الشعر الشعبي الذي يزين صدر المجلة العربية لهذا العدد، هو نبض الناس وذاكرتهم وصوتهم الأصيل غير المصطنع، وهو مفتاح قراءة الثقافة من جذورها الأصيلة، وهو أحد روافد كتابة التاريخ في مجتمعاتنا العربية، مما يتطلب أن يتجه الباحثون نحوه بأجناس المعرفة الاجتماعية العامة.
هذا المدخل يحيلني إلى تردُّد بعض - وليس كل - جامعاتنا من دراسة الشعر الشعبي بنفس القدر والعناية والاهتمام الذي يلقاه الشعر الفصيح، والذي ربما أُشبع موتاً وبحثاً. وهنا أدعو المؤسسات الأكاديمية إلى تبني إنشاء أقسام تعنى بالشعر الشعبي ونقده وتأصيله وبحثه وقراءته بصورة واعية وجادة وخلّاقة.
هذا على المستوى العلمي والمعرفي. أما على المستوى الجمالي فأظن أن ما يكتنز به ديوان الشعر الشعبي في مختلف المجتمعات العربية يفوق قسيمه الآخر، بل بمقدوره أن يُنتج من الصور والتخييلات ما لا تحتويه الأجناس الفصيحة.
أملي وأمل قراء (المجلة العربية) أن تبادر مؤسسات الثقافة العربية إلى تأسيس ملتقى الشعر الشعبي العربي بصورة دورية تستضيفها كل عام دولة عربية، هذه المبادرة كفيلة بفتح الطرق نحو ثروة جمالية فائقة تكتنزها الثقافة العربية ولم يكشف عنها بعد، فهل من مبادر؟!