نشر الزركلي (1893-1976م) ديوانه أول مرة عام 1925م، وكان في 96 صفحة من القطع الوسط، ولم يطبع مرة أخرى إلا بعد وفاته عام 1980م، وكان في 400 صفحة من القطع الوسط، ولم يضم المطبوع كل شعره، إمّا لأن الزركلي لم ينشر شعره كله، مثل قصائده الثلاث في مدح جمال باشا، مثل مطلع قصيدة له في مدحه:
احنوا الرؤوس وردِّدوا النظرات هذا جمـــــال مفرّجُ الكربات
أو نشره في مجلة أو صحيفة ولم ينشر بالديوان، مثل قصيدته الغزلية التي نظمها في شبابه، ونشرها في العدد الأول من المجلة العربية (شعبان 1395هـ / آب (أغسطس) 1975م) ومطلعها:
دعيني والسماءَ على انفراد أناجي النجمَ يطلعُ أو يغيب
وأسأل عنكِ غاشيةَ الدياجي وإن تكنِ الدياجي لا تجيـــب
أذاكـــرةٌ ليالينــــــا اللواتـي مضينَ وكلهن هوىً وطيب
أو أنه ترك شعراً مكتوباً على أوراق أو مفكرات، لم تصل إليه يد المشرف في الطبعة التي طبعت بعد وفاته. مثل قصيدته التي كتبها في مفكرته عام 1974م، ولم يثبت إلا البيت الأول منها، ويخاطب فيها الملك فيصل بن عبدالعزيز (1906-1975م):
تدفّق النيلُ من أعلى روافدِهِ فهل يكون لنجدٍ مثله نيلُ؟ أراد بهذا إمكان جمع المياه من أعالي جازان وغيرها، وشق طريق إلى نجد.
وأبياته (عتاب) للسياسي الذي رأس الشعبة السياسية في الديوان الملكي، وتولى إدارة وزارة الخارجية بالإنابة يوسف ياسين (1892-1962م) فكتب الزركلي في مقدمتها: جعل الملك عبدالعزيز بيني وبين الشيخ يوسف ياسين عملين متواصلين، هما:
(1) القيام بأعمال وزارة الخارجية بجدة.
(2) ما يتعلق بجامعة الدول العربية في مصر.. على أن نتداول العملين فيما بيننا: يكون أحدنا بمصر فيكون الآخر في جدة، وبالعكس، وكرر يوسف الإقامة صيفاً في مصر والإسكندرية، وأنا في جدة أيام كانت لا تطاق، فعاتبته:
طالتْ ليالي جُدَّهْ
في نَكَدٍ وشِدَّهْ
يقيمُ سيفُ الصيفِ فينا حَدَّهْ
كأنّما نحن الجُناة عندَهْ
أو أننا من رَهْطِ أهل الرِدَّهْ
وقد عَصَيْنا خالداً وجُندَهْ
سوفَ تُحَلُّ العُقْدهْ
إنْ هيَ إلا مُدّهْ
الصيف: 1945م
وأبيات له في مجلس مباسطة مع بعض الإخوان كانوا في ضيافة الصحفي الفلسطيني، صاحب صحيفة (الشورى) محمد علي الطاهر، أبي الحسن (1894-1974م):
كسر الفنجانَ أبو حسن وسعى ليهدمَ ما شادا
لو كان الرشدُ محالفَـــهُ ما غيَّر يوماً ما اعتـــادا
الطاهرُ يخرِبُ مملكــــةً إنْ مــسَّ الناسُ له زادا
وشاهد الزركليُّ مرة القانوني والكاتب الصحفي المصري فكري أباظة (1890-1979م) في التلفاز، وفي الصباح وجدت ابنته طريفة قد كتب على جانب السرير (رجل):
رجلٌ قام والرجــالُ قليلُ عارفاً ما يقول حين يقولُ
وسألته طريفة أتراك تقصد فكري أباظة؟ فأجابها باسماً: والله يبدو ذلك.
وهذه الأشعار وإن كانت قليلة جدّاً، وقد يبدو أنها إلى النظم أقرب، لكنها تضيف إضاءة جديدة على حياة الزركلي وشعره.