هل تشتهي استحضار روح كاتبك المفضل واستجوابه؟
بهذا السؤال التحفيزي تستهل الكتابة العربية الكبيرة غادة السمان إشادتها بكتاب (المجلة العربية) الصادر مؤخراً (حوارات) من إعداد الأستاذ سعد المحارب. وذلك ضمن أعمال المجلة الكتابية التي أطلقتها بمناسبة بلوغ المجلة 40 عاماً منذ صدورها.
إجابة عن السؤال أعلاه تقول الروائية السمان: كتاب (حوارات) يجعل ذلك ممكناً، نبدأ بعمنا نجيب محفوظ، ونقوم بتحضير روحه دونما غرفة مظلمة وطقوس شعوذة؛ بل تحت الشمس وبتقليب صفحات كتاب (حوارات).
تضيف الأستاذة السمان: عبر الكتاب ذاته (حوارات) الصادر عن (المجلة العربية) نستحضر روح الأديب السعودي المبدع عبدالله الجفري، فيخرج غاضباً على جائزة نوبل والمطاردين لها، صائحاً لمحاوره سمير خوجة بكه: الصهيونية استحوذت على كثير من المؤسسات الثقافية بمثل استحواذها على الإعلام العالمي، وبالذات فقد سيطرت على لجنة جائزة (نوبل) حتى أنها منحت جائزة السلام لأكبر وأبشع سفاح في القرن العشرين (بيغن).
وإلى السودان مع أديبتنا الكبيرة وكتاب (حوارات): ننتقل إلى السودان لتحضير روح شاعر مبدع هو محمد الفيتوري. يستحضره لنا (أحمد محمد عبد العظيم) حياً نضراً في لحظة توهج، حيث يكشف لنا أنه لم يكتب الشعر فقط بل المسرحية أيضاً وكنا نجهله.
وتتساءل المبدعة المتفردة: أين المرأة الأديبة في كتاب (حوارات)؟ ثم تعلق: ستكون لي في العدد المقبل وقفة أخرى مع (تحضير أرواح) مبدعين: كالبياتي والطيب صالح وعمر أبوريشة.. وسواهم.
وتمضي مشيدة بكتاب (حوارات)، قائلة: (حوارات) صدر قبل أشهر، ويقع في 453 صفحة. ويضم حوارات مختارة مما نشر في (المجلة العربية) السعودية خلال 40 عاماً، ورئيس التحرير هو محمد السيف. وقد اختار الحوارات للنشر في الكتاب الأستاذ سعد المحارب. ونطالع في (حوارات) نحو 56 حواراً مع مبدعين رحل معظمهم عن عالمنا.
وتواصل: الفكرة مفيدة، يستحق محمد السيف وسعد محارب الترويج لها، آملة إصدار كتب عن مجلات أدبية عربية جادة أخرى ذات قيمة فكرية، نطالع فيها مختارات من حياتنا الأدبية، ونلتقي بصورة عن الحياة الفكرية العربية في نصف قرن مضى، ولا بد من تقدير الجهد الفائق الذي بذله سعد المحارب الذي كان عليه أن يختار من بين مئات الحوارات ما تستطيع دفتا كتاب احتواء كلماته، ولتحويل حوار صحافي شبه عابر ومصيره النسيان إلى وثيقة أدبية، وإلى شاهد على روح عصره… وإلى مرآة نفسية لأمزجة المبدعين العرب.
تضيف أيضاً: بمجرد صدور هذا الكتاب نجد الوفاء الجميل لمبدعين. ونجد في الكتاب أيضاً وثيقة أدبية لجماليات الكلمة المبدعة ومتعة تحضير أرواح أدباء أحببناهم أمثال: عمر أبوريشة ونازك الملائكة وغازي القصيبي ويوسف إدريس ورجاء النقاش وبلند حيدري.. وسواهم كثير.
وتختتم مقالها الشهادة بهذه الملاحظة المقدرة: لكنني لاحظت ضآلة حظ إبداع الكاتبات النساء في الكتاب، وبينهن من تمــــنح إبداعاً كشقيقــــها الأديب الذكر، ولم يعد الأدب الذي تكتبه المرأة هو الكتابة الأقل منزلة. وأدب (الرجال) ليس قوّاماً على (أدب النساء). والفضل لحضورهن في الكتاب يعود إلى حمد القاضي الذي حاورهن وإلى (المحارب) الذي انتقاهن.