مجلة شهرية - العدد (576)  | سبتمبر 2024 م- ربيع الأول 1446 هـ

(إزعاج/إجعاز)، و تبادل حروف الكلمات: Words Letter-TRANSPOSITION

لاحظتُ عَبرَ السنين وسمعتُ نطق بعض الكلمات بعد (تبادل) مواضع حروفها.. فيَضطربُ المعنى! بل وبعضها صار شائعاً حتى عند المُتعلّمين. ومن أشهر الأمثلة: لفظة (معالق)، حين تَحِلَّ خطأً مَحَل (ملاعق)، ولفظة (يتفيهق) بينما الصحيح هو: (يتفيقه)!
وفي هذه المقدمة، يَلزمُ الإسراعُ بالتوضيح بأن معظم تخالف وتبادل مواضع الحروف يحدث فعلاً في (اللغة الدارجة).
أقول (معظم) المفردات، لا كلها: فحتى وافرو الثقافة وإن لم يقعوا في تخالف (ملاعق/معالق)، لكنهم لا يَسلمون من تخالف (تفيْقُه/تفيْهُق)، بل تجدهم يخطئون فيستعملون الثانية!
1. إزعاج √/ إجعاز x: والسر هنا، كما في أغلب الحالات، يكمن في الصعوبة عند مخارج الحروف! فنُطقُ الجيم هنا يأتي أسهلَ من نطق حرف الزين!
2. زواج √/ جُواز x: فالصحيح هو زواج، والأصل: زُوْج.
3. تَنَصُّت/تَصَنَّت: فالصواب هنا: تَنَصُّت، (فإنّ أصلها: الإنصات): وسائلُ التَّنَصُّت، لا وسائل التَّصَنَّت!
وعلى كل، فإن المؤثر المباشر هو تناسق ومدى سهولة مخارج الحروف.
4. فتافيت √/ تفاتيف x: فالأصل هو الفَت، الفِتات، الفَتّة.
5. خلبط √/ لخبط x: فالصحة في التهجئة الأولى (والباء في الحالتين مضافة/مُقحَمة، والأصل هو: خلط).
6. ملعقة √/ معلقة x: المصدر: (لَعَق)، فالصحيح (لَعَق/مَلعَقة). وليس: (عَلَق/معلقة).
7. كَتَّف √/كفَّت x: (كَتَّف) هو النطق الصحيح، فالأصل هو الكَتِف. والتكتيف هو شد وتطويق الأكتاف بالحبال!
(لكن حين قام الزميل الخاطّ د.عبدالله محمد فتيني، أستاذ الخط ورئيس جمعية الخط العربي، بالاطلاع على أصل مقالتي هنا، عَلّقَ عن معنى خاص (للتكفيت) في مجاله، بقوله: هو التطعيم أو التنزيل، حيث يتم بحفر الشكل على المعدن ثم يُضغَط داخل المحفور شريطٌ من لون معدن آخر مغاير، فمثلاً: تطعيم الفضة منقوشاً في معدن النحاس).. ويسمى (تكفيتاً).
8. كراوِع √/ كوارِع x: رغم الألفة على نطق (كوارع) عندنا (وفي مصر بخاصة)، إلاّ أني سمعتُ أحد إخواننا اليمنيين ينطقها: كراوِع، ففوجئتُ، ولكن عند تدبِّرها للحظة وجدتُ الحق فيما قاله أخونا اليمني: كراوِع، حيث إن المصدر هو كُراع.
9. مِزراب √/مِرزاب x: فالصحة في التهجئة الأولى، حيث يتوجه سيلان الماء الدافق بعد تجَمُّعِه على السطوح قبل أن ينساب ويزرب إلى أسفل، من خلال المزراب، (فالمصدرُ هو زَرَب.. وليس رَزَب).
ومن هنا جاء التعبير بمكة المكرمة عن (التزريب).. في مجال الإفراط في النسل والتناسل!
على أنه، وبذكر مكة المكرمة، فإننا أحياناً نجد (أيضاً) لفظة (ميزاب) في الكتابات المتأنقة كما في عبارة (ميزاب الكعبة)، وهو المزراب الوحيد من على سطح الكعبة، ويقع على الجهة الشمالية منها المطلة على حِجْرِ إسماعيل.
10. مِعضَد √/ مِضعَد x: أول ما سمعتُ بلفظة (مِضعَد) كان في البحرين حيث يشير بها النساء إلى السُّوار، وهو الذي عادة يُلبسُ حول الرِّسغ، غير أن كان قد صادف أني فهمت ما وراء النطق البحريني (مضعد).
لقد صادف أن كنت قبل 50 عاماً قد تَسوَّقتُ أثناء زيارة لمنطقة عسير، في سوق أبها وخميس مشيط، وتفاوضتُ مع بائعة أو اثنتين هناك أثناء شراء بعض المعروضات، وفي لحظةٍ لمحتُ سُوارين كبيرين على أعلى ساعد إحداهن (في العضد، لا في الرسغ).
وبذا يمكنني فهم لفظة (مضاعد) البحرينية كجمعٍ لمضعد، وبعد تناقل الحروف في (مَعاضِد).. جمع مَعضَد.
11. يباطِل √/ يبالِط x: نقول في مكة: (فلان يِبالِط) ونقصد: يجادل بالباطل. والصحيح هنا أن نقول: يباطِل.
12. يواقِح √/ يقاوِح x: وهنا نقول: فلان (يقاوح)، بمعنى أنه يتبادل التعبيرات في وقاحة، فالأصحُّ أن نقول: (يواقح).
13. يَلعَن √/ يَنعَل x: وكلمة السباب الثانية هذه مشهورة عندنا كما هي في مصر وغيرها، ولكنها تَحلُّ محل النطق الصحيح، يلعن!
14. يِتفيقَه √/ يِتفيهَق x: هنا أوردُ تبادلاً في النطق يحدث حتى بين المثقفين، كما في قولهم: (فلانٌ يَتَفيهَق)، بينما يقصدون (يَتَفيقَه)، أي يتحدثُ وكأنّه فقيه.. بينما هو فقط يتشدق! (يَتَفيقَه، تأتي من: فَقِهَ، وليست من فَهَق!).
15. رولِكس √/ لورِكس x: وأفادني بهذين اللفظين الدكتور الجِِدّاوي/محمد نويلاتي. وهنا يأتي دور تخالف/تبادل الحرفين/ الصوتين (ل/ر) وهما حرفان مشهوران في علم اللسانيات بالحروف الطرَفانية Lateral، على طرفي اللسان، وهذا مشهور في الياپانية: في، مثلاً: دولار/ دورال/ دورار، أو Election/Erection.
16. يتنرفز √/ يتنفرز x: وأصلها من nervous، وفي الأساس تشير اللفظة إلى ما بين التوتر والانفعال الغاضب. (والتناقل هنا بين التاء والنون). وبدأ استعمال الكلمة عندنا قبل أكثر من ستين سنة، أي منذ حوالي ستينات القرن 20.
واللفظ الذي شاع بيننا هو: يِتنفرَز، (هادا يِنَفرزني).
17. حَفَر √، فَحَر: والثانية منتشرة في اللهجتين المصرية والفلسطينية.
18. نارجين √/ نارجيل. نَهرجين/(رانجين/رانجيل): نبات آسيوي، Coconut، ابتداءً من كيرالا/ الهند إلى أقاصي الشرق الأقصى. ويختلف عندنا نطق اللفظين بين نارجين ونارجيل، من ناحية، وحتى بين (رانجين/رانجيل).
19. جَندَل√، دَنجَل: وأفادني بها الزميل الدكتور سليمان عبدالله المُهَوِّس، على أن هذا التبادل هو استعمال حساوي عن خشب السقف المعروف في القديم. وتكون (دَنچَل) Dunchul في لهجة المنطقة:
وهنا قد يمكنني أن أخمِّنُ أن كلمة (دنجل) هذه تكون في المصرية (دنكَل/dungul)، واسم الشاعر المعروف أمل (دنقل).
وعندما تلقى الزميل البحريني د.نُعمان محمد صالح الموسوي نسخة من أصل مقالتي هذه، تفضَّلَ فَعَلَّقَ بأنّ مِن أسباب الخلط بين الكلمات التي تتكون من نفس الأحرف، وبنفس عددها، هو أن هذه الكلمات تنتمي إلى حقل معرفي (دلالي) أو ثقافي واحد. وقد وَجدَ ذلك عالمُ اللغة العربي المعروف ابنُ جِنِّي، فبحسب تصوره، فإنه يمكن تبديل مواضع أحرف أي كلمة، وسينتج عن ذلك كلمة جديدة، لكنها تقع في نفس الحقل الدَّلالي أو المعرفي. مثال: (أ-ر-ث)، فيمكن تبديل مواقع الأحرف 6 مرات لتنتج لدينا 6 كلمات، وهي: إرث-أثر-راث-رثا-ثأر-ثرا، وهذه الكلمات لها علاقة بالإرث، والثأر، والموت، إلخ.. وتنتمي إلى حقل واحد.
وأختمُ هنا بزيادة زوجين لكنهما من نوعٍ آخر، وهما:
20. هُوية √/ هَوية x:
فنَجدُهما يأتيان عندنا بعدم الدقة في نطق الحرف الأول من (هُويّة) و(هَويَّة)، فمن الصحة قول (هُوِيَّة)، بِضَم الهاء، فالأصلُ من (هُوَ)، بينما (هَوِيَّة)، بفتح الهاء، تأتي من الهَوَى!

ذو صلة