بندر الحربي: مشروع ترجمة المعلقات أثّر في حدود تصوري
حوار/ محيي الدین جرمة: اليمن
في هذا الحوار یشیر المترجم السعودي والمتخصص في علم الاجتماع بندر الحربي إلى أن الترجمة لا تقتصر على نقل النص بقدر ما توطن لغة الحلول الواقعیة والمحایدة وترسخ منهجیة التفكیر نحو الابتكار.
المترجم الذي حصل على عدد من الجوائز تقدیراً لجهوده ومنجزه في الترجمة، تمتاز تجربته بالعمل بصمت لكن منجزه لا یستهان به في الترجمة المقتدرة.
كان لإشرافه على مشروع ترجمة المعلقات إلى لغات عالمیة دور بارز بالتعاون مع فریق احترافي من المترجمین إلی لغات أجنبیة حیة ومؤثرة، ما أثری فهمه بـ(شكل عمیق) كما یقول: (لحدود قابلیة الترجمة في الشعر العربي الكلاسیكي).
في السیاق یری الحربي أن العلوم الإنسانیة لم تستفد بشكل كاف حتی الآن من ممكنات العصر الرقمي الهائلة. في حین یقابل مصطلح (القلق) بما أسماه (التحفز) الذي یراه دافعاً إیجابیاً للإبداع في المشهد السعودي نحو الابتكار وطاقة كامنة نحو التعبیر الحر وآلیة صحیة للتكیف مع (الحداثة).
لكل مترجم رؤية ومقاصد قبل الشروع في فعل الترجمة كعملیة إبداعیة متماهیة. ما كان دافع بندر الحربي مثلاً لترجمة كتاب (جزر العبقرية) للدكتور دارولد تريفيرت؟
- بدأ دافعي للشروع في ترجمة كتاب (جزر العبقرية) للدكتور دارولد تريفيرت، والترجمة عموماً، من البحث عن المعرفة العالمية، وتحديداً تلك التي ظلت حبيسة لغتها الأصلية بعيدة عن متناول أيدينا. استدعت انتباهي في البداية ظاهرة نادرة وآسرة وهي ظاهرة العباقرة المعاقين، التي وصفتها (حين يلتقي العجز بالمعجزة). عرفت أن هذا الكتاب هو العمل الوحيد الذي تناول هذه الظاهرة بعمق متناهٍ، خصوصاً أن مؤلفه قد كرس لها ما يزيد عن خمسين عاماً من البحث والدراسة. ولذا لم أرَ الترجمة مجرد وسيلة لنقل وتوطين المعرفة والعلوم فحسب، بل أيضاً وسيلة للاكتشاف في جوهرها. وكما توقعت فقد أحدثت الظاهرة الطبية بعد ترجمتها حراكاً أكاديمياً ملحوظاً في الأوساط العربية.
هل أردت الوصول إلى مقاربة علمية لفهم العبقرية أم بحثاً عن حدود العقل الإنساني؟
- أردتُ كليهما، فهدفي يتجلى في الوصول إلى مقاربة علمية معمقة لفهم طبيعة العبقرية البشرية، واستقصاء حدود العقل الإنساني اللامحدودة. فالدماغ البشري لا يزال لغزاً عصياً رغم النقلة العظيمة التي أحدثتها أنظمة التصوير العصبي الوظيفي المتطورة في سبر بعض من أسراره. وهذا العمل ليس سوى لبنة أساسية تُضاف إلى مسيرة البشرية الطويلة في بحثها المستمر عن جوهر العبقرية واكتشاف الأبعاد الحقيقية للعقل البشري.
في (وداعاً بابل) لمؤلفه مايكل إيرارد، هل ألفیت نفسك داخل هذا النص متماهیاً بطريقة ما كمترجم معني بإيصال فكرة أو محتوی مغایر؟
- تُكمِّل هذه الأبعاد شغفي، إذ يجمع الكتاب بين القدرات الاستثنائية للعقل البشري وعالم اللغات والترجمة، وهي مكونات مغرية لأي مترجم أو متعلم أو متعامل مع اللغة. ليس هذا فحسب، بل يضيف الكتاب إلى ذلك سرداً لتجارب شخصيات تاريخية ومعاصرة يمكن استجوابها والتعلم منها مباشرة عن طرق تعلم اللغات وتجاربهم الشخصية. فاللغة كما هو معلوم تمثل تحدياً جوهرياً للعقل البشري؛ تتطور ببطء وتدرج كالطفل تماماً حتى تكتمل وتشتد. وفي هذا العمل وجدتُ حكايات ومعارف غزيرة عن هذا العالم اللغوي الفسيح.
ما العثرات التي ربما واجهتك خلال ترجمة (الملعقة المختفية) لسام كين، كنص يمزج بين العلم والسرد والحس الفلسفي؟
- يمثل خوض غمار العلوم البحتة، مثل الكيمياء، تحدياً جميلاً يواجه مترجم العلوم الإنسانية، لكنها في الوقت ذاته تجربة ثرية للغاية. ففي هذا المضمار يجد المترجم نفسه مضطراً أن يكون متعلماً أكثر من كونه مجرد ناقل، ويتحول إلى طالب يستشير المتخصصين في هذا العلم؛ ليفهم المضمون بعمق ويضبط المصطلحات بدقة متناهية. وما يميز هذه التجربة هو أنها كانت البداية التي انتبهت فيها بجدية إلى النقد؛ أصبحت أمام قُرّاء متخصصين في العلوم، لا تغريهم فصاحة اللغة أو بلاغتها للتغاضي عن الأخطاء العلمية أو المصطلحية. وبما أن هذا الكتاب بالذات يمزج بين العلوم واللغة والأدب، كان من الضروري أن ينال كل جانب من هذه الجوانب حقه الكامل في الاهتمام والتركيز.
لكنك وعلى العكس من تركیزك على اكتشاف الصمت كأنما تصف لذة الترجمة أحایین كما یتبدی ذلك من لغة وزاویة نظرتك بموازاة عناوین كتب أنجزتها؟
- في الحقيقة، لا أرى تناقضاً بين تركيزي على اكتشاف (الصمت) بمعناه الذي يشمل المعرفة المغمورة وبين متعة الترجمة. هما وجهان لعملة واحدة؛ بالمتعة التي أجدها تنبع تحديداً من التحدي المعرفي الذي يمثله النص الصامت أو المعقد، حيث تكون الترجمة عندي بمثابة محاولة لإخراج الصوت من الصمت الذي ظل حبيس لغته الأصلية، وإتاحته للآخرين. إن اختيار عناوين الكتب التي أترجمها سواء تلك التي تتناول العبقرية أو العلوم البحتة أو تحديات اللغة، هو الذي يحدد طبيعة هذه المتعة، فهي متعة الاكتشاف بأن من أوائل من يطرق هذا الباب المعرفي، ومتعة التعلم الذي يُجبرني على سبر أسرار علم لم أكن لأتعمق فيه لولا الترجمة، ومتعة التحرير لهذه الأفكار العظيمة لتُحدث حراكاً في الأوساط العربية. وبالتالي فإن الترجمة هي الممارسة الواعية لمعرفتي التي تهدف إلى البحث عن ذلك (الصمت)، واللذة هي مكافأة هذا التحدي الفكري العميق.
في كتاب (الضجيج: تاريخ إنساني للصوت والإصغاء) يطرح هذا المؤلَف رؤية أنثروبولوجية للصوت. كيف تعاملت مع طرح كهذا بوصفك مترجماً جاء من مدخل علم الاجتماع؟
- كان التعامل مع كتاب (الضجيج) برؤيته الأنثروبولوجية العميقة تحدياً ثرياً ونقلة منهجية. ورغم أن مدخلي هو علم الاجتماع، فإنني لم أجد في هذا التحول عائقاً، بل نقطة التقاء وتكامل؛ فبينما يميل علم الاجتماع إلى دراسة البنية والتنظيم الاجتماعي، تتوغل الرؤية الأنثروبولوجية التي يطرحها مؤلف هذا الكتاب في الأثر الثقافي والتاريخي العميق للصوت في المجتمعات، وكيف شكّل علاقة الإنسان بالعالم على مدى العصور. ومما زاد من أهمية هذا العمل أنه بدأ في الأصل من حلقات بثت عبر إذاعة بي بي سي ولاقت رواجاً كبيراً. كما أن هذه الظاهرة (الصوت والإصغاء) شمولية في كل مجتمعات العالم، وقد كان للمجتمع العربي نصيب من سرد المؤلف، فهو مجتمع عبقري في الخطابة وقوة البيان وللصوت دور بارز فيه. لهذا تطلب مني الأمر تبني العدسة الثقافية، واستيعاب تاريخ المفهوم، والحرص على ترجمة المفاهيم بلغة تستوعب هذا الامتداد الأنثروبولوجي؛ ليصبح التحدي فرصة لدمج المنظورين وإثراء النص المترجم. وعلاوة على ذلك، ولأن وصف الصوت من خلال اللغة استدعى بالضرورة البحث عن ألفاظ وعبارات دقيقة، فقد حتّم عليَّ البحث عما كان (صامتاً في القاموس)، لأستنطق المفردات المهملة وأجتهد في إيجاد مقابلات عربية تفي بهذا الطرح الأنثروبولوجي.
في ثقافات الشعوب تبرز سمات ومیزات على مستوی لهجات محلیة داخلیة أو التطبع الاجتماعي، كیف عن لك التعاطي مع: حس الدعابة البريطاني والسخرية الباردة عند ترجمة (ببغاء فلوبير) لجوليان بارنز مثلا؟
- التعامل مع سمات ثقافية دقيقة كما صادفتني في كتاب (ببغاء فلوبير) لجوليان بارنز، تطلب أن أمارس دور مؤرخ ثقافي قبل أن أكون ناقلاً لغوياً. وفي الحقيقة، كانت هذه من أصعب التحديات التي واجهتني، واكتشفت أن مترجمي لغات أخرى واجهوا المشكلة ذاتها تماماً، وعلى وجه التحديد مترجمي الرواية إلى اللغة الروسية. وهذا العمل تحديداً وصل إلى قائمة المرشحين لجائزة البوكر في الثمانينات، واحتار النقاد في تصنيفه نظراً للأسلوب الفريد الذي اتخذه الروائي. ومع ذلك، لا يزال يحظى بالقبول في مختلف ترجمات اللغات ويثير دهشة قرائه. وأثناء الترجمة توجب عليَّ تجاوز المعنى الحرفي للعبارات إلى فهم السياق الاجتماعي والتطبع الثقافي الذي أنتج هذه السخرية. فهذه الظلال الثقافية المعقدة حتمت أن أمارس دور (العلاقات العامة)؛ بأن أتواصل وأستشير من له القدرة على توضيحها وتبيانها بدقة. وهذا عنى أن الترجمة لا يجب أن تنقل الكلمات بظاهرها، بل أن تنقل المقصد والأثر الساخر على القارئ العربي، حتى لو استلزم ذلك إيجاد مقابل وظيفي في الثقافة العربية يحمل ذات الحمولة، مع المحافظة على النبرة الأنيقة والذكية للنص الأصلي.
متی یغدو (الجهل كتاباً: هل نظرت إلی ذلك كتاريخ للظاهرة الفینومینولوجیة من منظور عالمي)؟
- فيما يخص كتاب (الجهل)، فقد نظرتُ إلى هذا العمل بوصفه تاريخاً للظاهرة من منظور عالمي بحق، لكن تركيزي الأساسي كان على أن يصبح (الجهل كتاباً) يُقنّن هذه الظاهرة. ويبرز دور هذا الكتاب مقابل نظرية المعرفة (الإبستمولوجيا) في تقديمه علم الجهل (الأجنويولوجيا) بوصفه مشروعاً متعدد التخصصات يتقاطع مع التاريخ وعلم الاجتماع والسياسة، بالإضافة إلى تعريفه لأنواع متنوعة ومتباينة من الجهل وليس نوعاً واحداً مما يثري الفهم لكيفية عمله.
ولا يكتفي الكتاب بالتأريخ للجهل بوصفه تراكماً سلبياً بل يقدم رؤية وصفية للطريقة التي يتم بها إنتاج الجهل والحفاظ عليه ونشره عبر الثقافات والمؤسسات على مر العصور. وما جذبني بالترجمة هو المنهج الذي اعتمده المؤلف؛ إذ يؤكد فكرته من خلال إيراد العديد من الأمثلة التاريخية والمعاصرة التي لا تدعم الطرح النظري فحسب، بل تجعل القارئ يدرك أن الجهل ليس مجرد غياب للمعرفة، بل هو قوة فاعلة تشكل عالمنا.
هل یمكن أن یغدو الجهل موضوعاً أو تیمة ثقافیة وسیاسیة لا مجرد نقص في المعرفة بل كموضوع ثقافي. وكيف أثّرت هذه الرؤية في فهمك لدور الترجمة إجمالاً؟
- حينما ندرك أن الجهل يُمكن أن يكون (موضوعاً ثقافياً) يُنتَج ويُصان عمداً فإن دور الترجمة يتحول جذرياً؛ إذ تتجاوز كونها مهمة لغوية بسيطة لتصبح فعلاً إستراتيجياً مضاداً لهذا الإنتاج.
لم يعد الهدف مقتصراً على نقل المعرفة فحسب، بل صار يتجسد في نزع الستار عن آليات تكوين هذا الجهل وتفكيكها. بمعنى أوضح تُصبح الترجمة أداة للإضاءة والمقاومة المعرفية؛ فهي تجلب إلينا الأفكار والأبحاث التي تكشف عن الحقائق المعقدة كما في ترجمة أعمال مثل (قرناء الخير) أو (جزر العبقرية)، مما يُمكّن القارئ من تكوين (الصورة الكاملة) التي قد تُحجب أو تُشوّه عمداً بواسطة المنظومات الثقافية أو السياسية. هذا الوعي رفع مكانة الترجمة في نظري من مجرد جسر بين اللغات إلى رافعة لتغيير الوعي ومحاربة العمى الفكري المقصود.
ترجمت كتاب (اللغة في العصر الرقمي)، وهذه قضیة مهمة. هل شعرت أن اللغة تمس الواقع اللغوي العربي تحديداً رغم اختلاف وتقاطع الهویات والثقافات؟
- لمستُ بالفعل من خلال ترجمتي لكتاب (اللغة في العصر الرقمي)، والذي هو في الأساس عبارة عن أوراق علمية محكمة لعدد من الباحثين، أن القضايا المطروحة فيه تمس الواقع اللغوي العربي تحديداً، رغم اختلاف وتقاطع الهويات والثقافات. صحيح، تتقاطع اللغات مع بعضها البعض في هذا العصر الرقمي، حيث تتجه المفاهيم اللغوية ضمن هذا العلم إلى التوحد على الرغم من تنوع اللغات. ولهذا، استشرت متخصصين في اللسانيات للمساعدة في ضبط المفردات لضمان الدقة في نقل هذه القضايا المشتركة. أما الشق الآخر، وهو العصر الرقمي الذي يعيش البشر جميعاً في كنفه، فقد فرض تحدياته المشتركة على بنية اللغة العربية واستخدامها اليومي، تماماً كما فعل مع اللغات الأخرى.
وما توصل إليه هذا الكتاب فعلاً هو التأكيد على ضرورة التكيف مع العصر الرقمي في مجالات العلوم الإنسانية، واللغة على وجه الخصوص. وهذا يلامس جوهر الملاحظة التي أشار إليها المحررون، وهي أن العلوم الإنسانية حتى الآن لم تستفد بشكل كاف من ممكنات هذا العصر الرقمي الهائلة. لذا، كانت ترجمة الكتاب ضرورية لرصد هذه التحولات وتأثيراتها المتشابهة على لغتنا وبيئتنا الرقمية.
لكل ترجمة تعقیداتها وقد یشعر المترجم بـ(لذة النص) وفقاً للفرنسي رولان بارط. في السیاق: كيف یتعامل بندر الحربي كمترجم مع ظرف كهذا؟
- أتعامل مع هذا المفهوم بوصفه حافزاً معرفياً ومنهجياً أكثر من كونه مجرد لذة أو متعة حسية. هذه (المتعة) بالنسبة للمترجم ليست شعوراً سلبياً بالاستقبال، بل هي نشوة فكرية تنبع من مجابهة التحديات والغموض في النص. أجد هذه المتعة في اللحظة التي أتمكن فيها من فك شفرة اللغز اللغوي والثقافي المعقد؛ أي عندما أنجح في نقل الأثر الساخر أو النبرة الفلسفية أو العمق المنهجي للكاتب إلى القارئ العربي، وهو ما مثل تحدياً كبيراً في أعمال مثل (ببغاء فلوبير) أو (معنى القلق). هذه المتعة هي في جوهرها تأكيد على جدوى المغامرة الفكرية، وتصبح بمثابة بوصلة لاختيار الأعمال التي تعد برحلة عميقة ومحفوفة بالمخاطر المعرفية. وهذا يحتم عليَّ ألا أكتفي باستلام المتعة، بل بتفكيك مصدرها وإعادة بنائه ببراعة تضمن للقارئ العربي الوصول إلى ذات العمق والدهشة.
في سیاق مرحلي لمشروع ترجمة (من الجمل إلى الشاحنة: البدو في العالم الحديث)، كيف وجدت تحول الهويات التقليدية ضمن نسق تطوري؟
- وجدتُ في ترجمة هذا الكتاب الذي يُعد من أحدث الترجمات التي صدرت، ويهدف إلى تتبع تحول الهُويات التقليدية أن هذه التحولات تشكل نسقاً تطورياً لا يتوقف ويتأثر بشكل عميق بضغط التحديث وزحف الحضور الرقمي للمحتوى الثقافي والأدبي. لقد كشف لي النص أن التحول الاجتماعي والاقتصادي من الجمل إلى الشاحنة ليس مجرد تبديل في وسيلة النقل، بل هو تغيير في الهوية والنموذج المعرفي. فالهويات البدوية التقليدية لم تختفِ، بل تكيفت وأعادت تعريف نفسها في مواجهة التكنولوجيا والتحضر. ووجدتُ أن هذا الضغط سواء كان تحديثاً مادياً أو حضوراً رقمياً لا يؤدي بالضرورة إلى محو الهوية، بل يجبرها على إعادة إنتاج نفسها باستخدام أدوات العصر. الترجمة هنا كانت مرآة أظهرت أن القضايا التي يواجهها البدو في العالم الحديث هي جزء من الصراع العالمي بين الأصالة والمعاصرة حيث يُستخدم المحتوى الرقمي والأدب الجديد لإعادة صياغة القصص والذاكرة التقليدية، مما يثبت أن الهوية ليست ثابتة بل هي عملية مستمرة من التفاوض والتكيف مع أدوات العصر.
هل أثّرت مشاركتك في مشروع ترجمة المعلقات إلى لغات عالمية على تصورك لحدود (قابلية الترجمة) في الشعر العربي الكلاسيكي مثلاً؟
- بالتأكيد. إن إشرافي على مشروع ترجمة المعلقات إلى لغات عالمية، بالتعاون مع فريق محترف من المترجمين إلى الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والصينية، أثر بشكل عميق في تصوري لحدود (قابلية الترجمة) في الشعر العربي الكلاسيكي؛ فقد اكتشفت أن قابلية الترجمة هنا لا تتعلق بنقل المعنى فحسب، بل بنقل حياة من حياة مليئة بالمشاعر الإنسانية النبيلة. لكن هذا التحدي دفعنا إلى إيجاد مقاربات مبتكرة، حيث تحوّل التركيز إلى نقل الأثر الشعري والنبرة الوجودية للشعر الجاهلي، والبحث عن مقابل وظيفي في تلك اللغات يعكس ذات الدهشة والبلاغة.