مجلة شهرية - العدد (586)  | يوليو 2025 م- محرم 1447 هـ

انتصاراً لنفسي ولحافة الطاولة المتقشرة

ليس لدي لون مفضل،
هذا ما اكتشفته، نعم، ليس لدي لون مفضل،
وهذا ما يجعلني أسأل نفسي..!،
أو بالأصح يجعلني أتحدث إلى نفسي..،
لماذا لا يكون لدي لون مفضل..؟!،
أنسب له انتشائي الصباحي الذي قد لا يناسب المرآة..!،
أنسب له خروجي المتأخر في الليل من المقهى، وأنا متصالح مع كل الظواهر
الكونية..!،
أنسب له وقوفي على (نافذة الحياة) لبابلو بيكاسو، النافذة، العجيبة، العجيبة،
العجيبة، وصمودها مئة عام،
أنسب له قناعاتي بالخرافات،
أنسب له اللحظات التي أتباهى فيها كسريالي لم تخذله أحلامه ومشاعره،
أنسب له متعة الموسيقى الكلاسيكية، التي ألجأ إليها عندما أريد أن أتمرد على
أحزاني..!،
الموسيقى الكلاسيكية التي تسحرني،
الموسيقى الكلاسيكية التي تشعرني برقة قلبي،
الموسيقى الكلاسيكية التي تزين المهمل في كامل روحي،
لأصعد سلمها اللانهائي..،
وكأنها آخر، آخر، آخر النغمات المتبقية، في هذا العالم،
من أجلي هي باقية في هذا العالم..!، نعم، النغمات باقية في هذا العالم من أجلي،
سلمها اللانهائي، أصعده.!
... بالفعل ليس لدي لون مفضل،
أنسب له أي شيء، ولو كذباً، ولو كذباً، ولو كذباً،
.............
.............
مثال حي..،
منذ ليلتين، وعلى أرضية المطبخ، قطع من طبق زجاج مكسور،
الطبق الذي سقط من حافة الطاولة الخشبية المتقشرة، نعم، حافة الطاولة
متقشرة..!،
وهذا ما يبرر سقوط الطبق الزجاجي،
وليس إهمال مني، نعم، أنا رجل أعزب وعلى مشارف الستين،
وأحياناً، يضعف نظري..!،
ولكن لم يسقط الطبق الزجاجي، إهمال مني..!،
قطع زجاج الطبق المكسور، المتناثرة، على أرضية المطبخ، لم أزلها..،
ولم أقرر التخلص منها..!،
وليس هناك أحد ألومه، خصماً أو شاهداً..،
ولكن الطبق المكسور سقط من حافة الطاولة
المتقشرة..!،
منذ ليلتين، وأنا أمشي بحذر في المطبخ،
اليوم قمت بشراء لمبة ذات إضاءة قوية للمطبخ،
إنني في معركة ولست في مناورة سلمية أو تجريبية..!،
ولابد أن أتسلح، بسلاح تكتيكي،
لمبة ذات إضاءة قوية، تساعدني في تفادي المخاطر التي قد تسببها، قطع زجاج
الطبق المكسور،
الإضاءة القوية جعلتني أكتشف كآبة المطبخ ولونه الرمادي،
اللون الرمادي، لون كئيب، يلتهم جدار المطبخ، كأنه تمساح في مستنقع أفريقي..،
وقد يكون سبباً في سقوط الطبق الزجاجي، نعم، اللون الرمادي الكئيب هو من
أسقط الطبق الزجاجي..، نعم، نعم، نعم، اللون الرمادي، الكئيب،
هو من أسقط الطبق الزجاجي..،
ولست أنا أو حافة الطاولة المتقشرة، كما كنت أظن..!،
قررت التخلص من قطع زجاج الطبق المكسور، سريعاً، وأن أدهن المطبخ بألوان
كثيرة، كثيرة، كثيرة..، الأحمر، والأزرق، والأخضر، والأصفر، والبرتقالي، وأيضاً،
اللون الأبيض، وألوان كثيرة، لا أعرف اسمها..،
ربما، ربما، ربما يكون بينها لوني المفضل..!،
فليس من السهل أن أتعرف على لوني المفضل..،
حتماً، ستكون هناك علامات وأعراض..!،
أن أشعر بحواسي كأشجار عملاقة، خرافية، منتشية، مشعة،
وهذا يعني أنها تؤيدني في كل قراراتي اللوجستية، وأن من أسقط الطبق
الزجاجي، لست أنا أو حافة الطاولة المتقشرة..!

ذو صلة