مجلة شهرية - العدد (572)  | مايو 2024 م- ذو القعدة 1445 هـ

راصد الحركة الأدبية في المملكة.. رحيل بكري شيخ أمين

وتوارت شمس معلم الأجيال إلى مغيبها الأبدي، وبهذا المغيب فقد الأدب العربي أهم أعلامه ورموزه. الدكتور بكري شيخ أمين الذي رحل عن دنيانا مؤخراً؛ ينظر إليه كواحد من أهم أساتذة الأدب العربي، وقد غطت شعاع شمسه أرجاء العالم العربي، فلا يكاد يغيب اسمه أو مؤلفاته عن ردهات كليات الأدب العربية، اشتهر بكتابه (الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية) الذي نشر عام 1972م، وأعيدت طباعته أكثر من عشرين مرة. ولد الدكتور بكري محمد شيخ أمين في مدينة حلب عام 1930م، وحصل على الثانوية الشرعية عام 1950م، والثانوية العامة الفرع الأدبي عام 1950م، وحصل على الإجازة في علوم اللغة العربية وآدابها من جامعة دمشق عام 1954م، ودبلوم التربية والتعليم جامعة دمشق عام 1955م، وحصل على دكتوراه الدولة معهد الآداب الشرقية فرع ليون بفرنسا عام 1970م. درّس في العديد من الجامعات العربية، مثل: جامعة القرويين بفاس، وكلية اللغة العربية والشريعة بالرياض، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بحلب، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة الملك عبدالعزيز في جدة. كما أشرف على العشرات من رسائل الماجستير والدكتوراه، وقد عني بكري شيخ أمين بتدريس: المواد الشرعية (القرآن والحديث)، علوم اللغة العربية والحضارة الإسلامية، تاريخ الأدب العربي في مختلف العصور، صناعة الكتابة، علوم اللغة العربية، أصول التحقيق العلمي للمخطوطات وأساليبه، تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، فن التحليل الأدبي والجمالي. وله العديد من المؤلفات مثل: علم المعاني، علم العروض، علم البديع، كتاب مطالعات في الشعر المملوكي والعثماني، التعبير الفني في القرآن الكريم، أدب الحديث النبوي، صراعات المتنبي، قراءات نقدية في كتب سعودية، كتاب النحو بجزأيه الأول والثاني. يذكر بكري شيخ أمين رحمه الله، في محاضرة له في إحدى ليالي أسبوعية الدكتور عبدالمحسن القحطاني؛ حكاية كتابه الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية، وثناء الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، قائلاً: اختارني عميد كلية الآداب بجامعة دمشق الراحل الشاعر شفيق جابري ضمن الطلاب الذي يعملون مع المستشرق الفرنسي رجيب في رسالة التخرج، موضحاً أن المشرف أجبره على أن يكتب عن (الأدب السعودي)، ويعلل ذلك بأن الأدب المصري عليه عشرات الدراسات وكذلك السوري واللبناني، إلا الأدب الذي خرجت منه اللغة العربية، فجئت إلى المملكة وبدأت أشتري الجرائد وأقص، وأشتري الكتب. احتجت إلى مجلات (المنهل)، ولم أستطع الوصول إلى الأعداد، فذهبت إلى الجامعة الأمريكية وقلت لهم أنا أحتاج إلى (مجلة المنهل) للشيخ عبدالقدوس الأنصاري، وهي موجودة في مكتبة أرامكو، فأرسلوا إلى أرامكو برقية وصوروا لي المجلة من أولها إلى آخرها، ليبدأ الترحال فترة من الزمن، من الشرقية إلى الغربية وإلى تبوك وإلى الجنوب وإلى الرياض، أدخل في كل بيت وأعاشر كل أديب وأكتب حتى بلغة عدد البطاقات 120000 بطاقة.
ويوضح بكري شيخ أمين أنه حضر منتدى للأمير خالد الفيصل، عندما كان رئيساً لرعاية الشباب، وهنا تعرّف على مجموعة من الأدباء ويضيف: في الأسبوع التالي كنت أكتب فقال لي الأمير خالد الفيصل: «ماذا تكتب؟ قلت له أنا أعمل كذا، فقال أنا أساعدك، وعرّفني على كثير من الأدباء، وطبع الكتاب، وحضر المناقشة المستشار الثقافي، وأخذت امتيازاً مع مرتبة الشرف الأولى، فرحت جداً، وقلت غداً أسوّقها، ولكن لا بد من فسح، أرسلت نسخاً للفسح، لم يردوا علي، حتى قيض الله لي رجلاً من المدينة المنورة يعمل بالصحافة في السفارة قال لي: ما رأيك لو أوصلنا الكتاب إلى الملك فيصل؟ قلت له حبذا، وكتبت له خطاباً وشكل لجنة. ويقول إنه سمع من الدكتور معروف الدواليبي «أن الملك قال لهم ما في هذا الكتاب؟ فقال الشيخ حسن آل الشيخ يخطر في بالي أن يمر جيل أو جيلان ولا يكتب بمثل هذه الموضوعية. فقال الملك ما يوقف هذا الكتاب؟ هل الكاتب شيوعي؟ بعثي؟ اشتراكي؟ ضد الملكية؟ ينادي بالجمهورية؟ يطالب بثورة؟ والإجابات كلها (لا)، فقال الملك لماذا لا ينشر؟ فقال هو صريح جداً، يقول للأعور أنت أعور، فقال الملك دعوا الكتاب يدخل». حصل الفقيد على العديد من الجوائز وشهادات التقدير منها: ثناء الملك فيصل بن عبدالعزيز على كتابه (الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية)، وجائزة الدولة التقديرية في سوريا (الباسل) للإنتاج الفكري والأدبي، وتكريم وزارة الثقافة السورية للمعلم الأول بمدينة حلب، وجائزة الشيخ عبدالمقصود خوجة.

ذو صلة