مجلة شهرية - العدد (572)  | مايو 2024 م- ذو القعدة 1445 هـ

الافتتاحية

لا أظن أن حصر الأوعية المعرفية التي تناولت الإبل سيكون أمراً طيعاً. لهذا لن يكون من الجديد الحديث عن حضورها، ضمن سياقات الشعوب والثقافات والمجتمعات والأدب وغيرها، فقد أشبعت بحثاً وكتابة؛ إنما سيكون الجديد فيما يمكن وصفه بـ(إعادة اكتشاف الإبل)، وهذا ما تمضي إليه السعودية حين أقرت تسمية العام الحالي 2024م بعام الإبل، ليكون مظلة كبرى تستعيد التراث الثقافي عن الإبل، ومن ثم إعادة إنتاجه على نحوٍ يجعلنا نعيد اكتشاف الإبل وتقديمها إلى الوجدان العربي الذي بدأ يفقد بريق واحدة من أهم رمزياته الثقافية المتمثلة في الإبل، بوصفها رابطة تاريخية تمتد إلى الصحراء والشعر والسفر والتجارة ومعاش الإنسان العربي، هذا من جانب؛ ومن جانب آخر تقديم الإبل عبر إعادة اكتشافها إلى الوجدان العالمي العام، وإلى شعوب العالم ومجتمعاته التي تتشارك معنا هبة الإبل وأمانتها.
فكرة إعادة اكتشاف الإبل تسير ضمن إطار الاستثمار في الثقافة، بما يحقق الارتقاء بقيمة الإضافة النوعية للإبل، وما لديها من فوائد قابلة للاستثمار الاقتصادي المباشر، إلى جانب الاستثمار في المعنى الرمزي والثقافي الذي يعمر تاريخ الإبل وارتباطها بالإنسان، وهو ما يشكل في مجمله متطلبَ الاستدامة، ويضمن استمرارها، ويعزز حضورها. فالتجربة أثبتت أن النوايا وحدها لا تكفي لتحقيق أثر فعلي ومستمر، ما لم يدعمها الاستثمار المؤسسي المستدام.
ويُسعد (المجلة العربية) أن تشارك ضمن فعاليات (عام الإبل) بملف هذا العدد، حيث تناقش فيه نخبة من الأقلام المتخصصة مجموعة من المحاور، أبرزها: حضور الإبل في الثقافة العربية، وأهميتها الاقتصادية، وغير ذلك مما يخصها. كما تنشر (المجلة العربية) كتاباً فريداً مرفقاً مع العدد عن (الإبل الزُرق)، بما تمثله من أهمية في عالم الإبل، وما تملكه من خصائص وسمات تميّزها عن غيرها من الإبل. فأهلاً بكم إلى الإبل في الثقافة العربية.

ذو صلة