مجلة شهرية - العدد (572)  | مايو 2024 م- ذو القعدة 1445 هـ

المرأة من السياسة إلى الرئاسة

يقدم المؤلف دراسة فقهية مقارنة يعرض فيها مواقف المؤيدين والمعارضين للدور السياسي للمرأة في الفكر الإسلامى.
ويتضمن الكتاب مقدمة وثمانية فصول ، يبدأ بعرض تاريخي لدور المرأة السياسي ثم يلقي ضوءاً على أربع قضايا رئيسية مازالت تثير جدلاً:

1 - تولي المرأة القضاء.
2 - تصويت المرأة في الانتخابات.
3 - ترشيح المرأة لعضوية المجالس النيابية.
4 - تولي المرأة منصباً وزارياً.
5 - تولي المرأة رئاسة الدولة وقضية الإمامة العظمى.
يعد امتحان المهاجرات ونزول نص قرآني صريح في ذلك واحدا من أعظم الأدلة على اعتبار الإسلام لمسؤولية المرأة، وتحقق معنى كونها مستخلفة في الأرض، بنفس درجة تحققه في الرجل ، ولم تمنع الفروق البيولوجية المرأة من الجهاد السياسي إذ هاجرت زينب بنت رسول الله (ص) رغم حملها، ومع جماعة ومنفردة، وبإرشاد غير مسلم يدلها على الطريق.
ويرى أكثر العلماء أن بيعة النساء للحاكم كانت اختيارية، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِي إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ)(الممتحنة: من الآية12) أى: إذا جاءت المرأة للمبايعة فبايعها، وليست البيعة التي يُنَصَّب بها الحاكم والإمام واجبة على النساء إلا إذا كان ذلك مما يتحقق به نصرة الإسلام على الكفر، كما في بيعة العقبة، أو إذا كانت البيعة على الإسلام والإيمان، واستدلوا بأنه لم يثبت يقينا في سيرة الخلفاء الراشدين اشتراك المرأة في بيعتهم مع وفرة الدواعي التي تؤيد مشاركة المرأة وانتفاء الموانع في ذلك الوقت، حين بلغت المرأة شأوا عظيما برفع الإسلام لمكانتها، حتى قال عمر -رضي الله عنه-: فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك حقا علينا من غير أن يدخلهن في شيء من أمورنا.
مسؤولية المرأة في الشورى
تشارك المرأة في المسائل التشريعية ذات الصبغة الفقهية، إذ إن لها بالإجماع حق الاجتهاد والفتوى وهو واجب كفائي.
وتشارك في الشورى في المسائل الفنية المتخصصة، إذ إن العبرة فيها بالأهلية بمعنى القوة والأمانة، وهي واجب كفائي.
كما تشارك في الشورى على المسائل العامة باعتبارها فردا في الأمة وهي مشاركة واجبة وجوب عين.
وتشارك في الشورى على المسائل الخاصة بفئة معينة من خلال العمل النقابي الذي تتأسس مشاركتها فيه على حقها في العمل المهنى، ومن خلال الاستفتاءات المحدودة إذا كانت ضمن فئة ذات مصلحة خاصة.
ويلاحظ أنه برغم دخول النساء في الساحة الفقهية، والعلاقة المهنية، والرابطة الإيمانية، فإن المرأة يظل لها بعض الأحكام الخاصة في الشرع، وبعض المصالح الخاصة في الواقع، وهو ما يستلزم الرجوع لعامة النساء قبل اتخاذ قرارات تخصُّهن في الدولة الإسلامية، وهذا هو ما فعله الرسول في عصره في أكثر من مناسبة، وهو ما فعله خلفاؤه الراشدون كعمر بن الخطاب الذي استشار حفصة بنت عمر أم المؤمنين -رضي الله عنها- ليعلم منها كم تصبر المرأة على خروج زوجها للجهاد، واتخذ قرارا بناء على رأيها مستهديا به فأمر القادة ألا يؤخروا الجنود عن زوجاتهم أكثر من أربعة أشهر. كما عدل القرار بعد صدوره بناء على وضعية المرأة ، فقد أصدر قرار العطاء لأطفال المسلمين بعد الفطام فعجلت النساء فطام أطفالهن حتى يأخذن العطاء مما كان له أثر سلبي عليهم، فعدل عمر عن قراره لما تبين له الضرر المترتب عليه.
كما تراجع عن إصدار قرار لمعارضته لمصالح المرأة أو لحكم الشرع: فقد أراد عمر تحديد حد أقصى للمهور فعارضته امرأة وهو على المنبر بقول الله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانا وَإِثْما مُبِينا) (النساء:20) فرجع عمر عن رأيه.
تولي المرأة القضاء
اختلف العلماء قديما في مسألة تولي المرأة لوظيفة القضاء بين مانع رافض لوجود المرأة على كرسي القضاء مطلقا، وبين مؤيد مجيز لذلك مطلقا، وبين مقيد لجواز توليها القضاء، فلا يجيزه لها إلا في حالات محددة ، ولقد تجدد الخلاف في عصرنا بين أهل العلم في هذه المسألة المهمة، وفيمايأتي آراء المذاهب الفقهية:
أولاً: المانعون مطلقاً: وهم جمهور الفقهاء، وعلى رأسهم المالكية والشافعية والحنابلة وهو رأي الشوكاني، ورأي الزيدية عموماً، وغيرهم.
 المانعون من أعلام العلماء ولجان الإفتاء في واقعنا المعاصر:
ومن العلماء والباحثين المعاصرين الذين منعوا المرأة من تولي القضاء:
1) السيد جمال الدين الأفغاني.
2) لجنة الإفتاء في الأزهر «سنة 1952م».
3) د. محمد عبد القادر أبو فارس في كتابه القضاء في الإسلام.
4) الشيخ سلمان بن فهد العودة في كتابه حوار هادئ مع الغزالي.
5) د. عبد المجيد الزنداني في كتابه الإسلام وحقوق المرأة السياسية.
وغيرهم الكثير.
ثانياً: المجيزون لتولي المرأة القضاء في بعض الأمور: هم الحنفية وابن القاسم من المالكية و بعض المعاصرين.
أجاز الحنفية للمرأة المسلمة أن تتولى وظيفة القضاء في غير الحدود والقصاص لأنه لا يجوز أن تكون شاهدة فيهما. وقال أبو حنيفة: (يجوز أن تكون المرأة قاضيا في الأموال).
فالحنفية يذهبون إلى جواز قضاء المرأة في كل شيء إلا في الحدود والقصاص، فيصبح قضاؤها في كل ما تقبل فيه شهادتها صحيحا، وشهادتها لا تقبل في الحدود والقصاص وتقبل في كل ما عدا ذلك.
رأي ابن القاسم من المالكية: أجاز ابن القاسم للمرأة أن تتولى القضاء فيما لا يتجاوز الأموال وما لا يطلع عليه الرجال.
المجيزون لتولي المرأة القضاء مطلقا (في كل الأمور) :
وهو رأي ابن جرير الطبري، ورأي ابن حزم الظاهري، وقيل إنه رأي الحسن البصري.
رأي كبار علماء عصرنا: أجاز تولي المرأة منصب القضاء مطلقا كثير من أعلام العلماء المعاصرين، منهم على سبيل المثال:
• الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله- في كتبه الأخيرة.
• د. يوسف القرضاوي في كتابه فتاوى معاصرة.
• د. عبد الكريم زيدان في كتابه المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم.
• د. محمد بلتاجي -رحمه الله- في كتابه مكانة المرأة.
• د. توفيق الواعي في كتابه المسلمات الداعيات ... وغيرهم الكثير.
تفنيد أدلة منع المرأة من تولي القضاء
- المرأة لا تقبل شهادتها ولو كان معها ألف امرأة ما لم يكن معهن رجل:
- وهذا الاستدلال قاله فقهاؤنا في عصر إفراد القاضى، ولا ريب أن الفتوى تتغير مكانا وزمانا وشخصا وحالا. وكما هو معلوم أن الشافعي لما جاء إلى مصر تغيرت كثير من آرائه الفقهية. وفي زمننا استقرت النظم القضائية الحديثة على أنه يجلس للقضاء في كل دائرة هيئة قضائية مكونة من رئيس وعضوين يتشاورون جميعاً، ويتعاونون في مراحل القضية المتتابعة لتحري الحق والحكم به، ولو غفل أحدهم عن اعتبار ما فيها ذكَّره الآخران به، سواء كان الجميع ذكورا أو إناثاً فإذا غفلت واحدة ذكرتها زميلتها الأولى أو الثانية، والآية عالجت القصور «النسيان» بتذكير الأخرى لها، وهذا يمكن أن يحدث في القضاء كما يحدث في الشهادة.
 مرونة التشريع الإسلامي تسمح بتنظيم القضاء وفقاً للعصر والأوان:
بعض النظم الغربية الحديثة تلجأ لنظام المُحلّفين الذي ينظر في القضية على مستويين متوازيين يدير القاضي فيه الجلسات، ليُِكِّون المحلفون رأيهم بأناة ثم يخبرون به القاضى، وقد يبلغ عدد المحلفين عشرة أفراد أو أكثر. ومن الملحوظ أن النصوص الشرعية اكتفت بالتوجيه نحو الحكم بالعدل وتَحريه، وتركت أمر التنظيم القضائي للمجتهدين في كل عصر.
معنى القوامة لا يلغي حق المرأة في تولي القضاء:
قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)(النساء: من الآية 34).
ليس في الآية ما يمنع من تولي المرأة القضاء، وقول المانعين إن الآية تدل على قوامة الرجل على المرأة، وتوليتها للقضاء يجعلها هي صاحبة الولاية والقوامة على الرجال وهي ممنوعة من ذلك شرعا -قولهم- ليس صحيحا على إطلاقه.
سياق الآية يوضح أن الكلام كله عن المرأة الزوجة خاصة، وقوامة الزوج عليها، وفي الآيات بعض العبارات القرآنية الدالة على ذلك: (وبما أنفقوا من أموالهم)، (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً...)؛
والخلاصة هو أنه لا مبرر لمنع المرأة من تولي وظيفة القضاء، بل الواجب هو توفير الضمانات الشرعية التي تَكْفُل تأديتها وظيفتها دون مخالفات شرعية. والمهم أنه لا يوجد نص صحيح قطعي الثبوت و الدلالة يمنع المرأة من تولي القضاء فنرجع إلى الأصل، وهو الجواز والإباحة.
كما ذكر من قبل وهو أن النص ورد في خصوص منع المرأة من تولي رئاسة الدولة أو الإمامة العظمى. ونظراً للاختلاف الشاسع بين الولاية العظمى وبين القضاء من حيث السلطات والصلاحيات والواجبات وغيرها، فإننا نقول: إن هذا قياس مع الفارق لأن رئاسة الدولة غير النظر في خصوص قضية محددة الجوانب فيها خلاف بين خصمين أو خصوم، لذا فلا نُسلِّم قياس القضاء على الإمامة العظمى.
قاضيات في أزهى العصور الإسلامية
استدل المجيزون لتولي المرأة وظيفة القضاء بمأثور الصحابة  وهو ما ورد من أن عمر بن الخطاب ولَّى الشفاء بنت عبد الله -امرأة من قومه- السوق أي الحسبة في السوق. ومن المعلوم أن الحسبة في السوق ولاية عامة وهي الرقابة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإلزام، وهذه الوظيفة تشبه وظيفة القضاء من أكثر من جهة، فكلتاهما من الولايات العامة التي يوكلها الإمام أو نائبه إلى من اشتهر علمه وعدله وفضله وخلقه، وذلك للحفاظ على حقوق الناس وأداء مصالحهم، ولذلك نقيس القضاء على الحسبة وما صلح أن يكون دليلاً على شرعية قيام المرأة بوظيفة الحسبة، يصلح أيضاً على جواز توليها وظيفة القضاء، ومن المعلوم أن ابن حزم من حفاظ الحديث، وكذا ابن الأثير وابن عبد البر والحافظ وكل هؤلاء أورد الخبر دون إشارة إلى تضعيفه.
كما ثبت أن عمر بن الخطاب ولىَّ سمراء بنت نهيك الأسدية حِسْبَة السوق، وأنه أعطاها سوطا كانت تؤدب به المخالفين والمخالفات.
«ثمل القهرمانة» قاضية في قصر الخليفة
وفي العصر العباسى، في عهد الخليفة المقتدر، أشارت كتب التاريخ إلى امرأة مسلمة هي ثمل القهرمانة، تولت القضاء في قصر الخليفة، وكانت تجلس بدار المظالم برصافة بغداد، وتنظر في رقاع الناس كل يوم جمعة، ويحضر مجلسها الفقهاء والقضاة والأعيان، واطمأن الناس إلى عدالتها في الحكم، واعترفوا بفضلها، ومقدرتها القضائية.
مشاركة المرأة في التصويت في الانتخابات
قال تعالى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) (البقرة: من الآية282).
استدل بعض العلماء بهذه الآية قائلين: إذا كانت شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل فكيف تُصَوِّتْ في الانتخابات فيتساوى صوتها بصوت الرجل؟
لقد سوَّى القرآن بين الرجل والمرأة في مباهلة أهل الكتاب، والمباهلة شهادة في حقيقتها موثقة بابتهال إلى الله تعالى أن يجعل لعنته على الكاذب من الفريقين فيما يزعمه ويدّعيه، قال تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (آل عمران:61). وكذلك نص القرآن الكريم على أن المرأة كالرجل -سواء بسواء- في شهادات اللعان، وهو ما شرعه القرآن بين الزوجين حينما يقذف الرجل زوجه وليس له شهود على ما يقوله، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ• وَالخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ• وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ • وَالخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ).
شهادة النساء مفردات مقبولة عند الجمهور
في بعض الحقوق
شهادة النساء مفردات -أعنى: النساء دون الرجال- فهي مقبولة عند الجمهور في حقوق الأبدان التي لا يطلع عليها الرجال غالبا، مثل الولادة، والاستهلال، وعيوب النساء ولا خلاف في شيء من هذا.
الغزالي: «هل من مصلحة الأمن العام إهدار شهادة المرأة في قضايا يقع ألوف منها بمحضر النساء؟»
قال الشيخ محمد الغزالي- رحمه الله-: «وأنا أقرر قبول شهادة المرأة في كل شيء وفق النصاب الثابت في ديننا إذا كان اللصوص يسرقون البيوت ليلاً أو نهاراً فما معنى رفض شهادة المرأة في حد السرقة؟، وإذا كان العدوان على النفس والأطراف يقع كثيرا  بمشهد من النساء فما معنى أن ترى المرأة مصرع آلِهَا أو أقرب الناس إليها ثم تُرفض شهادتها؟، ولماذا لم يُلْتَزم نصاب الشهادة كما ذكره القرآن الكريم؟ إن ابن حزم في تمحيصه للآثار المروية يؤكد أن رفض شهادة النساء في الحدود والقصاص لا يوجد له أصل في السنة النبوية، ومما قاله الغزالي أيضاً: «هل من مصلحة الأمن العام إهدار شهادة المرأة في قضايا يقع ألوف منها بمحضر النساء؟».
إن النص القرآني لم يُفَرِّق بين الرجل والمرأة في الشهادة لنقص إنسانيتها أو كرامتها، بل لأنها بفطرتها واختصاصها- لا تشتغل عادة بالأمور المالية والمعاملات المدنية، وهذا واقع إلى حد كبير حتى في عصرنا.
وأخيرا لا دليل في تنصيف شهادة المرأة على منعها من التصويت في الانتخابات، والحق أن الشريعة الإسلامية لم تفرق بين المرأة والرجل دائما في الشهادة، فقد اعتبرت الشريعة شهادة المرأة الواحدة في بعض القضايا المهمة كثبوت الحيض والولادة والرضاع وغيرها من شؤون النساء، وكذلك شهادات النساء وحدهن في باب الجنايات من بعضهن على بعض في المجتمعات التي لا يحضرها الرجال عادة، مثل الأعراس والحمامات، فيشهدن بما رأين، ولا يهدر القضاء شهادتهن، حتى لا تضيع الحقوق.
حكم ترشح المرأة لعضوية المجالس النيابية
ليس في نصوص الإسلام الصريحة ما يسلب المرأة أهليتها للعمل النيابي كتشريع ومراقبة.
رأي الدكتور يوسف القرضاوي:
يقول د. يوسف القرضاوي في التكييف الفقهي لمهمة المجالس النيابية: إن مهمة المجالس النيابية ذات شقين:
(1) المحاسبة
(2) التشريع.
المحاسبة: وهي ما يسمى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة في الدين وهي واجبة لأئمة المسلمين وعامتهم، وفي الحديث: الدين النصيحة، ولم يجعل الإسلام ذلك مقصورا على الرجال وحدهم. ولقد رأينا المرأة ترد على أمير المؤمنين عمر في المسجد فيرجع إلى رأيها ويقول: «أصابت المرأة وأخطأ عمر». وقد استشار النبي  أم سلمة فأشارت عليه يوم الحديبية بالرأي السديد وقد بادر إلى تنفيذه، فكان من ورائه الخير. وطالما أن المرأة بصفتها الفردية من حقها النصح والمشورة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا يوجد دليل شرعي يمنع من عضويتها في مجلس يقوم بهذه المهمة، والأصل في أمور العادات والمعاملات الإباحة إلا ما جاء في منعه نص صحيح صريح.
التشريع: ويقصد به هنا الاجتهاد في الاستنباط والتفصيل والتكييف، والاجتهاد في الشريعة الإسلامية باب مفتوح للرجال والنساء جميعا، ولم يقل أحد إن من شروط الاجتهاد الذكورة، وقد كانت عائشة من مجتهدات الصحابة ومن المفتيات بينهن، ولها مناقشات واستدراكات على علماء الصحابة جُمعت في كتب معروفة، مثل كتاب الزركشي الإجابة لاستدراكات عائشة على الصحابة. صحيح أنه لم ينتشر الاجتهاد بين النساء في تاريخنا انتشاره بين الرجال، وذلك راجع إلى عدم انتشار العلم بين النساء لظروف تلك العصور وأوضاعها إلا أن ذلك لا يعني حرمانها من الاجتهاد أو العلم.
وهذا هو معنى التشريع كوظيفة من وظائف المجالس النيابية لأن البعض يضخم هذه المهمة، والأمر أيسر من ذلك فمما لا جدال فيه أن التشريع الأساسي إنما هو لله سبحانه، وأن أصول التشريع الآمرة الناهية هي من عند الله سبحانه، وإنما عَمَلُنا نحن البشر هو استنباط الحكم فيما لا نص فيه، أو تفصيل ما فيه نصوص عامة، أو بعبارة أخرى عملنا هو (الاجتهاد).
حكم تولي المرأة منصباً وزارياً
يرى بعض أهل العلم أنه يجوز للمرأة أن تتولى الوظائف العامة مثل الوزارة وغيرها ولا تمنع إلا من الإمامة العظمى لورود الحديث بشأنها خاصة، وممن ذهب إلى هذا الرأي أي جواز تولي المرأة الوزارة من العلماء والباحثين في العصر الحديث: الشيخ محمد الغزالي ود. يوسف القرضاوى ود. محمد بلتاجي وغيرهم.
تولي المرأة الوزارة في العصر الحديث
تعني مشاركتها في مسؤولية جماعية
إن المجتمع المعاصر في ظل النظم الشورية حيِن يولي المرأة منصباً عاماً كالوزارة أو الإدارة أو النيابة، أو نحو ذلك، فلا يعني هذا أنه ولاَّها أمره بالفعل وقلَّدها المسؤولية عنه كاملة. فالواقع المشاهد أن المسؤولية جماعية والولاية مشتركة، تقوم بأعبائها مجموعة من المؤسسات والأجهزة، والمرأة إنما تحمل جزءا منها مع من يحملها.
السيدة عائشة قامت على رأس جيش
للإصلاح السياسي
- لقد شاركت المرأة في الشؤون السياسية الكثيرة على عهد الرسول  حيث شاركت في الهجرة و البيعة ونصرة الإسلام والدفاع عنه والمشاركة بالرأى، والجهاد في سبيل الله، كما شاركت في اختيار الخليفة الثالث، وقامت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- على رأس جيش ولا غرض لها إلا الإصلاح السياسي.
بلقيس ملكة امتدح القرآن عقلها وحكمها الشوري
ما جاء في القرآن الكريم عن ملكة سبأ من إدارة مملكتها على أساس من العدل والشورى، وقيادة قومها إلى الإسلام (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أفتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أمراً حَتَّى تَشْهَدُونِ • قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ • قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) (النمل34:32). وفي الآيات ما يدل على حصافة رأي المرأة ومقدرتها على المناورة في السياسة، والمشاركة في الوظائف العامة التي تتصل بمصلحة المجتمع، ومنها الوزارة.
أم سلمة مستشار سياسي للرسول
أخذ النبي  بمشورة أم سلمة يوم الحديبية، عندما دخل عليها غاضباً، وقال: لقد هلك الناس، وذلك لامتناعهم عن تنفيذ أمره  لما قال لهم: (قوموا فانحروا ثم احلقوا) فلم يقم منهم أحد‌‍، فقالت أم سلمة: يانبي الله: اخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَك وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج رسول الله  فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك، نحر بُدْنَه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً.

الناشر: مركز الأهرام للترجمة والنشر

pantoprazol 60mg oforsendelse.site pantoprazol iv
ذو صلة