إبراهيم عبدالمجيد: الرواية أمر يخص الروح لا الفكر
حوار/ محيي الدين جرمة: اليمن
بخبرة الحكّاء ومهارة النسّاج، تحضر بقوة تجربة الكاتب الروائي المصري إبراهيم عبدالمجيد، الذي استطاع بخبرته ومنجزه الروائي أن يجعل من القصة محوراً لافتاً في سردِه لإبداع مختلف، كما يجد القارئ في روايته الجديدة (سامح الفؤاد) الصادرة عن دار جداول في الرياض. تشبّع شخصياتها وموضوعها فنياً من زوايا مختلفة، لينتج عن ذلك خبرة عتّال ماهر في أرض السرد واللغة والحكايات التي يقتنصها بكل بساطة عميقة ليشارك قارئها، كمعتاده، حد الشغف بكثافة وسلاسة لغة وأسلوب وأحداث ورؤى متباينة. يُقدّم شخوص رواياته من روحه لا من أفكاره، فقلّ أن تماثلها روايات أخرى في سمات عدة. ما يجعل من روايات وأعمال إبراهيم عبدالمجيد، التي تربو على 25 رواية، وعدد من المجموعات القصصية، ومؤلفات أخرى، بتصنيف أجناسي مختلف؛ تتميز كثيراً وسط روايات عدة ومسهبة ترمي بها الكثير من المطابع ودور النشر العربية كل يوم.
في تجربتك، تسبق موهبة وخبرة ودربة الحكّاء باقتدار النسج وخيوط الحكاية؛ فهل يغدو الحنين بالفعل (جسداً للرواية) كما قيل أو كتب حولها الناقد علي مكي؟
- الحنين منبع مهم للرواية، فكثير مما يقفز فيها يكون خبرات سابقة. لكن الحنين كموضوع أو تيمة رئيسة أمر خاص بهذه الرواية، وهو أحد أسباب موضوعها طبعاً، وأيضاً أحد أسباب شكلها الفني. أثناء الكتابة، تجد الشخصية الرئيسة نفسها تنظر حولها وترى، دون أن أقصد، أشياء أخرى ضاع زمنها، أو تستمع إلى أغانٍ تثير الذكريات وغير ذلك. هل تعرف، مثلاً، أنني أثناء كتابة الرواية كنت، دون أن أقصد، أستمع من الغرفة الأخرى في منزلي التي بها التلفزيون إلى كثير من هذه الأغاني تصل إليّ كأنما سخر الكون نفسه لي. لقد شمل الحنين الشخصية كأنها حقيقة وكل شيء حولي.
إلى أي مدى يمكن للمكان الروائي وبيئة الشخصيات أن تترك أثراً في مخيال السارد، ومن ورائه قناع الكاتب أو الحكاء الخبير بعوالم السرد وخيوطه؟
- في الكتابة الصادقة، يصبح الكاتب مفعولاً به من الشخصيات لا فاعلاً. وهكذا يكون أثر المكان أيضاً. فما يكتبه يراه كما يكتبه لا كما هو في الواقع. الكاتب الصادق لا يدرك أنه في مكان وزمان آخر إلا بعد أن ينتهي من الكتابة. يحدث معي ذلك دائماً، حتى إنني أحياناً إذا خرجت من البيت ومررت على مكان جاء في الرواية، أدخله لأقابل الشخصية التي ظهرت فيه، ثم أدرك أن الرواية خيال. هذا يحدث معي دائماً، حتى أني منذ سنوات كتبت رواية بعنوان (السايكلوب) تظهر فيها إحدى شخصيات الكاتب من رواية سابقة هي (هنا القاهرة)، أحداثها في السبعينات، وتصنع رواية جديدة عن عصرنا، ثم لا يعجبها هذا العصر فتعود إلى عصرها.
كيف تتعامل روائياً حين يتطلب الفن ضرورة نأي الكاتب بعيداً عن فخ التذويت وأنوات الشخصيات؟
- الرواية أمر يخص الروح لا الفكر. أنا لا أكتب الرواية إلا إذا قفزت هي إلى روحي أو من روحي. لست من الكتاب الذين يكتبون رواية ليحققوا فكرة، فالأفكار مكانها المقالات. ولست من الكتاب الذين يحملون مفكرة يكتبون فيها فكرة قفزت إليهم قد تنفعهم في رواية. ذاكرتي هي النسيان. كل ما أراه ويثير مشاعري أتركه خلفي في اللاشعور الذي أعرف أنه سيأتي به يوماً كحلم من الأحلام. وما قرأته في الفلسفة وغيرها لا يضيع ويأتي بمعانٍ خفية للأحداث. بعد أن أبدأ الرواية التي قفزت من اللاشعور، الشخصيات هي من تتحكم في مسارها وأحداثها لا أنا، وكذلك هي التي تصنع النهايات. على طول الرواية أنا طوع بنانها، يأتي دوري في الكتابة الثانية، وأحياناً الثالثة وأكثر من مرة، في تكوين البناء الفني أراجع اللغة، وهل هي مناسبة لكل شخصية، أراجع تتابع الفصول وهل له معنى، أراجع مناسبة اللغة للمكان باتساعه أو ضيقه.. وهكذا. الموضوع وتطوره من فعل الشخصيات، والبناء الفني لي في الكتابة الثانية أو الثالثة وأحياناً أكثر من كتابة كما قلت. لا أحمّل الشخصيات أفكاري بشكل مباشر، حتى إذا تصورت أنت أو الناقد أن في الرواية شيئاً من سيرتي، فلقد صار في الرواية خيالاً فنياً. الذين يكتبون الرواية وهم على دراية بكل ما سيحدث أو يحدث أولى بهم كتابة المقالات.
يتعين التاريخ أو الـ(قصة) في روايتك الجديدة بما تحيل إليه رمزية وتأثيرات حدث يبدو كخيط سردي، أفهم رؤية سامح لماجدة لتلتقي وتتقاطع أحداث السرد وتتواتر دائرية بعد ذلك، من أين تبدأ الحكاية لديك؟
- تبدأ الحكاية من حيث بدأها بطلها سامح لا أنا. لم ينسَ الحكاية رغم نهايتها عام 2000. لم يكن على دراية أنها ساكنة لا تزال في روحه، وهذا يتناسب مع الصدق في الحب الحقيقي، فما بالك أن هذا كان أول حب له، وإن حدث في سن متأخرة. مهما ألقت فوقه الحياة بغيومها يمكن أن يقفز. وقصص الحب الجديرة بالكتابة دائماً هي التي تنتهي بالفراق. قفزت الذكريات عام 2010. ولأنه كاتب قصة قصيرة ومشغول بما حوله في الحياة؛ لم يشأ أن تكون حكاية الحب الضائع بعيدة عما حوله في الرواية التي يكتبها. طبعاً قد تكون هناك صعوبة في دائرية الزمن، لكن خبرته في الكتابة جعلته يجعلها سهلة على القارئ. كان مدركاً مثلاً أنه حين تقفز السياسة مما حوله، عليه أن يتخلص منها بسرعة حتى لا تفسد الرواية.
ربما تكشف طبيعة العمل عن هوية المكان وديناميكية الشخصية وحركتها في مجالات مفتوحة: (القاهرة وشارع طلعت حرب والإسكندرية والميرلاند) وغيرها كأماكن نابضة بالحركة، واقعاً ومتخيلاً؟
- هي أماكن الأحداث التي عاشها الكاتب مع بطلته. كان يمكن أن تكون أماكن أخرى، لكن هكذا حدث متسقاً مع سكنه وعمله وسكنها وعملها. كذلك يمكن أن تقول إني خلال حياتي عرفت أماكن كثيرة جداً في مصر كلها تركت في روحي مشاعر لا تنتهي، ولأن أكثرها تغير، يأخذني الحنين إليها دائماً.
تتعالق روايتك بتفاصيل بعضها مدمجة ومتخيلة، كما تستدعي أيضاً موسيقى صاحب بحيرة البجع وبيتهوفن وعناصر أخرى تتسق وطبيعة القصة والرومانس والتيمة أو العتبة الروائية؟
- هذا طبيعي مع راوي الرواية، وهو كاتب قصة ومثقف ويحب الموسيقى الكلاسيكية والعربية، بل لديه مكتبة في شارع الفجالة يبيع فيها الكتب وشرائط الموسيقى. ولأنها قصة حب ضائع، تقفز المقطوعات الموسيقية المناسبة لحالته. وكذلك يفعل الخيال الذي يحمله إلى جمال افتقده أو كان يتمناه يوماً. خيال جاء من ثقافته ككاتب ومعرفته بعالم الأساطير القديمة إلى جانب معرفته بأشياء أخرى كثيرة تناثرت بين صفحات الرواية.
في الرواية تختلف العوامل وتبدلات علاقة الشخصيات في أماكن وأزمنة تشتبك خلالها الذكريات واللقاءات بالحنين.
- هذا طبيعي مع كاتب الرواية، فهو أديب يعرف معنى البناء الفني، وكيف يكون التنقل بين الأماكن والأزمنة مساهماً في جذب القارئ وعدم تشويشه بأحاديث خارج الموضوع.
في الرواية تحتل المقاهي والكافتيريات مساحة كبيرة للقاءات، لكنه أيضاً يجد بها غرائب مثل قطع الملابس التي تظهر له فوق المقاعد وتشكو لها ما حدث لها عبر الزمن. ما المقصود بذلك في رواية عن الحب الضائع؟
- المقاهي والكافتيريات والحدائق عادة هي أماكن نزهة المحبين. هنا حين يجد نفسه وحيداً في المقهى، قفزت الملابس فكانت على المقهى أيضاً. طبعاً لم يكن في ذهني أن أفعل ذلك، فالرواية تكتب نفسها، لكن هذه الأحداث الغرائبية حين قفزت أحسست أنها أعطت الرواية أفقاً خيالياً أرحب ومنعشاً، وله معنى عن تغير الزمن. فالبنطلون أو السروال الشارلستون الموجود وحده على المقعد بالمقهى يدهشه ويخاطبه، فيحكي له كيف صار وحيداً لا يشتريه أحد، بينما لا يزال الباعة يضعونه في واجهة المحلات، ينظر إليه المارة ولا يشترونه، بعد أن كان يوماً في سنوات السبعينات موضة لكل الشباب. ويسأله لماذا يصنعونه حتى الآن ويضعونه في الفاترينات للفرجة كأنما يغيظونه. لماذا لا يتوقفون عن صناعته بدل عرضه في الفاترينة بلا مشترٍ؟ الأمر نفسه في الجوبات والميكروجوبات وفساتين الشانيل بعد أن صارت النساء ترتدي ملابس الصحراء والحجاب، ولا يكشفن شيئاً من سيقانهن أو أذرعهن أو شعر رؤوسهن، فضاع النور من البلاد. الحديث مثير ويكشف عن التغير الذي حدث في ثقافة الناس. أعجبتني فكرة أن يأتي الحديث على لسان الملابس، فيدخل بالرواية إلى غرائب مشوقة بدل أن يقوله الكاتب.
لماذا قفز التاريخ الفاطمي في مصر واحتل صفحات من الرواية، هل قصدت ذلك؟
- لم أكن أقصد طبعاً، لكن الصدفة جعلت البطل، كاتب الرواية، يلتقي بعجوز مثله على مقهى يسمى (بارادي) أي الجنة، في منطقة الدقي، يتصور أنه شاعر قديم قابله يوماً واختفى. يخاطبه سعيداً باعتباره الشاعر القديم الذي قابله على مقهى ريش، لكن الرجل يصحح له المعلومة أنه ليس بشاعر، بل تاجر سيارات كان معلماً بالمدارس من قبل، ولما يعرف أنه كاتب رواية يحكي له قصته فقد تفيده. حدث أنه ذهب إلى أحد مهرجانات السينما في القاهرة ليشاهد أفلاماً جديدة، فقابل ناقداً سينمائياً كان تلميذاً في مدرسته يوماً، يصحبه بعد الفيلم إلى لقاء مع النقاد المصريين والعرب، يجد من بينهم فتاة تُسمى (فاتيما) من المغرب، شديدة الشبه بالفتاة التي كانت أول حب في حياته. ولأن هذا الحب ضاع، فقد أيقظته فاتيما في روحه رغم أنه تزوج وأنجب، لكنه مثل الكاتب فقد زوجته. يستيقظ الحب القديم فيأتي الرجل إلى المقهى ليخرج من الحزن. يتركه سامح ويجد نفسه يزور منطقة مصر القديمة وحي الحسين، يشاهد آثار الفاطميين ويقفز السؤال: من تشبه ماجدة حبيبته؟ الفاطميين الذين وفدوا من المغرب أم المماليك الذين وفدوا من أوروبا أم المصريين القدماء؟ أيقظ الرجل الذي يشبهه فيه قصة حبه الضائع، فقام بهذه الرحلة ليعرف من تشبه ماجدة. يرى جسدها ووجهها المصري فيه من وجوه البحر المتوسط التاريخية، كما فيه من المصرية القديمة، وهكذا ينسى فاتيما ويمشي مع ماجدة بين الآثار. القصة جاءت دون قصد لكنها عفوية جداً، أضافت إلى قصة حب سامح أفقاً أوسع.
بالرغم من حجم الرواية الذي يحيل إلى طبيعة وصفة وقصر (النوفيلا)، إلا أن لغة وكثافة ورمزية الخطاب الذي يشكل بنية العمل استطاعت أن توصل مفارقات ملهمة لقارئ مضمر. هل هذا ما أردته ككاتب من سمات ودلالات تميز جدّة العمل عما سبقه؟
- النوفيلا أو الرواية القصيرة جنس أدبي أحبه منذ أكثر من أربعين سنة. كان أوله رواية (ليلة العشق والدم) عام 1982، ثم (الصياد واليمام) عام 1984. تتالت الرواية القصيرة فيما بعد، فقبل هذه الرواية بسنوات جاءت رواية (شهد القلعة)، ومنذ عامين جاءت رواية (قاهرة اليوم الضائع)، ومنذ عام جاءت رواية (32 ديسمبر) التي نشرت هذا العام أيضاً. أحب النوفيلا كما أحب الرواية والقصة القصيرة، لكن في الثلاثة ما يحدد شكلها هو الموضوع نفسه وشخصياته. هكذا أتت الرواية نوفيلا. لست ممن يحبون الحكي الكثير، فالحذف أهم من الإضافة. تأتي الرواية كبيرة حين يحدد موضوعها وشخصياتها ذلك، وتأتي نوفيلا كذلك أيضاً. وربما لحبي للنوفيلا يحقق لي اللاشعور ذلك في مثل الأعمال التي ذكرتها. والنوفيلا ليست مجرد رواية قصيرة فقط، لكنها، كما تقول، بناء فني شديد الاقتصاد، وهذا أمر ليس بالسهل إلا على من يفهمه.
هل تهتم فنياً لفكرة ترجيح ميزات في روايتك الجديدة عن سابقاتها، أم تبقي الأمر لاستنتاج النقاد وقراء التجربة واكتشاف خبرة الحكاء الذي يقتنص قراؤه فرصة صدور رواية جديدة له؟
- عشت مؤمناً أن ما يهمني هو بناء رواية جديدة في كل شيء، وأن متعتي في الكتابة هي ما أفوز به. الرواية أو القصيدة أو الإبداع عموماً أثناء الكتابة يشعر الكاتب أنه عمل مقدس، لكن بعد النشر يدرك أنه صار سلعة، متروك أمره إلى النقاد والقراء. لا أضعهم في ذهني أثناء الكتابة. ما يهمني هو الصدق الفني في حركة الشخوص ولغاتها، والبناء الفني الذي يعبر عن ذلك. أما تلقي العمل وكيف يكون، فليس في ذهني، وإن كنت أدرك أن الصدق الفني والبناء الجديد سيجد من يقدره إن لم يكن اليوم فغداً. يكفيني ما حصلت عليه من متعة مع شخوص وأحداث صارت هي حياتي الحقيقة أثناء الكتابة، حتى أنني لا أنتبه إلى ما حولي.
ما مدى تأثير شعريّة اللغة أو الحكاية برأيك في طبيعة وكتابة الرواية، وأنت حكاء من زمن المخضرمين وخبير في شؤون الرواية إن جاز ذلك، لا تعوزك اللغة ولا يعوزك كذلك الأسلوب المتعدد الفن في نسج أعمالك وتميزاتها؟
- شعرية الرواية تأتي من بنائها الفني، وليس من اللغة الشعرية. اللغة تكون شعرية حين تكون متماهية مع شخوصها، وليس استخداماً لمحسنات بديعية أو غيره من أصول الشعر، إلا إذا كانت الشخصية شاعرة، وقد تكتب أيضاً في الرواية قصيدة. والبطل هنا جعله الحب يكتب الشعر في محبوبته مرتين في قصيدتين نشرهما في إحدى المجلات مدركاً أنها ستقرؤهما. هذا أمر عشت مؤمناً به، لذلك يكون جهدي في الصدق والبناء الفني.
اليوم، كيف تجد مستقبل القراءة بصورة عامة في الحالة العربية، واستعمار العقل الرقمي لاتجاهات ووعي التلقي غالباً؟
- العقل الرقمي الآن أحد أساسيات عالمنا، وطبيعي جداً أن يتسرب ذلك إلى الرواية. لم تعد الرسائل خطابات بريدية كما كانت يوماً. وأنا، رغم العمر، لا أنفصل عن هذا العالم المعاصر. في روايتي منذ 2009 كثير من الإيميلات والشات بين أبطالها. بل خصصت لذلك رواية كاملة هي (في كل أسبوع يوم جمعة) نشرت عام 2009. المهم كيف يجعل الكاتب هذه الحياة الرقمية أدباً، وليس مجرد نقل ساذج لما حوله. رواية أخيرة مثل (32 ديسمبر) تأخذ الإيميلات مساحة كبيرة منها، تتطور بها الأحداث دون تدخل مباشر مني. وتجد هذه الحياة الرقمية في كل رواياتي عن زمننا الحالي، لكنها قليلة في هذه الرواية (سامح الفؤاد) لأن أحداثها قبل عام 2000، ولم يكن العقل الرقمي قد تسيد الفضاء.
هل يمكن أن تلتقي رؤى الناقد والنقد ورؤية كاتب الرواية في أحوال وتفسيرات العمل الأدبي؟
- الناقد حين يقرأ الرواية أو العمل الأدبي دون أفكار مسبقة من المدارس النقدية، يستطيع أن يصل إلى رؤية الكاتب، ويستخرج منها معاني جديدة تفيد النقاد، وتبهج الكاتب الذي عادة لا يكون مدركاً لكثير من معاني الرواية. وقد فعل العزيز علي مكي ذلك في مقاله عن الرواية، وأسعدني جداً.