هؤلاء
الذين يخِرّون قُدَّامَ مَرجٍ من العُشبِ
من كُثرِ ما حاطَهُم ذهبٌ، حاطَهم تِبرُهُ عالِقاً في الهواء
هؤلاء
الذين تلَِينُ نِساؤهُمُ النايفاتُ كتمرِ النخيلِ متى أمطرت
(يُؤكَلون كتَمْرٍ. يذُبنَ كقَندٍ بضَمَّتِهِم، ويَسِلنَ رِواء)
هؤلاء
الذين يضيعونَ ليلاً أمامَ اللهيبِ، ووجهاً لوجهٍ تعاتبهم سابقاتُ الليالي:
(تَناءَت رباباتكم مطلعَ الفجرِ عنّا!)
فتهبِطُ خلفَ الطعوسِ بصمت نجومُ السماء
هؤلاء
الذين يَسُكّون درباً مُلِحّاً بِيهماءَ، قيظاً، لتمحوهُ كلُّ الخرائطِ
يبقون هم وحدهم يحفظون سريرةَ كلِّ الدروبِ بلمعِ العيونِ أسىً وابتلاء
هؤلاء
الذين يتوقون لِلَّمسةِ الأولى
يمضي
بِهمُ العمرُ إما بطيئاً ليلتمسوا بالأناملِ دفءَ الضياء
أو يمرّون في الأرضِ خطفاً كأنَّ الأراضي عماء
هؤلاء
الذين تضجُّ العُلَيّا بهم فرحاً كالنِيُونِ
تحجُّ بأرواحِهِم ثادقُ، الخُبرُ، الباحةُ، الطائفُ، الخَرجُ، تنهاتُ،
ليلى، تبوكُ، القويعيّةُ، الرَسُّ، شقراءُ، تُربةُ، بيشةُ، تثليثُ، فيفاءُ، تيماء
هؤلاء
الذين لديهم قناعةُ موسى بِفَطرِ البحارِ
لديهم رؤى النهرِ: يجري بوادي حنيفةَ تغذوه دُكنةُ غيمِ الشمالِ
جنوباً جنوباً جعافرَ ماء
هؤلاءِ
هُمُ الأهلُ، أهلي
ونبعُ المناهلِ والأنبياء