مجلة شهرية - العدد (589)  | أكتوبر 2025 م- ربيع الثاني 1447 هـ

ذكرى التباريح!

ذِكرَى تُعاودُنِي تَرْوي تَباريحِي        والفقدُ نَزْفٌ تَوارى في تَواشيحِي
كمْ غُصةٍ أَخْفقتْ في البوحِ عن كمدٍ    بأضلعِي حَمْحمَتْ تَشتاقُ تَصريحِي!
سَأزفرُ الشِّعرَ تَخفيفاً، ولاعجتِي        وضَّأتُها أَحرفاً من دمعِ تَبريحِي
مهما سَكبتُ مَراثي القلبِ في جَلَدٍ    أَظَلُّ أبكيهِ في ذِكْري وتَسبيحِي
أَبْكي طيوفاً من الذِّكرى مُعانِقةً        نِياطَ بِرِّيَ في بَوحٍ وتَلميحِ
وَداعُهُ المُرُّ يا (لُبنى) يُؤجِجني        فَأظلَمتْ بَعدَهُ رُوحُ المَصابيحِ
آهاتُ نَبضيَ يا (بُشرى) مُبَعثرةٌ        تَستجمعُ الصَّبرَ في ضيقِ المَناديحِ
فكيفَ تُوفيهِ يا (حَسَّانُ) قافيتي        وكان يُزهِرُها بالوردِ والشِّيحِ؟!
سَقَانِيَ الشِّعرَ عَذباً من رَوافِدهِ        حَتى تَعمْلقَ في رَكبِ الأَماديحِ
وفي الطفولةِ أَنغامٌ يُساجِلُها        تُهدْهدُ الأُنسَ دِفئاً في أَراجيحِي
أَبِي، وتَنْقشُهُ الأمَجادُ مَلْحمةً        سَنَّ المَكارمَ في يُسرٍ وتَوضِيحِ
غَذَّى العَقولَ بآدابٍ ومَعرفةٍ        طُلَّابُهُ الشُّمُّ من صَفْو الجَحاجيحِ
ونَجْمُهُ المَنهلُ البَرَّاقُ مَفْخرةٌ        يَفيضُ جوداً بلا رَمزٍ وتَلويحِ
أَبِي، وبَسمتُهُ في البؤسِ حَانيةٌ        تُبدِّدُ الهَمَّ عن وجْهِ المَجاريحِ
(أنا المُتيمُ مَن مِثلِي يهيم بها)        معزوفةٌ قالَها في خدِّ توشيحِ
يَعني (المدينةَ) يَهواها، وغَرقدُها    مُنًى لخافقهِ، مَهْوَى التَّفاريحِ
أَبِي، وتُبحِرُ في الأتَراحِ مِحْبرتِي        وحَاءُ مَرْثِيَتِي هبَّتْ بها رِيحِي
أُزمِّلُ النَّفسَ بالتَّفويضِ راضيةً        وأسكبُ الوجدَ في شالِ التراويحِ
لهُ الدُّعاءُ بنبضِ القلبِ أَرفعُهُ        في همسِ تَمسيتِي في نفحِ تصبيحِي
يا ربِّ بابٌ إلى الفردوسِ يَجْمعُنا        والبِرُّ يُرشدُنِي: (هَذي مَفاتيحِي)

ذو صلة