مجلة شهرية - العدد (572)  | مايو 2024 م- ذو القعدة 1445 هـ

كتب وقراءات



الكتـــــــاب: الإسلام والغرب
المؤلــف: أحمد بول كيلر
المترجم: عاطف عثمان
الناشـــــــر: دار جامعة حمد بن خليفة للنشر، الدوحة، 2023.
نشأت حضارة الغرب متأثرة بالحضارة الإسلامية، لكن الأدوار انقلبت بعد عصر النهضة، وأخضع الغرب الثقافات والحضارات، بما في ذلك الإسلام. ورغم التقدم العلمي والتكنولوجي، فإن البشرية تمر بأزمات تهدد وجودها، فهذا التقدم لم يوقف زعزعة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ولم يمنع النمو في الأمراض الجسدية والنفسية، ولم يقلل خطر الإبادة النووية ومخاطر تغير المناخ. في الوقت الذي يشهد العالم فيه تصعيداً في الاستقطاب بين الإسلام والغرب. يحفز الكتاب الفكر، بدعوته القراء إلى الاطلاع على الأزمات التي تواجههم وإعادة اكتشاف العلاقة بين الإسلام والغرب من خلال منظور مختلف، فالكاتب يرى أن مقياس النجاح الحقيقي يستقيم عبر التوازن بين الاحتياجات الروحية والمادية للإنسانية، ما يجعل من الممكن العيش في وئام مع الآخرين.



الكتـــــاب: الضفاف الأخرى
المؤلف: إسماعيل فهد إسماعيل
الناشــــــر: دار الخان للنشر والتوزيع، الكويت، 2023.
يستخدم إسماعيل فهد إسماعيل المونولوج الداخلي، وأسلوب القطع السينمائي أو ما يسمى (بالمونتاج) كركيزتين أساسيتين تشكلان العمود الفقري للرواية، من خلالهما تدور كل الأحداث وتتحرك الشخوص عبر علاقات متماسكة مدروسة بحس فني عالٍ.
عبر هذا البناء يعيش القارئ كل صفحات الرواية، متنقلاً بين عالمين متلاحمين متداخلين بهدوء حيناً، وبحركة سريعة هابطة وصاعدة حيناً آخر، لا نلمس أي شرود في العالم الداخلي ولا نقف عند أي إغراء لنقل الواقع الخارجي بصغائره وشيئياته.



الكتـــــاب: حين شاركنا حياتنا عبر الإنترنت
المؤلف: ديفيد أر. بريك
المترجم: د. أحمد محمد مصطفى
الناشـــــــر: مكتبة العبيكان، الرياض، 2023.
تمثل وسائل التواصل الاجتماعي ظاهرة اجتماعية تقانية نشأت عن توظيف الإمكانات الهائلة التي وفرتها ثورة الاتصالات وفي القلب منها الإنترنت، وإذا نظرنا -على سبيل المثال- إلى أحد أشهر هذه الوسائل، وهو موقع فيسبوك، فسنجد أنه قد نشأ في عام 2004م ليمثل أداة للتواصل على نطاق محدود خاصة بطلبة بعض الجامعات الأمريكية، ثم بدأ في التوسع حتى زاد عدد مستخدميه عن المليار مستخدم عبر بقاع الأرض كافة. يناقش هذا الكتاب مجموعة من القضايا المتعلقة بالخصوصية في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يُقرر الواقع أن من حق المجتمع أن يقوم بدوره في حماية خصوصية مستخدمي هذه الوسائل وتوعيتهم بعواقب التخلي عنها. وفي هذا الإطار يعرض الكتاب مخاطر الكشف عن الذات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأي المستخدمين عرضة لها؟ وإلى أي مدى يُمكن للاطلاع على المحتوى الذي لم يرد الآخرون إطلاعك عليه أن يُمثل أمراً مهماً، إذا ما اعترفنا بوجود الدافع للانغماس في محتويات وسائل التواصل الاجتماعي؟



الكتـــــاب: جمهورية القمع
المؤلف: ليزا بلايدز
المترجم: الهادي المعموري
الناشــــــــر: درابين للكتب، بغداد، 2023.
لطالما خضعت الحوزة لمراقبة ورصد النظام، فيما كانت الفترة المرتبطة بزعامة المرجع آية الله الخوئي صعبة على وجه الخصوص. لم تجلب نهاية الحرب العراقية الإيرانية راحة للمؤسسة الدينية مع استمرار المراقبة البعثية للنخب الدينية.
فتحت انتفاضات العام 1991 الباب أمام سياق قمعي جديد بحق الفاعلين من ذوي التوجهات الدينية. في هذه الأثناء ورغم عمره الذي تجاوز التسعين من العمر إبان وقت حصول الانتفاضات وضع الخوئي تحت الإقامة الجبرية، وفي ذلك العام نفسه اختفى العشرات من أفراد بعض العائلات الدينية البارزة دون رجعة.



حمزة بوقري صورة مكية فوتوغرافية
تعد رواية (سقيفة الصفا) للأستاذ حمزة بن محمد بوقري، والتي تدور أحداثها في جزء من حارة الصفا المكية، قبيل منتصف القرن الرابع عشر؛ من أوائل الروايات السعودية. وقد زخرت هذه الرواية بالعديد من الملامح التاريخية المكية، سواء التاريخ الاجتماعي أم العلمي أو الثقافي، لذلك يمكن القول إن هذه الرواية بما فيها من ملامح تاريخية تعد رافداً مهماً من روافد دراسة التاريخ المكي، لما فيها من بيان لبعض الصور التراثية، إضافة إلى تركيز المؤلف على بعض المظاهر التي رأى أنها اندثرت بعد أن عايشها وتشبعت ذاكرته من دلالاتها ومعانيها، فحاول أن يحييها من خلال وصفها وتوثيقها، يضاف إلى ذلك الكثير من الشخصيات التي كان يضمها ويحتضنها الشارع المكي، من المجاذيب والمعتوهين وأصحاب المهن والحرف، ممن ورد ذكرهم شواهد حية في الرواية على نماذج من ثقافات سادت في ذلك العصر.
ولد الأستاذ حمزة بوقري في مكة المكرمة، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بها، ثم بعد ذلك ابتعث إلى جامعة فؤاد الأول بالقاهرة، والتحق بكلية الآداب، حيث تخرج فيها.
عمل مديراً لإدارة التنسيق بمديرية الإذاعة، ثم بعد ذلك أصبح مديراً لإدارة الثقافة العامة، وبعد ذلك أصبح مديراً للمطبوعات عندما تحولت مديرية الإذاعة إلى مديرية عامة للإذاعة والصحافة والنشر.
عين بوقري وكيلاً لوزارة الإعلام، حيث شغل هذا المنصب بضع سنوات، ثم انتهت علاقته بهذه الوظيفة في عام 1387 هجرية (1967)، كما أشرف على مجلة الإذاعة التي كانت تصدر في الثمانينات وساهم بالكتابة فيها، كما ساهم بالكتابة في الصحف المحلية، ثم بعد ذلك تفرغ لإدارة أعماله التجارية الخاصة، حيث كان يرأس مجالس إدارة بعض الشركات، كما شارك في عضوية مجلس إدارة بعض الشركات الأخرى.
لم يقدم بوقري الكثير إلى الساحة الأدبية، فهو مقتر جداً، إذ أصدر مجموعة قصصية تحت عنوان (بائع التبغ)، طبعت ونشرت في تهامة بجدة، ويبلغ عدد صفحاتها 144 صفحة، وقد تضمنت مجموعة قصصية لكاتب عالمي، نقلها بوقري إلى العربية بأسلوب رشيق وسهل، تعايش خلاله مع شخصيات هذه القصص وأبطالها، ونقل معه القارئ العادي إلى عوالم وبيئات وحوادث مثيرة.
كتاب تحت عنوان (القصة القصيرة في مصر)، وهي دراسة محمود تيمور في عام 1399 هجرية، يبلغ عدد صفحات هذا الكتاب 192 صفحة، والكتاب عبارة عن أطروحة علمية جامعية، وينقسم إلى قسمين، هما: (القصة القصيرة) و(محمود تيمور).
رواية تحت عنوان (سقيفة الصفا)، طبعت في دار الرفاعي بالرياض عام 1404 هجرية، ويبلغ عدد صفحاتها 255 صفحة، حيث تجنح هذه الرواية إلى دمج اتجاهين من الخطاب الروائي، هما: اتجاه الصيغة الشخصية مع اتجاه الصيغة الاجتماعية، وهي وإن كانت تتوقف عند شخصية روائية واحدة وهي شخصية الراوي (محيسن) إلا إنها من جانب آخر محاولة سبر غور المجتمع في مكة المكرمة في فترة ما بين الحربين، كما يتابع المؤلف مجموعة العلاقات بين محيسن وبقية الأشخاص الذين اتصل بهم، ورسم الأحداث الناتجة عن تلك الاتصالات والمعرفة، وأما المدى الزمني للرواية فهو ثلاثون سنة، تتخللها العديد من الأحداث والمفارقات، ووصف العادات والتقاليد التي كانت سائدة في المجتمع المكي في ذلك الوقت.
الأعمال الأدبية: رواية سقيفة الصفا (1983)، والمترجمة: قصص بائع التبغ (1981)، ونشر أطروحته الأكاديمية (القصة القصيرة في مصر) (1979).



وليام مونتغمري (1909 - 2006)
ليس بمقدور أي مستشرق على الإطلاق مهما كان من اتساع ثقافته، واعتدال دوافعه، وحياديته، ونزوعه الموضوعي إلَّا أن يطرح تحليلاً للسيرة، لابد أن يرتطم هنا وهناك بوقائعها، وبداهتها، ومسلماتها، ويخالف بعضاً من حقائقها الأساسية ويمارس متعمداً، أو غير متعمد تزييفاً لروحها، وتمزيقاً لنسيجها العام.
هذا تعليق من الباحث المكي قلاينة.
وإذا نظرنا إلى كتابه (تأثير الإسلام على أوروبا القروسطية) هو واحد من كتب واط المهمة، وهو مجموعة محاضراتٍ ألقيت في الكوليج دو فرانس في باريس أواخرَ عام 1970، وصدر عام 1972 عن مطبعة جامعة إدنبرة تحت عنوان (بالإنجليزية: The Influence of Islam on Medieval Europe)‏، ويتألف من ستة فصولٍ تتناول أوجه تأثير الإسلام على أوروبا - القرون الوسطى (القروسطية) وأوجه هذا التأثير المختلفة، والمداخل الجغرافية لهذا التأثير كالأندلس وصقلية والصليبيات.
يرجع جزء وافر من أهمية الكتاب إلى تقييمه أثر الحضارة العربية الإسلامية على أوروبا والحضارة الأوروبية في الفصل السادس والأخير من الكتاب (الإسلام والوعي الذاتي الأوروبي)، وإلى الفصل الأول (الوجود الإسلامي في أوروبا طرح المشكلة). والذي يتحدث عن تاريخ العلاقة الجدلية بين الإسلام وأوروبا الغربية منذ بدئها.
يقول في الفصل السادس: (إن اهتمام الأوروبيين بأرسطو لا يرجع إلى المقومات الأساسية لفلسفته فحسب، وإنما يرجع كذلك إلى انتمائه إلى تاريخهم الأوروبي، وبتعبيرٍ آخر فإن إحلال أرسطو مكان الصدارة في الفلسفة والعلوم ينبغي النظر إليه باعتباره مظهراً لرغبة الأوروبيين في تأكيد اختلافهم عن المسلمين، ولم يكن هذا النشاط السلبي تماماً المتمثل في التنكر للإسلام أمراً سهلاً، بل كان في الواقع أمراً مستحيلاً -خصوصاً بعد كل ما تعلمه الأوروبيون من علوم العرب وفلسفتهم- ما لم يكن قد صاحبَ هذا التنكر نشاط إيجابي. وكان هذا النشاط الإيجابي متمثلاً في الدعوة إلى ماضي أوروبا الكلاسيكي أي إلى حضارتي الإغريق والرومان).
ترجم الكتاب إلى عددٍ من اللغات، وأصدرته وزارة الثقافة السورية بدمشق بالعربية -نقلاً عن الترجمة الروسية- بعنوان (تأثير الحضارة العربية الإسلامية على أوروبا القروسطية)، وبعدها بقليل أصدرته دار الشروق في القاهرة بترجمة حسين أحمد أمين عن الإنجليزية عام 1983 بعنوان (فضل الإسلام على أوروبا القروسطية)، وتعد أفضل ترجمات الكتاب باللغة العربية، وعام 2016 أصدرته دار (جسور) في بيروت بعنوان (تأثير الإسلام في أوروبا العصور الوسطى).
وليم مونتجمري وات. مستشرق إنجليزي معاصر ولد عام 1909م. والده القسيس أندرو وات. درس في أكاديمية لارخ، وفي كلية جورج واتسون بإدنبرة، وجامعة أدنبرة، وكلية باليول بأكسفورد، وجامعة جينا بألمانيا، وبجامعة أكسفورد وجامعة أدنبرة على التوالي. عمل راعياً لعدة كنائس في لندن وفي أدنبره، ومتخصص في الإسلام لدى القس الأنجليكاني في القدس. نال درجة الأستاذية عام 1964م.
عمل رئيساً لقسم الدراسات العربية والإسلامية بجامعة أدنبره في الفترة من 1947 - 1979. وقد قام خلالها بتدريس الإسلام: عقيدة وتاريخاً وحضارة لعدة أجيال من الطلبة كثير منهم مسلمون، وقد اهتم بدراسة سيرة النبي صل الله عليه وسلم، وهو معروف لدى طلابه بتعصبه ونزعاته التنصيرية. يُعد من أبرز أعلام المستشرقين المعاصرين في بريطانيا، وأكثرهم تنوعاً في مجال دراسته الإسلامية. وتحظى أعماله بشهرة واسعة بين المشتغلين بالدراسات الإسلامية والعربية.



الكتـــــاب: إعادة بناء النظرية النقدية من المنظور الشكلاني إلى معقول الخطاب
المؤلف: د.عبد الفتاح يوسف
الناشــــــر: دار الروافد الثقافية - دار ابن النديم، بيروت، 2023.
تشاغل النقد العربي في الدراسات الأدبية حول مجموعة من النظريات والمناهج والمفاهيم، واستطاع أن يقترح عبر مسيرته الطويلة والعميقة أن مؤرخي النقد العربي، في القرن العشرين حتى الآن؛ قصروا عن إدراك مجموعة من أساسياته، وما يزال ينظر إليه بوصفه أداة، مع هدم أو جهل تام لكل مرجعياته الثقافية والحضارية.
إن النظريّة النقديّة حدثٌ معرفي عقلاني متنامٍ لفهم حدث أدبيٍّ. إنها حدثٌ يتدخّلُ لاستكناه غيره، فلا أهميّة للنظريّة النقديّة في غياب الحدث الإبداعي. ومن أهم الأسباب التي دعتنا إلى إعادة النظر في منطلقات النظريّة النقديّة الحديثة وإجراءاتها، أنها لم تأخذ الجوانب الفكريّة والمعرفيّة في الخطاب الإبداعي على محمل الجدّ، إذ اهتمّت بالفاعل المعرفي (المؤلّف) في مناهجها السياقيّة، وازدادت شغفاً بالمفعول به المعرفي (النصّ) في المناهج النصيّة، ثمّ فُتِنَتْ بالتحوّل من النصّ إلى الخطاب في التداوليّة وتحليل الخطاب، وفي المقابل تغافلت عن الفعل المعرفي الذي نُراهن عليه في كتابنا. وما شجّعنا على طرح هذا المفهوم هو أن المعارف والأفكار التي يكتنزها الخطاب الإبداعي أوسع من توسّلات النظريّة النقديّة الحديثة وأدواتها المنهجيّة وإجراءاتها المعياريّة.
باتت النظرية النقديّة في حاجة لإعادة بناء، لتتلاءم مع معطيات الفكر المعاصر، ولا سيّما مع تطوّر الفكر النقدي بعد انفتاحه على مجالات معرفيّة جديدة، فأصبح لزاماً علينا إيجاد طرائق جديدة لتحليل المدوّنات الإبداعية، والكشف عن خصائصها المعرفيّة والفكريّة لفهمها على نحو مغاير، ولهذا نسعى في رِهاننا إلى تطوير أدوات التحليل وطرح إجراءات منهجيّة جديدة، ليصبح الخطاب النقدي أقلّ معياريّة وأكثر دقّة وتفاعلاً مع المعارف والأفكار السّاكنة في المدوّنات الإبداعيّة.
إنّ إعادة بناء النّظريّة النقديّة يعني التحوّل من الشكل والنسق إلى الأفكار والمعارف، وما يُبرّر هذا التحوّل هو أن الأفكار هي العِلّة التي تدفعُ المبدعَ لإنتاج خطابه أكثر مما تدفعه أدبيّته أو شعريّته أو بلاغته. بناءً على هذا نؤكّد أن العِلّة هي المحرّك الأساس لإنتاج الخطاب، وهي عِلّة فكريّة ومعرفيّة بامتياز. فهل اهتمت النظريّة النقديّة الحديثة في صيغتها الحاليّة أو السّابقة بِعِلل إنتاج الخطاب؟ أم بمظاهره الشّكلانيّة؟
من هذا المنطلق نتدبّر الجواب عن أربعة أسئلة نختبر بها إجراءاتنا التحليليّة:
متى تتجاوز ممارساتنا النّقديّة المجازات الشكلانيّة التي تتجاهل معارف الخطاب؛ إلى الاهتمام بالتمثيلات العقليّة لمفاهيمه؟
متى تتحوّل المقاصد في نظريات النّقد من كون اللغة هدفاً لمعرفة محايثة إلى كونها وسيلة لمعارف متعاليّة؟
لماذا لم ننظر في الظّاهرة الأدبيّة بوصفها مركزاً لتبادل المعارف والخبرات الإنسانيّة؟
كيف نعي الفرق بين السؤالين: كيف تعمل الآثار الأدبيّة؟ وعن أي شيء يتكلّم الأثر الأدبي؟ حتى لا نُضحّي بفهم الإنسان والعالم من أجل أدبيّة الأدب وبراعة الأديب اللغويّة.
عبد الفتاح أحمد يوسف هو أستاذ الأدب والدراسات النقدية الحديثة في كلية الآداب جامعة البحرين، أصدر أكثر من كتاب في اختصاصه. وكتبه على النحو التالي: قراءة النص وسؤال الثقافة (2009)، لسانيات الخطاب وأنساق الثقافة (2010)، الخطاب السجالي في الشعر العربي.. تحولاته المعرفية ورهاناته في التواصل (2014)، العلامات والأشياء.. كيف نعيد اكتشاف العالم في الخطاب؟ (2016)، النقد الحضاري للخطاب.. تحولات السؤال النقدي من المقتضى إلى الرهان الحضاري (2017)، الانتخاب اللساني.. نحو تاريخانية جديدة للمعنى في الخطاب (2019)، النقد الحضاري.. لخطاب ما بعد الكولونيالية (2021).



الكتــــــــــــــاب: أسطورة ولادة البطل
المؤلـــــــــف: أوتو رانك
المترجمان: إبراهيم جركس - يارا منصور
الناشــــــــــــر: الدار الليبرالية، دمشق، 2023.
هذا الكتاب هو أول عملٍ يحاول تقديم تفسير سيكولوجي للأسطورة، فهو ينطلق من النقطة التي تقول إنّ الواقع النفسي هو المسؤول عن تنظيم ما ترويه الأسطورة أو القصّة. هذا العمل هو (حجر الزاوية) في التحليل النفسي للأساطير، حسب رأي ثيودور رايك، وقد كُتِبَ بناءً على طلب فرويد، ويفتح بالفعل نافذة فريدة على الطريقة المنهجيّة لتشكيل الأسطورة ووظيفتها.
بعيداً عن التحليل الطبيعي للأساطير؛ بنى رانك بحثه على التشابه بين الأحلام والأساطير، ومفهوم فرويد (الحب العائلي لمرضى العصاب). ألّف رانك أيضاً أسطورة لونغرين (1911)، حيث اختبر فرضياته وبرّرها بشكل مقنع.
ينقسم كتاب أسطورة ولادة البطل إلى ثلاثة أجزاء:
أولاً، يؤسّس رانك لعالمية الأساطير البطولية، ثم طرح بعد ذلك فرضيّته المركزّية، واقترح دور الحياة النفسية اللاواعية في تشكيل الأساطير. فيما يتعلّق بأسطورة أوديب، يؤكّد رانك على المقاومة التي تسببها فرضية التحليل النفسي، لأنّها تتعارض تماماً مع التفسير الطبيعي، الذي لا يرى في الأسطورة أكثر من مجرّد عمليات طبيعيّة مجسّدة. وفي الجزء الثاني، يبحث رانك في مجموعة واسعة من الأساطير، ما مجموعه حوالي 18 أسطورة، جمعت من ثقافات مختلفة: بابلية، عبريّة، يونانية، جرمانية، سلتية، ولاتينية. ثم قام بعزل مواضيعها المشتركة وأنماطها المتكرّرة، ممّا يُبرز ما أسماه بنية (الأسطورة النموذجية). يحلّل رانك في هذا العمل أساطير مثل: قلقامش، قورش، موسى، يسوع، أوديب، تريستان، رومولوس، سيغفريد، ولونغرين بهذه الطريقة. وفي الجزء الثالث يُكمل تحقيقه من خلال إشارات إلى أبحاث حول أساطير ومدوّنات ميثولوجية ميلانيزية، ومكسيكية، وأمريكية شمالية، وأفريقية.. وغيرها.
يكشف الجزء الثالث من العمل بشكل أساسي عن الأساطير النموذجية من العناصر المميزة والمشتركة التي تمت مواجهتها في البحث، ويمكن تلخيص هذه العناصر على النحو التالي: بطل الرواية هو طفلٌ من أحد أبوين، أو كليهما، من الطبقة العليا من المجتمع، وعادةً من الآلهة أو العائلة المالكة، واجه صعوبة في الحمل قبل الولادة (بسبب العفة، أو العقم، أو الجماع السري). أثناء الحمل، يُحَذَّر الأب من عواقب هذه الولادة، ويُخبَر أنّ هذا الطفل يشكّل خطراً عليه، ونتيجة لذلك، يُحكم على الطفل بالتخلّي أو النبذ بسبب تهديده، وعادة ما يكون ذلك بمبادرة من الأب أو من يحلّ محلّه، وفي كثير من الأحيان يُترك في تابوت أو سلّة تنجرف عبر النهر، ثم يُنقَذ الطفل ويُرضع بواسطة حيوان أو امرأة من مكانة متواضعة، وبمجرد أن يكبر البطل، يواجه العديد من المغامرات، وخلالها يجد والديه النبيلين وينتقم من والده الذي أراده ميّتاً، ثم يُعترف به ويكتسب المجد والسمعة والمكانة المرموقة.
لقد ترك رانك مهمّة استكشاف معنى الأساطير النموذجية لعملية التفسير: وهذا موقفٌ صارمٌ وحديثٌ نسبياً، مدعومٌ بالاختلافات أو المتغيّرات بين الأساطير للتأسيس أو التشكيك في الفرضيات المقدمة. يمكن رؤية النموذج العام الذي شرحه في تحليل الأحلام النموذجية للعناصر المختلفة للأسطورة. لذلك، فإنّ تحليله يشبه تفسير الأحلام: الأسطورة هي تحقيق لرغبة لاواعية ومدفونة، والأسطورة مبنيّة من نفس العناصر التي يتكوّن منها الحلم: الإزاحة، والتكثيف، واعتبارات التمثيل والرمزية.
ينتهي العمل إلى خلاصتين مهمتين للغاية: الأولى تتعلّق بأصل الأساطير البطولية، ودورها في الحياة الاجتماعية، وفي عملية تحديد الهويّة الفرديّة والجماعيّة؛ والأخرى تدور حول الشخصية المرضيّة للبطل والعلاقة بين الأساطير والأوهام الهذيانية للنسب.

ذو صلة