تحتل فكرة الحب مساحة في سلم التراث الإنساني على اختلاف هوياته وأعراقه، بل أكاد أنحو في لحظة ما إلى أن فكرة الحب هي المحرك الأساس في المشغولات الإنسانية الجمالية، مثل: الشعر، والموسيقى، وفنون السرد، والتشكيل، ثم تأتي أغراض الجمال الأخرى من مديح ورثاء ووصف.. ونحوها، وعلى هذا الأساس يتربع الحب بوصفه عاطفة على عرش المؤثرات الإنسانية المرتبطة بالوجدان والإحساس والمشاعر، بدءاً بالحب الفطري، وانتهاء بأنواع الحب الأخرى.
ما قادني إلى الكلام أعلاه يعود إلى ملف «المجلة العربية» لهذا العدد تحت عنوان (قراءة معاصرة في الحب). والحق أنني توقفت أمام مقترح زملائي في المجلة حين قدموه، إلا أن طرح فكرة الحب ضمن ملف صحافي ثقافي رغم ما يعتورها من حيث تكرار الطرح أو خفوت الوهج؛ أقول يُعد عرض هذه الفكرة مرهوناً بمستوى الطرح المصاحب، وهذا ما جعلني مرة أخرى أتوقف مستمتعاً بعمق ما وصل من مشاركات من مختلف الدول العربية، بل إننا اضطررنا إلى تأجيل عدد منها لضيق المساحة.
بقي أن أشير إلى أنه رغم أهمية وضرورة استحضار التاريخ ضمن كتاب الحب؛ إلا أن الإضافة النوعية لهذا الملف -في رأيي- تكمُن في الطرح الفلسفي الذي تفضل به عدد من المشاركين الكرام، وتوجيه الرؤى في سياقها المعاصر.
وفي تقديري أن ما تعيشه البشرية اليوم يتجاوز تأثيره المدى المنظور، فالمعاني والرمزيات ليست ما كانت بالأمس، ولن تكون كذلك بالغد، فالبشرية تشهد حالياً تغيرات عميقة في صميم الثقافة المجتمعية عامة، وعلى هذا النحو تحضر منظومة الحضارة الرقمية التي بدأنا نتلقى كل يوم مصطلحاً جديداً لم يكن له حضور من قبل. ويبقى الحب في هذا العصر الرقمي، مكتظاً بالأسئلة، وسابحاً في موجات لا سواحل لها. ولكيلا أطيل فسأنقلكم إلى المشاركات المميزة في هذا العدد، متمنياً لكم المحبة والسلام دوماً.