يذكر المفكر جمال حمدان أن المفكر نتاج اندماج وتفاعل (العلم، والفلسفة والفن) فليس باثنين منهما كافياً ليطلق على أحدهم بأنه مفكر.
ويصدق القول بأن المفكر حالة من التوازن بين الإبداع والعلم، فالفكر الأرضية الأساسية لعناصر الإبداع والعلم، والأول دون علم يبقى غريزة، والثاني دون فكر يبقى تجريب بلا طائل.
فإذا قام الإبداع على الخيال، تلك اللحظة بين الذاكرة والنسيان، فالعلم قام على نتيجة من التجربة والبرهان.
فقد خلق المفكرون شعراء أو فنانون، ولنا في شخصيات ثقافية تمايزت فيها تلك العناصر سواء من الثقافة العربية مثل المعري والغزالي وابن خلدون، ومن الثقافة الأوروبية أغسطينوس وهيغل وشوبنهاور.
وفي القرن العشرين، مع نهاية شخصية الفيلسوف انتقالاً إلى كاتب الأفكار أو محلل القضايا، ومترجمي الفكر الواهمي التفكير في نماذج عبد الرحمن بدوي ومحمد عابد الجابري أو دارسي تاريخ الفلسفة الإسلامية والأوروبية مثل: ويل ديورانت وعلي سامي النشار، وتمترس التخصصات الأكاديمية في نماذج ميشيل فوكو وبول ريكور ورولان بارت وعبدالله العروي وناصيف نصار وسامي أدهم، تحولت لغة الفلسفة إلى ذاكرة مجازية، عند مفكري القرن العشرين أمثال نيتشه وبول تيليش وعبدالله القصيمي وإميل سيوران.
ومن هنا نستطيع أن نقرأ شخصية ونتاج المبارك الذي تأسس علمياً على العلوم الطبيعية (الكيمياء والفيزياء) ونفر منها إلى الشعر والفكر، وانشغل بمباحث الفلسفة الأساسية، وليس علومها المتقادمة، أي: موضوعات الحضارة والعقل والذات.
فقد عرف اسمه بمقالة في الشاعر المتنبي نشرت في حلقتين بمجلة العربي (المتنبي ليس شاعراً) ثم طبعهما في كتاب (دفاتر مهجورة) (1995) عدا أن أولى مقالاته الفكرية بعنوان (من صور الجذوة والخمود في فكر المسلمين) (مجلة العربي، 1988)، التي استفتح بها ذات الكتاب، وإن تميزت عناوين الفصول الأخرى، فهي تعبير عن تطوره الفكري بين المقروء والمفكر فيه، ففي الكتاب (دعوة إلى حلف فضول جديد)، و(لئلا تدجن العقول) و(صفحة من سفر لم تعرفه المطابع) التي لا يخفى الأثر الصارخ للمفكر عبدالله القصيمي عليها من مقالاته الشهيرة: (اقتباسات من إنجيل لم تعرفه المجامع) (مجلة الآداب، 1955)، و(لئلا يعود هارون الرشيد) (مجلة مواقف، 1968) ومقالته الشهيرة (المتنبي يروي معارك سيناء والجولان) (كتاب: العرب ظاهرة صوتية، 1977).
وقد نحا فكره إلى الذهنية المثالية التي استخلص من خلالها في كتابه (فلسفة الكراهية: دعوة إلى المحبة) (2001) بأنه (ليست الكراهية إلا الإعلان الضاجّ عن عجز الذات عن مواجهة مشكلاتها مواجهة ذكية وقوية تخرجها من هذه المشكلات، وليس تأصيل الكراهية واستحكامها إلا دليلاً على تأصل العجز واستحكامه).
غلب الشاعر ونظرته الجمالية بشاعة العصر واضطرابه عند المبارك.
ولد المبارك في الأحساء وتلقى تعليمه العام بها، درس الفيزياء والكيمياء وتخرج في كلية العلوم بجامعة القاهرة (1964)، وأكمل دراساته العليا في الفيزياء الجزيئية من جامعة مانشستر (1969)، والدكتوراه في كيمياء الكم من جامعة جنوب ويلز بمدينة كارديف (1974)، وعمل أستاذاً في كلية العلوم بجامعة الملك سعود حتى عام 1992، وعميد كلية الدراسات العليا بجامعة الملك سعود، وعضو مجلس الأمناء بمعهد تاريخ العلوم العربية بجامعة فرانكفورت، ورئيس المجلس التنفيذي للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بمدينة الرباط بالمغرب، وعضو المجلس الأعلى للإعلام في السعودية، وعضو مجلس الإدارة بدارة الملك عبدالعزيز، وأسس ندوة الأحد (1981).
الأعمال النقدية والفكرية:
دفاتر مهجورة (1995)، -طبع لاحقاً بعنوان مختلف أوراق من دفاتر لم تقرأ (2006)-، شعر نزار: بين احتباسين (1998)، فلسفة الكراهية (2001)، هذا الكون، ماذا نعرف عنه (2005)، التطرف خبز عالمي (2006)، من قضايا المجتمع السعودي (2010)، شموخ الفلسفة وتهافت الفلاسفة (2011).
الأعمال الشعرية: رسالة إلى ولادة 1995.