مجلة شهرية - العدد (584)  | مايو 2025 م- ذو القعدة 1446 هـ

بحر تائه

بِبَابِ البَحرِ غَلَّقتُ الأمَاني        وشَرَّعتُ الحقيقةَ للعَيانِ
فَلاسِفَةٌ هُنا شهقوا ومَاتَت        لُغاتٌ تَستغيثُ من المَعَاني
يَموجُ العَابرون بشطِّ رُوحي        وأسكبُني بذاكرةِ الأغاني
مَواويلي تجفُّ بغيرِ أُنثى        وتَسبِقُها المَسَافةُ لاحتضانِ
أَهيمُ بُكلِّ صَحراءٍ وأَسْرِي        ضبابياً.. تَحدَّرَ في كياني
إذا شَدَّ الرَّحيلُ بلا وَدَاعٍ        دُروباً تَقتفِي أثرَ الهوانِ
أُرتِّبُ حيلتي من غير سوءٍ        يؤجلني إلى المنفى رهاني
غَرامٌ جَرَّ من أقصى ضُلوعي        فؤاداً يَسْتَريبُ من الحَنَانِ
بِهَلوسَةٍ يَجيءُ ولا يُداري        حُضُوراً مُثقَلاً في كُلِّ آنِ
رِيَاحٌ تَبتلي ركبَ المنايا        بقافلةٍ تكُحُّ من الدُّخانِ
غبارٌ هامشيُّ بين صَدري        تضيقُ برمشِهِ عينُ المَكانِ
سواحِلُنا مُجردُ خَرْبشَاتٍ        على سَهرٍ يفيضُ بلا دِنانِ
بِزُرقَتِهِ الشَّحِيحَةِ مُستَفِزٌ        بداوتَنَا التي تعلو بشانِ
مَراكبُهُ القديمةُ، تَحتَريني        هزيلاً من عواصفِهِ أعاني
كمنْ هجَّتْ بِمِحزمِهَا وهَاجَتْ        على عَقلٍ تبلَّدَ بافتِتَانِ
غريقٌ في الكُؤوسِ ولا شِفَاهٌ        يُبلل رِيقَهَا سِحرُ الغَواني
ذبولُ الوردِ يقطفُهُ صباحي        إذا العِطرُ استبدَّ بِعُنْفُوانِ
وحيداً بالعَواصفِ طَارحتنْي        خُرَافةُ ما التَبَسْتُ بكُلِّ جانِ
رِمَالِي شَكلُ تَابُوتٍ سَحيقٍ        يُلاعِبُهُ الصِّغارُ بمهرجانِ
سأَنْحَتُ فوقَهُ عُمْر َالتَّلاشي        إذا اكْتَهَلَتْ غِواياتُ الزَّمانِ
صبياً كانَ يقرأُ مُفرداتي        على شَغفٍ بميراثِ البيانِ
أنا البَحرُ الذي انْتَبَهَتْ رُؤَاهُ        على نَارٍ تمطَّتْ في لِسَاني!
سَأُطفِئُ حيلةَ المَاضي بشوطٍ        يبارِزُهُ الصَّهِيْلُ بِلا حِصَانِ

ذو صلة