منذ أنْ كُنتُ صغيراً
قد عَلِمتُ أنّ بَعدَ العُسر يُسراً
بعد ذاك اليوم لم أخشَ الصعاب
فحلمتُ..
وتماديتُ كثيراً في الأماني
حيث إني، لم أعد (أَقَنعْ بما دون النجوم)
ومضيتُ في براري العشقِ
دون أنْ أدري
فساقتني خُطاي
خَلْفَ كثبان الرمال
عَلّني ألقى ملاكاً
لم تُلوِّثه نفايات المدينة.
فالتقينا..
ورَفعنا رايةَ الفرحِ المُبجَّلِ
وتعاهدنا على أنْ نملأ الدنيا سروراً
وحلمنا أنْ نجوبَ الكونَ
كي نزرع في أرجائه أحلى الأماني
وعَقَدنا العزمَ أنْ نمضي بعيداً في دروب المُتعَبين
علّنا نعرفُ منها بعض أسرارِ الشقاء
هالنا ما قد عرفنا
داهمتنا غيمةٌ سوداء كالليلِ البهيمِ
ورعودٌ زلزلتْ أحلامَنا
وبروقٌ أشعلتْ نيران خوفي.
قلتُ: يا توأم روحي
شاركيني بعض هَمّي
وأصيخي السَّمعَ
علّ القلب يُنبيك بما يُخفيه مِن وجعٍ عميق
واسفحي أحلاميَ الحمقاء في نهر الفراتِ
لِيُطفِئ الماءُ المُقدّس نار حزني
أو لِيُبْرِئ ما تبقّى مِن جروحي
لم تَعُدْ بي هِمّة للسير في هذا الطريق.
فأجابتْ قبلَ أنْ أُعلنَ عجزي:
هل نسيت؟!..
أنّ مهري كان وعداً
إذ تعاهدنا على أنْ نملأ الدنيا سروراً وهناء
وسنهدمُ كلّ أوكار الشقاء
لا تَقِفْ يا فارسي.. حتى وإنْ طال الطريق
إنّ وَعْدَ الحرِّ دَينٌ
لا تصبّ الزيتَ فوق النارِ.. يزدادُ الحريق
فَيصيرُ الحلمُ قشّاً.. أو رماداً
ثمّ تذروه الرياح
فلنغذّ السير يا توأم روحي
إننا.. قاب قوسين وأدنى مِنْ تباشير الصباح
ها هي الأطيار تشدو فوق أغصان الأقاح
وغداً.. تُشرق الشمس
فيزهو الكون في طَلْعٍ نضيد
وترى حولَك ما يسرّ القلب مِنْ فَرَحٍ
ومِنْ حَبِّ الحصيد
هو آتٍ لا محالةَ..
إنه أقرب مِن حبل الوريد.