كتارا.. مدينة ثقافية متكاملة
اختير لمشروع الحي الثقافي القطري اسم (كتارا)، وهو اسم يرمز للعمق التاريخي للمكان، إذ استخدم أول مرة في خرائط بطليموس عام 150 م للدلالة على قطر. ويحتوي الحي الثقافي على العديد من المرافق الثقافية من مسارح وقاعات فن تشكيلي وموسيقى ومنشآت ثقافية مختلفة من شأنها أن تسهم في الارتقاء بالحركة الثقافية والإبداعية، وفق رؤية عالمية إنسانية طموحة، توفر بيئة من التفاعل المنفتح لرعاية وتفعيل مختلف الأنشطة الثقافية والإبداعية الفكرية والفنية، ليجسد بمبانيه العملاقة وديكوراته الفريدة مدينة متكاملة، تتخذ الثقافة إطاراً لها في المنطقة.
وتتكون كتارا من قسمين ثقافي وآخر استثماري، فالأول يشمل المسرح المكشوف على النمط الروماني، واثنين من المسارح المغطاة، وصالة متعددة الأغراض، وقاعات ومباني للجمعيات الثقافية والفنية. أما القسم الثاني فيشتمل على الأسواق ومجموعة من المطاعم والمقاهي العالمية، وسوق للمهن والحرف التقليدية والساحل البحري.
وقد أنشئ الحي على تخوم الشرق ليكون أول من يستقبل وجه الشمس، وكأنه شمس المعرفة التي تسطع على العالم من قلب قطر، حيث يقع على الساحل الشرقي لمدينة الدوحة. أما القسم الاستثماري فيطل على الساحل البحري، ويتكون من متجر ومطاعم ومقاهٍ عالمية مختلفة، لكل منها ديكوره الخاص الذي يعكس ثقافة دول العالم والشعوب التي تنتمي إليها، لإيجاد لغة ثقافية جديدة، وليشعر الزائر، بأنه في أجواء هذا البلد، وليستحضر عبر التصاميم روح تلك البلاد وعاداتها.
وتخصص هذه المشاريع لتكون عامل جذب ومكاناً للراحة والتقاط الأنفاس. أما الساحل البحري، فقد تمت تهيئته بعناية فائقة، لاستقبال الزوار، وتوفير جميع الخدمات اللازمة لجذب الجمهور.
طراز معماري بنكهة قطرية
يمتد المشروع الحضاري على مساحة شاسعة، ويتوسد شاطئ الخليج الغربي، أحد أرقى الأماكن العمرانية في قطر، وفق تصميم يمزج بين الحاضر العابق بنكهة العمارة القطرية، والماضي العريق بالطراز العربي والإسلامي، كما أن وجود المسرح المكشوف الذي يتسع لـ5000 متفرج، يعكس الاهتمام بمختلف الحضارات الإنسانية. فزائر الحي الثقافي سرعان ما يكتشف وهو يتجول بين أرجائه أواصر حميمة بين المباني وعلاقة الإنسان المترابطة مع ثقافة المكان والزمان، عبر الاستعانة بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا، مع توفير كافة احتياجات الثقافة من مسارح ودار أوبرا وقاعات للندوات والأمسيات، فضلاً عن توفير مقار للجمعيات الأدبية والفنية والثقافية، كمتحف الطوابع، وجمعية الفنون التشكيلية، والتصوير الضوئي، مع الاهتمام بوضع مراكز خدمية لزائري المكان، وضيوفه ومرتاديه الدائمين، من بنوك ومراكز أخرى.
فعلى سبيل المثال، يشعر الداخل إلى قاعة دار الأوبرا بغبطة لا متناهية من الإحساس بالجمال والدهشة، حيث الديكور الداخلي أشبه بلوحات فاتنة، ذات أبعاد فلسفية عميقة، ثرية بروح التراث المحلي، والفن الصادق الذي يلامس القلوب، والتي أراد مصمموها أن يحيطوا الزائر بمشاعر أهل قطر المفعمة بالطموح واستشراف المستقبل.
كما تتميز مباني الحي الثقافي بروعة التصاميم المعمارية الفريدة والخاصة، وأشكالها المتعددة وغير المألوفة أو المكررة في أيّ مكان في العالم، والقادرة على إثارة الإبداع والمواهب والفرح، وذلك حتى يطلق المبدع ما بداخله من طاقات الابتكار، ولكي يبقى هذا المشروع العملاق خالداً في ذاكرته، لا يغادره أبداً، كل ذلك في أجواء تمزج بين الأزمنة والأمكنة، حيث يرى الزائر بعينه وفكره كيف تتمازج ثقافات الشعوب وتختلط الحضارات وسط توزيع معماري غير تقليدي، يبتعد عن الرتابة، ويضفي على المكان روحاً طبيعية ولمسات واقعية، مجسداً بيئة حيوية تستحضر المثال الحقيقي القريب للحي القطري الخليجي القديم.
أما المسرح المكشوف فهو يعتبر أحد أكبر مسارح الهواء الطلق في الشرق الأوسط، وأحد المسارح المكشوفة القليلة في العالم التي تقع على شاطئ البحر، وقد خصص هذا المسرح لعرض الثقافات المتنوعة في العالم، بالإضافة إلى تزاوج هذه الثقافات بالثقافة القطرية المحلية انطلاقاً من حرص (كتارا) على تعزيز الحوار ومدّ جسور التواصل بين مختلف الثقافات والشعوب.
ويشكل الشاطئ الخاص بالحي الثقافي إضافة نوعية جديدة للقطاع السياحي المحلي، حيث استحوذ على اهتمام واسع من جانب شركات السياحة وفنادق المدينة التي استفادت من التسهيلات التي يقدمها، وقامت باستثماره وفتحه أمام الضيوف لاستقبالهم على مدار اليوم.
ويتميز شاطئ كتارا بواجهة بحرية رائعة، لتشكل معالم الحي الثقافي خلفية خدمية وجمالية رائعة لهذا الشاطئ الذي يبشر بمرحلة قادمة من الاستغلال الأمثل لشواطئ قطر التي تصنف على أنها أجمل شواطئ المنطقة.
مسجد كتارا
يقوم جامع (كتارا) الكبير بدور حيوي وبارز في نشر المفاهيم والقيم الإنسانية التي يزخر بها ديننا الحنيف، كما يعمل على ترسيخ قيم التعايش والتسامح والإخاء والمساواة. وقد استقطب جامع (كتارا) نخبة لامعة من كبار الدعاة وخيرة العلماء في قطر والعالم العربي والإسلامي، لإلقاء محاضرات قيّمة تتميز بتنوع الموضوع وثراء المحتوى، وخلال شهر رمضان المبارك تعقد في رحاب المسجد دورات مكثفة لتحفيظ القرآن الكريم بإشراف مدربين على درجة عالية من الخبرة والكفاءة، حيث تحقق هذه الدورات نجاحاً لافتاً وتشهد إقبالاً ملحوظاً من قبل الأطفال. ويعد مسجد (كتارا) الكبير تحفة معمارية فريدة من نوعها على مستوى المنطقة، إذ جرى تصميم المسجد من قبل المهندسة التركية زينب فضلي أوغلو، وفق أجمل وأفضل المواصفات الفنية والهندسية التي تبرز توليفة مدهشة تمزج بين مختلف الفنون الإسلامية عبر العصور، ما يعكس الثراء العجيب والتنوع النادر في حضارتنا العربية والإسلامية، فالتصاميم المعمارية الخارجية والداخلية للمسجد، بالإضافة إلى المئذنة والقبة والمحراب، جميعها مستوحاة من مساجد إسلامية عديدة اشتهرت بها حواضر ومدن وعواصم بلدان إسلامية مختلفة، فاللوحة الخطية البديعة المصنوعة من قماش مشدود والتي كتب فيها (الله مفتح الأبواب) وتشغل قلب المحراب، هي إحدى اللوحات المشهورة في الجامع الكبير في مدينة بورصة التركية، والذي اشتهر باحتوائه على عدد ضخم من لوحات الخط العربي التي أهديت إليه من قبل أشهر الخطاطين في العالم، فضلاً عن أن الأعمال اليدوية الفنية التي يزخر بها المسجد من خطوط وزخارف ونقوش وفسيفساء والتي تتألق بهاءً وسحراً وجاذبية، وهي من المشغولات الزجاجية والجلدية للنوافذ والأعمدة والثريات،؛ قد نفّذت جميعها من قبل أمهر الحرفيين والفنانين العالميين.
كما استوحى مسجد (كتارا) الكبير شكله الخارجي من مسجد قبة الصخرة في القدس الشريف، أهم وأقدم المعالم المعمارية الإسلامية.
(كتارا) تنقش اسمها في ذاكرة الإبداع
تعمل المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) منذ تأسيسها وانطلاقتها على خلق جيل ثقافي جديد، يتصف بالوعي والتنوير ويحافظ على الأصالة والتراث، فخلال الفترة الماضية، أطلقت المؤسسة العامة للحي الثقافي سلسلة من المهرجانات التراثية الكبرى مثل مهرجان المحامل التقليدية ومهرجان حلال قطر وبطولة سنيار ومسابقة المينّى، بالإضافة إلى رعايتها لمهرجان القلائل والصقور والصيد..
كما نظمت العديد من المهرجانات والفعاليات والأنشطة غير المسبوقة على مستوى المنطقة، حيث سارت قطر من خلالها نحو آفاق العالمية بانفتاح حضاري على سائر الثقافات.
وحققت تلك المهرجانات نجاحاً باهراً، لتنقش اسم (كتارا) في ذاكرة الإبداع عربياً ودولياً، وذلك انطلاقاً من إيمان إدارة الحي الثقافي بأن الثقافة تقوم على الانفتاح والرحابة والتبادل والتفاعل مع الثقافات الأخرى، وتعبيراً عن قناعتها الراسخة بأن للثقافة دوراً كبيراً في تعزيز التواصل الهادف والبناء بين مختلف الشعوب، وذلك مثل (مهرجان أفريقيا) و(الأسبوع الثقافي الكوري) و(المهرجان الثقافي الأوزبكي) و(مهرجان الإكوادور)، (احتفالية الصين في كتارا)، (رواق الحرف المغربية)، (أيام الثقافة المكسيكية)، (أسبوع التراث الفلسطيني)، (المعرض التركي)...
حدائق كتارا
يتميز الحي الثقافي (كتارا) بمساحاته الخضراء التي تثير لدى الزائرين الكثير من الدهشة والافتتان، من خلال المسطحات الموزعة على امتداد مساحة الصرح المعماري الفريد، ضمن منظومة هندسية بديعة، تبرز جمالية تصميمها واختلاف مكوناتها، بوصفها عنصر جذب سياحي يحرص ضيوف (كتارا) على مشاهدتها وتأملها والعيش معها في لحظات ممتعة ورائعة من السعادة والفرح.
وتبلغ المساحة الإجمالية لحدائق الحي الثقافي (32700 متر مربع)، وهي مجموعة من البسط السندسية والمروج الخضراء التي تم تصميمها بأساليب حرفية فائقة الجودة، وفق أشكال هندسية رائعة تستمد عناصرها من مختلف الأنماط، ويجسد تنوع نباتات الزينة والأشجار المزروعة فيها والتي تبلغ نحو (225) شجرة تم استحضارها وجلبها من مختلف الدول والقارات لتنمو في التربة القطرية، بالفكرة التي أنشئت من أجلها (كتارا) بأن تكون بحجرها وبشرها وشجرها واحة ظليلة لالتقاء الثقافات وتمازج الحضارات، وساحة فسيحة للانفتاح على الفكر العالمي، تحتفي بأصحاب الفن والإبداع والموهبة.
وتنتصب الأشجار الوارفة الظلال في فناءات (كتارا)، متوزعة على امتداد ردهاتها ودروبها وأزقتها، لتضفي على جاذبية المكان وسحره، رونقاً وتألقاً، كما تمنح أرضيات الحي الثقافي المفروشة بالحجر الجرانيتي إحساساً بالعراقة والأصالة والقِدَم، وهي إضافة متميزة ومهمة لأحد أهم عناصر جمال التصميم المعماري التي تزخر بها (كتارا).
وتحتوي جنائن (كتارا) على أنواع متنوعة من النباتات والأزهار الموسمية التي تستقبل الزوار بأريجها الفوّاح، بالإضافة إلى أعداد كثيرة من الأشجار المعمرة والدائمة الخضرة والسريعة النمو والمختلفة الأشكال والأحجام، والتي لها قدرة هائلة على التكيف مع الظروف البيئية المحلية، ما يجسد لوحة بديعة من ثراء الألوان يستمتع بها جمهور الفن والثقافة والإبداع، ويدخل في نفوسهم البهجة والسرور.
مشاريع كتارا
وتضم المشاريع الجديدة التي يجري العمل فيها على قدم وساق، وتشغل مساحات شاسعة من الحي الثقافي، مجمعات تجارية ومراكز تسوق ومطاعم ومراكز للياقة البدنية وحمامات سباحة، حيث يطل مشروع (كتارا فتنس سنتر) على ساحل الحي الثقافي من جهة مشروع اللؤلؤة، بينما يقع المجمع التجاري في الجهة الغربية من (كتارا) ويحتوي على العديد من المحلات التجارية المختلفة، ويطل على ساحة تتوسطها نافورة مياه، بالإضافة إلى تخصيص المباني الأرضية مواقف للسيارات.
أما المركز التجاري الخاص بالأطفال فهو عبارة عن مشروع سيفتتح مع بدايات العام 2017 لمركز يتكون من طابقين، يضم عدداً من المحلات التجارية ذات العلامات التجارية العالمية الراقية، كما يضم مجموعة من المكاتب والشقق الفندقية ومركزاً تجارياً للأطفال فريداً من نوعه.
وبالنسبة لـ(تلال كتارا) فهي تحتضن أجمل مشروعات الحي الثقافي المتطورة، إذ يحتوي المشروع على 383 وحدة سكنية تمّ تصميمها بشكل راق وفريد، حيث ستشيد الوحدات السكنية على التلال الموجودة على جانبي الحي الثقافي، بحيث تكون 133 من هذه الوحدات الفاخرة على شكل فلل تتكون من 4 إلى 9 غرف نوم، بينما تصمم 250 من الوحدات السكنية على هيئة شقق مكونة من 2-4 غرف نوم في حين تبقى الواجهة الخارجية مخصصة للفلل الفاخرة.