مجلة شهرية - العدد (571)  | أبريل 2024 م- رمضان 1445 هـ

الخيانة أنثى

تذكرين يا سيدة الحرائق يوم أهديتك (ظل الأفعى) فتجرع عنفوانك سم العنوان ثم همستي في مسمعي وبعينيك ارتعاشة لا تفك شفرتها إلا أنثى: (هداياك ألغام!).
اليوم فقط أصدقك القول يا حلماً هارباً... ما كان لمكرك أن يعمّر عمر حب.. فمنذ البدء كنت على يقين رجوليٍّ بأن امرأة تتلقفها الأحلام لا تمهلها الغرائز أن ترسو عند مرفأ رجل بنهايات مفتوحة.. كانت تلك آخر رسالة رقمها على صفحة بريده الإلكتروني.
أطلق سراح الرسالة بالضغط على أيقونة (إرسال) فاختفت نحو امرأة توارى طيفها من قبل. أطفأ الحاسوب وأخمد نيران القلب بمطافئ النسيان ثم لملم أشلاء ذاكرته التي أنهكها الحلم. وبين عمرين استعاد التفاصيل ومضات... امرأة بابتسامة سحر وبذاكرة قلب لا تسع حنين رجل واحد.. كانت أميرته وقتئذ وكان يكفيها من الوقت قصيره حتى تقاسمه أسرار الجنان فتغدو مهجته وترتب فوضى جنونه وأشياء أخرى ما كان لها أن تُنتشل من الغياهب إلا بحفار قبور مثلها.
ويوم أيقنَتْ أن فتنتها لا تأوي رجلاً مجرداً من جنسية الأصفار، أرخت العنان لنوارسها كي تحلق نحو مشروع حب آخر.. ويحها من امرأة تهب الحياة بمهارة كما تغتالك بحنكة تضاهي حنكة المخابرات العربية حينما تمعن في إذلال ضحاياها فتضرج يد المجهول بدمائهم.
 بقبضة باردة أوصد الباب خلفه.. أدار محرك السيارة متجهاً إلى عمله، ذاك الشيء الوحيد الذي متى ما انهمك فيه ألقى أعباء القلب جانباً. 
في الطريق رن هاتفه فتحاشى الرد أثناء السياقة احتراماً لقانون العواطف كي لا تصدمها المفاجآت، بيد أن إلحاح ذاك الكائن الغريب البارد المشاعر الذي تأتي كل أخباره راقصة على نغمات رنة واحدة أرغمه على فتح خط الاتصال دون أن أدنى فضول لاستكشاف المتصل.
ألو... حبيبي.. أتصل كي أخبرك بأنني في انتظار عطرك في المقهى ذاته الذي اعتدنا أن نرتشف فيه قهوتنا معاً.. وبحطب التحدي أوقدت لهب الأسئلة في جوانحه ثم أردفت: هناك يا وطني رجال جبروت حبهم قادر على ترويض أية أفعى واستدراجها للرقص في مهاوي العشق.
أي تواطئ أحمق تسوقني إليه هاته المستبدة؟.. فما سمعت الأفاعي يوماً عزف مروضها، بل هي تجاريه منذ بدء التكوين بصممها في عبثه وتدخله في عزف يسلب معناه من اللامعنى.
اهتزت سيارته عندما لفظتها الطريق إلى حفر استُحدِثت كي تجعل السائق العربي دائم اليقظة، فاستعاد تركيزه ورفع صوت المذياع: (..بعد فتور طويل في العلاقات بين المغرب والجزائر تقرر إعادة فتح الحدود بين البلدين...)
ضحك ملء فيه وزاد من سرعة سيارته حالماً أن يسبق الزمن يوماً فيصل إلى عمله قبل أن يرن ضمير هاتفه أو تغلق الحدود من جديد.
ذو صلة