حين كنت في المرحلة الابتدائية لم أكن أحب حصتي الرسم، ولا كراسة الرسم التي كانت أكبر من حقيبتي! بل لم أرتح لرؤية مدرس التربية الفنية. والذي زاد الطين بلة أن حصتي الرسم لحقتا بي حتى في المرحلة المتوسطة. لذلك شعرت أن الرسم قدر لا مفر منه. حتى جاء اليوم الذي تدينت فيه وصرت شاباً (ملتزماً) وقتها زاد بغضي للفن أكثر. فقد صار محرماً رسم ذوات الأرواح. ومرت السنوات على هذه الوتيرة، حتى عرفت كتب أنيس منصور، من كتبه تعرفت على حياة الرسامين الأوربيين، وأخبار اللوحات الفنية وبيعها في المزادات العلنية. صرت أعرف بعض أسماء الفنانين مثل: دافنشي ومايكل أنجلو وبيكاسو وفان غوخ وماتيس وهكذا.
كان ذلك عام 1995 بعدها صرت أشتري كتب الفن التشكيلي ولاسيما كتب الدكتور عفيف البهنسي، ومحمد محسن عطية، مثل: غاية الفن وتاريخ الفن الأوروبي وغير ذلك.
فصرت أقرأ مباشرة عن حياة الفنانين ولوحاتهم. وأول فنان اشتريت عن حياته (ليوناردو دافنشي) كان ذلك عام 1998حتى تجمعت لدي كتب عديدة عن الفن التشكيلي. وشدتني رسومات: رفائيل كثيراً لأنها غاية في الرقة وجودة التصميم. أعجبت كثيراً بمنحوتة مايكل أنجلو (تمثال موسى)، وأدهشني سلفادور دالي بسورياليته التي تشد العين والعقل. أما بيكاسو فكانت حياته وشخصيته أهم عندي من لوحاته. لذلك قرأت عنه كثيراً جداً. وتجمعت لدي كتب خصصت لسيرته أبرزها مذكرات فرانسواز جيلو وكارلتون (حياتي مع بيكاسو) وما كتبته غيرترود ستاين. ولم أقرأ عن حياة شخص مثلما قرأت عن حياة بيكاسو. اللهم ما كان من قراءتي عن حياة (سيجموند فرويد).
وحرصت على تتبع لوحات (رمبرانت) البهية التي فيها من البهجة الشي الكثير حتى التي رسم فيها البؤس والبؤساء. أما فناني المفضل فهو: رينوار. وقد قرأت ما كتبه عنه ابنه جان (رينوار.. أبي) وهو كتاب رائع لأن جان مخرج سينمائي عالمي. وقد أخرج لنا في الكتاب جوانب مهمة من حياة والده وأواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
لأن رينوار توفي عام 1919. ورثيت لحياة فان غوخ وكتبت عنه مقالاً مطولاً بعنوان (لماذا انتحر فان غوخ؟) في كتابي (ومزقت قناعي) الذي صدر عام 2011.
أما الفنان الرومانتيكي (أوجين ديلا كروا) فقد توقفت طويلاً عند لوحاته التي انتصر فيها للون ورأى الفن لوناً لا خطوطاً. وتوقفت عند رسوماته الاستشراقية التي رسمها في الجزائر والمغرب، ولاسيما لوحة (نساء جزائريات) و(عرس يهودي) الذي يشبه أعراس الأحسائيين في السبعينات، حيث يكون الرجال في بهو البيت الذي نسميه (الحوي) والنساء يطللن من السطح.
من الفنانات التشكيليات اللاتي وقفت مع لوحاتهن (ماري كاسات) فقد أعجبني موضوع لوحاتها حين ركزت على الأم وعلاقتها بالبنت في جميع مراحل عمرها.
ودخلت أسماء بعض الرسامين والنحاتين في بعض قصائدي، تأثراً بفنهم وأعمالهم، فمثلاً ذكرت النحات الإغريقي الكبير: فدياس في قصيدة (مأساة فنان تشكيلي) التي نشرت في ديواني الثاني (رقصة الفستان) وذكرت معه أيضاً الفنان غويا أقول فيها:
نحت من أنتي تمثال فاجعة
فدياس لومسه أبكته أناتي
أو أن غويا أتى يوما ليرسمني
لهاله البؤس في شكلي وفي ذاتي
كذلك ذكرت اسم سلفادور دالي في قصيدة (حب عاثر) وهي موجودة في ديواني الأول (على استحياء)
أقول فيها:
مزق الهيام على السرير نثيرة
فتفنني يا ريشة الرسام
وخذي الدما لوناً للوحة حبنا
ولكف (دالي) قربي أسقامي
علي مع السريال أنسى واقعي
وأعيش في دنيا من الأوهام
كذلك جاء ذكر بيكاسو في قصيدة كتبتها في مدينة (دبي) أقول فيها:
أترى إزميل (فيدياس) جرى فوق دبي
فاستحالت درة فوق الخليج؟
أترى ريشة (بيكاسو) تخطت فوق أجفان دبي؟!
وغير ذلك من الرسامين.
وظللت أرجع لكتب الفن بين فترة وأخرى كي أسترجع معلوماتي وأمتع بصري ببعض اللوحات ولاسيما لوحات فناني عصر النهضة. ولوحات المدرسة الانطباعية لاسيما رسومات رينوار ومونيه. وكانت رسومات رينوار أقرب إلى نفسي، خصوصاً لوحة (في الحديقة) و(فتاة تمشط شعرها)، أما اللوحة التي أحب مشاهدتها للمتعة، فهي لوحة رفائيل (مدرسة أثينا) لحبي للفلسفة والقراءة عن حياة الفلاسفة.
كما كنت أحب رسومات الفنان التشكيلي الأحسائي أحمد المغلوث، لأنها تعكس الحياة الشعبية الأحسائية. فهو مبدع في الرسم الواقعي. أما الرسام أحمد السبت -يرحمه الله- فقد جالسته وتناقشت معه في لوحاته، وحين توفي رثيته بقصيدة أقول في مطلعها:
تبكي عليك بلونها الفرشاة
والفن والإبداع واللوحات
تبكي عليك معارض فنية
يا أيها الرسام والنحات
لكنني مع ذلك كله، مازلت أجهل طريقة الرسم.