرئاسة العامة لرعاية الشباب وجمعية الثقافة والفنون، وحصل ‏على جائزة المفتاحة، للتنشيط السياحي في أبها، ودرع الريادة من المؤتمر الثاني للأدباء السعوديين عن كتابة ‏القصة والرواية، وشهادة تقدير من اللجة العليا للتنشيط السياحي في الطائف، وتكريم من الأندية الأدبية في كل ‏من جدة وأبها.‏
وإبراهيم الناصر الحميدان يكتب القصة والرواية والمقالة الأدبية والاجتماعية، وفي مجال الدراما كتب ثلاثة ‏مسلسلات تلفزيونية، وعدداً من السباعيات والتمثيليات الإذاعية.‏
وقد أثرى المكتبة السعودية بعدد حافل من الإصدارات, بالذات في مجال القصة والرواية, فقد كان من روادها ‏والسباقين في النشر. حيث صدرت له المجموعة القصصية (أمهاتنا والنضال 1380هـ)، ورواية (ثقب في رداء ‏الليل) والمجموعة القصصية (أرض بلا مطر)، ورواية سفينة الموتى، ونشرت في طبعة ثانية تحت عنوان ‏‏(سفينة الضياع), فمجموعة (غدير البنات القصصية)، ورواية عذراء المنفى، ورواية غيوم الخريف, ‏والمجموعة القصصية عيون القطط، ورواية رعشة الظل،  والمجموعة القصصية (نجمتان للمساء)، ورواية (دم ‏البراءة) ورواية الغجرية والثعبان. واختتم إصداراته  بنشر سيرته الذاتية.‏
يتميز إبراهيم الناصر الحميدان.. ومن خلال تجربته الطويلة في النشر.. بالمزاوجة بين القصة القصيرة والرواية، ‏وكانت مواضيع أعماله الإبداعية تناقش كثيراً من القضايا، المختلفة؛ ربما صقلتها تجربته الحياتية الطويلة التي ‏اجتمع فيها البحر بالصحراء والقرية بالمدينة، فقد كانت ولادته في مدينة الزبير، ليودع الدنيا في مدينة الرياض ‏بعد عمر ناهز الثمانين.‏
ذو صلة