مجلة شهرية - العدد (572)  | مايو 2024 م- ذو القعدة 1445 هـ

دور التقنيات الناشئة في الاقتصاد الرقمي

تبعاً لمستجدات التقنية والتحول الرقمي، وما تستهدفه رؤية المملكة 2030، يأتي دور الاقتصاد الرقمي ليكون فاعلاً في تطور عجلة الاقتصاد والتوسع في إدخال التعاملات الرقمية في كافة مراحله، والاقتصاد الرقمي يقصد به النشاط التجاري الذي يتم باستخدام شبكة الإنترنت سواء في عمليات البيع والشراء أو الاستيراد والتصدير أو العمل عن بعد أو ما يتعلق بفاعلية سلاسل الإمداد... وغير ذلك.
وقد صاحب ظهور شبكة الإنترنت ظهور العديد من الشركات التي تخصصت في التجارة الإلكترونية أو سهلت ظهورها والبحث عنها وكانت بشكل مباشر أو غير مباشر تعمل في الاقتصاد الرقمي من خلال إيجاد متصفحات ومحركات بحث أو تطبيقات أو منصات تعاملات تهدف منها للربح المباشر وغير المباشر مثل شركة قوقل كمسهل للتجارة الرقمية ومستثمر فيها وشركة أمازون كمستثمر مباشر في التجارة الرقمية، وغيرهما الكثير.
وتلعب التقنيات الناشئة دوراً محورياً في عجلة الاقتصاد الرقمي ونقصد بها التقنيات الجديدة في طور الاستخدام الأولي أو التجريبي والتي تم ابتكارها أو أنشئت من الصفر ولم ينتشر استخدامها على نطاق واسع، والبعض يتحدث عنها على أنها تقنيات تم إنشاؤها لحل مشكلات اقتصادية أو تطوير تعاملات تجارية أو تسريع أعمال.
ولذلك فالتقنيات الناشئة تساهم اليوم بشكل فاعل في مسيرة التحول الرقمي بوتيرة متسارعة، حيث أدى التوسع الكبير في رقمنة الاقتصاد والذي زادت وتيرته في ظرف جائحة كورونا إلى التحول الكامل أو شبه الكامل إلى الاقتصاد الرقمي وهو ما يعزز من اهتمام قطاع الأعمال بهذا الموضوع والتعرف عليه بشكل أكبر لتحقيق المنفعة من إدخال التقنيات الناشئة في العمليات التجارية، ونعتقد اليوم أن سوق تقنية المعلومات والتقنيات الناشئة قد تضاعف حجمه وقيمته السوقية خصوصاً بعد ظهور وباء كورونا المستجد.
ويتوقع أن يستمر حجم هذا السوق في النمو المتسارع تبعاً لتوجه الخطط التنموية في المملكة العربية السعودية وفي بقية دول العالم، حيث تشير بعض المؤشرات إلى هذا، حيث شكّلت الدول الأكبر اقتصادياً (مجموعة العشرين G20) إيماناً منها بأهمية الاقتصاد الرقمي، فريق عمل للاقتصاد الرقمي لمجموعة العشرين، وتزيد الفرصة بوجود التقنيات الناشئة لخلق قيمة مضافة للاقتصاد الرقمي من خلال قدرات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتحليل البيانات الضخمة والطباعة الثلاثية، وتقنيات النانو، والواقع المعزز، والواقع الافتراضي، وظهور تقنية بلوكتشين وهذه التقنيات (الناشئة) مكنت للاقتصاد الرقمي وأسهمت في خدمته بصورة سريعة، وبمستوى متطور من قدرة تفاعل الإنسان مع تطبيقات التقنيات الناشئة في كافة قطاعات الأعمال، فهي بشكل عام ممكن ومعزز للاقتصاد الرقمي ومساهم حقيقي في تقليص التكاليف واستثمار الموارد بشكل فعال.
ومن أهم خصائص الاقتصاد الرقمي، اعتماده التام على التعاملات عبر شبكة الإنترنت، عبر موقع على الشبكة، أو من خلال تطبيقات الأجهزة الذكية على متاجر أبل وأندرويد، ويمتاز أيضاً بارتباطه الشبكي المتفرع بين الأشخاص والقطاعات والتطبيقات والأجهزة الذكية أو الكمبيوتر، وإنترنت الأشياء.
وتوفر المظلة الحكومية للاقتصاد الرقمي في أي بلد المتطلب الأهم الذي يبنى عليه (وجود السياسة والتشريعات)، ومن ثم توفر قدرات مناسبة لتراسل واستقبال البيانات عبر الإنترنت، من خلال منصات خدمات الاقتصاد الرقمي، والتجارة الإلكترونية، ولذا فلا بد من توفر خيارات الدفع الآمن، وضمان استمرار ومأمونية سلاسل الإمداد والتوزيع، لكي تكون حملات التسويق الرقمي ناجحة وتتصف بالشفافية والموثوقية في التعاملات التجارية، ومن أمثلة الاقتصاد الرقمي الذي يعمل عبر التقنيات الناشئة في وقتنا الحاضر خدمات النقل المعروفة (أوبر وكريم وبولت) وهي شركات سيارات أجرة عالمية، لا تملك أي مركبات.
وليس لدى مواقع (إير بي إن بي أو بوكينق)، أكبر مزود للسكن في العالم، أي عقارات مملوكة لهذه الشركات لكنها تقوم بعمل تجاري رقمي بواسطة التقنيات الناشئة.
وفي بيئة الاقتصاد الرقمي المعتمد على التقنيات الناشئة ظهر شكل مختلف لمستقبل العمل، الذي لم يعد معنياً بحواجز الزمان والمكان التي تلاشت بسبب الفضاء الرقمي ولم يعد شرطاً تواجد الموظف في مكان محدد، ويمكنه مزاولة الكثير من مهامه في أوقات غير وقت العمل الرسمي المتعارف عليه، والحال ذاته ينطبق على رصد تجربة العميل التي اتسعت في الشراء عبر المتاجر الإلكترونية خصوصاً عندما تكون عبر تطبيقات وتعاملات سهلة وموثوقة وتحفظ الخصوصية.
إن مستقبل الاقتصاد الرقمي في ظل التوسع في ظهور المزيد من التقنيات الناشئة خيار إستراتيجي وطريق أسرع نحو تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 واستشراف المزيد من الفرص المستقبلية.

ذو صلة