البحوث الاجتماعية وسيلة علمية مهمة في الحصول على معلومات بطريقة منظمة عن الظواهر والقضايا الاجتماعية والثقافية. والبحوث في هذا الصدد تتم وفقاً لنمطين: أولهما البحث الكمي الذي يقيس الاتجاهات على نطاق واسع للعينات، والثاني يعرف بالبحث الكيفي الذي يتعمق في التفاصيل الوصفية على نطاق ضيق للعينات. ومن بين طرق البحث الكيفي المهمة طريقة البحث الإثنوجرافي القائمة على الوصف والتوثيق الشامل والدقيق للمجتمعات الصغيرة والأحداث والظواهر الاجتماعية والثقافية في نطاق مكاني محدد.
-1 الإثنوجرافيا التقليدية
كلمة الإثنوجرافيا ethnography في الأصل مكونة من مقطعين الأول ethno مأخوذة من اليونانية ethnos بمعنى عرق أو ثقافة أو شعب أو أمة، وكلمة graphy من اليونانية بمعنى الوصف والتوثيق، وعُربت الكلمة مع تطور الاهتمام بالإنثروبولوجيا (علم دراسة الإنسان) في العالم العربي على مدى ستة عقود مضت، ويعرف البحث الإثنوجرافي ethnographic research في الأساس بأنه طريقة منهجية كيفية في الدراسة الوصفية لمجتمع محلي على نحو مباشر وبصورة كلية تشمل وصفاً للمكان والبيوت والأدوات وعلاقات البشر وعاداتهم وتقاليدهم وتفاعلاتهم في الحياة اليومية، وتتم عملية جمع البيانات ميدانياً من خلال تواجد الباحث واندماجه الكامل في عمل ميداني مكثف داخل المجتمع وتفاعله المباشر مع المبحوثين مستخدماً ثلاث أدوات أساسية وهي: الملاحظة بالمشاركة (أي ملاحظة سلوك البشر خلال التفاعل معهم) والمقابلات المتعمقة (التي تهتم بالتفاصيل الوصفية الدقيقة) وحلقات المناقشة الجماعية (التي يتم جمع البيانات فيها بالمناقشة مع مجموعة من المبحوثين)، إلى جانب التوثيق بالكتابة والتصوير الفوتوغرافي.
ويمكن إجراء البحث الإثنوجرافي على مجتمع محلي صغير أو جماعة صغيرة أو حدث يمارس في منطقة محددة مثل: زيارات الأولياء، واحتفالات عيد الميلاد، وطقوس الحداد، والأسواق الشعبية، وجلسات القضاء العرفي لفض المنازعات، ودور المسنين، ورعاية المرضى في غرف الرعاية المركزة..إلخ. ويمكن توظيف البحث الإثنوجرافي في مجال الأفلام الوثائقية في مجتمع محدد، بحيث يمثل الوصف الموثق بمثابة سيناريو لتصوير أحداث الفيلم الوثائقي.
يعود استخدام المنهج الإثنوجرافي إلى تاريخ طويل يبدأ من الطريقة التي اتبعها الرحالة والمبشرون والمستشرقون منذ زمن بعيد في وصفهم للأماكن التي زاروها ومشاهداتهم لصور من الحياه اليومية في مناطق مختلفة من العالم ومن بينها المنطقة العربية. ويرجع الاستخدام الحديث والمنظم لهذا المنهج إلى عالم الإنثروبولوجيا البريطاني، من أصل بولندي برانسلاو مالينوفسكي Malinowski حين ذهب إلى جزر التروبرياند في غينيا الجديدة بالمحيط الهادي وعاش وسط السكان البدائيين لعدة سنوات، ونقل إلينا مشاهداته وحواراته مع الناس في هذه الجزر، وقدم وصفاً جيداً للعلاقات الاجتماعية والثقافة المحلية في دراسة له نشرت عام 1922، ومنذ ذلك الوقت أصبح إجراء الدراسة الإثنوجرافية شرطاً مهماً في تأهيل الباحث الإنثروبولوجي، ومن خلالها يعيش عاماً كاملاً أو أكثر مع المبحوثين ويتعلم لغتهم ويشاركهم في المناسبات المختلفة، مع ضرورة الحفاظ على قدرته في الوصف والفهم الموضوعي. ومن شروطها أيضاً الوصف الكلي المتكامل والأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر المبحوثين في فهم وتفسير ثقافتهم وممارساتهم ونظمهم الاجتماعية.
هذه الشروط كانت مرتبطة بالتباعد المكاني وضرورة انتقال الباحث إلى المناطق التي يدرسها ويستخدم وسائل التواصل التقليدية المباشرة. ولكن مع التحول الكبير في تكنولوجيا الاتصال وظهور عصر رقمي غير مسبوق تغيرت شروط البحث الإثنوجرافي وتولد شكل جديد للبحث يعرف بالإثنوجرافيا الرقمية Digital Ethnography. وبموجب ذلك أصبحت هناك فرص جديدة للبحث الإثنوجرافي يجب استثمارها، في مقابل تحديات جديدة يجب مواجهتها والتعامل معها بطريقة إبداعية.
-2 الإثنوجرافيا الرقمية
هي طريقة جديدة في البحث الكيفي ضمن المجال الأوسع للإثنوجرافيا والتي تركز على دراسة الممارسات الاجتماعية والثقافات والمجتمعات في البيئات الرقمية. وتدرس العلاقة بين التكنولوجيا الرقمية والسلوك البشري وكيفية تفاعل البشر وتواصلهم في البيئات الرقمية. ويشمل ذلك دراسة المجتمعات الرقمية والعوالم الافتراضية وتأثير التكنولوجيا الرقمية على الممارسات الثقافية التقليدية، وتتخذ الإثنوجرافيا الرقمية شكلين الأول: 1- توظيف التقنيات الرقمية في دراسة ظواهر واقعية. 2- استخدام أدوات جديدة للإثنوجرافيا في دراسة الثقافة الرقمية داخل العالم اللافتراضي.
(أ) استخدام أدوات رقمية في دراسة ظواهر واقعية
من الفرص الجديدة التي وفرها العصر الرقمي وجود وسائل تكنولوجية حديثة تساعد في الوصول إلى المبحوثين من أماكن إقامتهم على بعد آلاف الأميال والتواصل معهم في الوقت ذاته، وجمع بيانات دقيقة بالاعتماد على تطبيقات ومنصات عقد اللقاءات الافتراضية بالصوت والصورة مثل: زووم zoom، وgoogle meet، وMicrosoft team، وskype، وGoToMeeting، وCisco Webex ...إلخ. هذه الوسائل الجديدة أتاحت فرصاً كبيرة لإجراء مقابلات بين الباحثين والمبحوثين بما يتجاوز حدود وعوائق المكان وبطريقة سهلة، وأقل تكلفة وتسمح بالمصداقية في أن يتأكد الباحث من الحصول على بيانات صحيحة من المبحوثين المدرجين في العينة. كما تساعد هذه الأدوات في إمكانية التسجيل وتفريغ البيانات في صورة نصية، وهكذا أصبحت التطبيقات والمنصات الجديدة وسائل فعالة ومعترفاً بها منهجياً ويتم إدماجها في إجراءات جمع بيانات البحث الإثنوجرافي، ولقد كانت جائحة كورونا (كوفيد -19) هي الدافع الحقيقي نحو الالتفات لهذه التقنيات الجديدة وتوظيفها في البحث الإثنوجرافي بصورة جيدة.
وهناك تطبيقات برامج أخرى يمكن الإفادة منها في تحليل البيانات الكيفية المفصلة التي يحصل عليها الباحثون، حيث يتم التحليل بطريقة رقمية أسهل في ترميز وتصنيف وتنظيم البيانات من خلال برامج عديدة أشهرها dedoos، وNVivo، . بالإضافة إلى برامج أخرى في التحليل الجغرافي المكاني باستخدام نظم المعلومات الجغرافية ArcGIS أو Google Earth لرسم خرائط البيانات المكانية، وبخاصة عند دراسة الظواهر الموزعة عبر المكان.
(ب) استخدام تطبيقات لدراسة الظواهر الاجتماعية الرقمية
أتاح العصر الحديث وثورة الاتصالات الهائلة وجود عالم جديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي يتضمن صوراً مكثفة من التفاعلات الاجتماعية والظواهر الاجتماعية والثقافية فيما يعرف بالثقافة الرقمية digital culture، وتشمل هذه الثقافة السلوكيات والمعايير والتفاعلات الاجتماعية عبر المنصات والخوارزميات والإمكانات الرقمية التي تشكل حياة موازية أحياناً ومتفاعلة ومتداخلة أحياناً أخرى مع العالم الواقعي المباشر للحياة اليومية. وقد أتاح ذلك الفرصة لدراسات إثنوجرافية رقمية من قبيل: دراسة المجتمعات عبر الإنترنت والعوالم الافتراضية ودورها في صناعة الهويات الجديدة، ودراسة الميمات meme (مقاطع صور وفيديوهات مرفق بها تعليقات ساخرة أو فكاهية مثيرة تنتشر بسرعة فائقة عبر الإنترنت) وتأثيرها في الشائعات، ودراسة نشاط المؤثرين ودورهم في تشكيل الرأي العام، وكيفية توظيف المنصات الرقمية في نشاط الحركات الاجتماعية، وتحليل كيفية تأثير الخوارزميات على الإنتاج والاستهلاك الثقافي، ودراسة الممارسات الضارة في المساحات الرقمية، مثل التلاعب بالمزاج العام، والتنمر الإلكتروني أو التحرش أو التشهير..إلخ. وكل ذلك يعكس ظواهر جديدة تعبر عن جانب كبير من تأثير التكنولوجيا الحديثة في سلوك البشر وتفاعلاتهم وهوياتهم ونظمهم الاجتماعية.
وقد أنتج عالم هذه الثقافة الرقمية بيانات ضخمة تحمل دلالات كثيرة ومهمة عن سلوك الناس وممارساتهم وتصوراتهم واتجاهاتهم ومعتقداتهم ومزاجهم العام في البيئة الرقمية، وتختلف هذه البيانات بصورة واضحة عن البيانات التقليدية التي كانت تُجمَع بأدوات تقليدية كالملاحظة والمقابلة وحلقات المناقشة الجماعية، ومن ثم يَصعُب جمع وتحليل البيانات الرقمية بنفس الوسائل التقليدية للبحث الإثنوجرافي. ولهذا طور المبرمجون تطبيقات جديدة تتناسب مع عملية جمع البيانات الرقمية من خلال تطبيقات الهاتف المحمول الإثنوغرافية Mobile Ethnography Apps: مثل dscout وIndeemo، والتي تسمح للمشاركين بتوثيق تجاربهم باستخدام الصور ومقاطع الفيديو والنص في وقت محدد، وكذلك اليوميات الرقمية Digital Diaries وهي أدوات تمكن المشاركين من تسجيل أنشطتهم اليومية وأفكارهم بمحض إرادتهم باستخدام التطبيقات أو المنصات عبر الإنترنت. مع الأخذ في الاعتبار أن البحث الإثنوجرافي الرقمي يتيح إمكانية استخدام ما يعرف بالملاحظة الغامرة immersive observation القائمة على الاستغراق الكامل في التفاعل داخل الفضاء الرقمي وهذه الأداة تختلف عن الملاحظة بالمشاركة participant observation وثيقة الصلة بالإثنوجرافيا التقليدية داخل الواقع الحقيقي، حيث يمكن الباحث الإثنوجرافي عبر الملاحظة الغامرة أن يكون جزءاً من المشاركين داخل عوالم الواقع الافتراضي ويلاحظهم خلال التفاعل الافتراضي معهم لفهم كيفية تصرف الأشخاص المبحوثين وتفاعلهم واندماجهم مع بعضهم البعض داخل هذه المساحات الافتراضية.
ويستخدم البحث الإثنوجرافي الرقمي أيضاً أدوات في تحليل البيانات الرقمية على هيئة تطبيقات لتمكين الباحثين من معالجة وتفسير البيانات المجمعة، مثل أدوات تحليل النصوص Leximancer أو LIWC للتحليل اللغوي وحساب الكلمات، أو أدوات Voyant لتحليل الأنماط في البيانات النصية، وكذلك أدوات تحليل المشاعر مثل Monkey Learn أو IBM Watson لاستخراج المشاعر والعواطف للمستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي. ويمكن للإثنوجرافيا الرقمية أن تستخدم أدوات لرصد وتحليل الممارسات والتفاعلات وتتبع وتحليل محادثات وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت مثل Brandwatch أو Hootsuite أو Sprinklr، والاستعانة بأدوات معروفة باسم Scrapy أو Octoparse لسحب البيانات من مواقع التواصل الاجتماعي وجمع بيانات ضخمة من مواقع الويب أو المنتديات أو المنصات الرقمية الأخرى، ومنصات الإثنوجرافيا عبر الإنترنت Social Media Monitoring Platforms والتي تستخدم أدوات مثل Netlytic لتحليل التفاعلات داخل المجتمعات الافتراضية عبر الإنترنت، وإلى جانب تحليل النصوص هناك برامج أخرى تستخدمها الإثنوجرافيا الرقمية لتحليل الصور مثل DeepDream Generator، وتحليل مقاطع الفيديو مثل Adobe Premiere Pro.
وهناك تطورات كبيرة في مجال الإثنوجرافيا الرقمية تعتمد على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لجمع وتحليل بيانات بطريقة آلية دون عنصر بشري automated data، بما يساعد على سرعة وكفاءة البحث الإثنوغرافي عبر الإنترنت. ويتم توظيف خوارزميات الذكاء الاصطناعي وروبوتات في عمليات جمع وتحليل البيانات والنصوص ورسم وتصوير الشبكات الاجتماعية والاتصالات بين الأفراد أو المجموعات في المساحات الرقمية، وتحديد المؤثرين الرئيسين وأنماط الاتصال بكفاءة عالية وعلى نطاق واسع في الفضاء الرقمي. ويمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي الكشف عن الأنماط أو العلاقات المخفية في البيانات التي قد لا تكون واضحة للباحثين.
ومع ذلك ثمة تحديات تتعلق بالتحيز في الخوارزميات والتي يمكن أن تنعكس سلباً في النتائج، وهناك مخاوف أخلاقية تتعلق بانتهاك الخصوصية في جمع البيانات، وقد تؤدي السرعة إلى جمع بيانات منخفضة الجودة أو غير مكتملة مما يؤدي الى استنتاجات غير دقيقة. ولهذا يتطلب استخدام أدوات البحث الإثنوجرافي الرقمي دراسة متأنية للمخاوف الأخلاقية والمنهجية وتحديات جودة البيانات.
-3 مستقبل الإثنوجرافيا الرقمية
من الواضح أن تطور الإثنوجرافيا الرقمية ارتبط بالقدرة المنهجية الفائقة على التعامل مع ثلاثة أنواع من الواقع: (1) الواقع المعاش التقليدي والمباشر real reality والذي ولدت داخلة الإثنوجرافيا التقليدية، (2) الواقع الافتراضي virtual reality القائم على تفاعلات كاملة بين أطراف موجودة وجوداً افتراضياً أو رقمياً عبر الإنترنت، (3) الواقع المعزز augmented reality القائم على صور من التفاعل هي مزيج بين وجود البشر في الواقع الملموس ووجود بشر آخرين عبر أدوات الاتصال الحديثة كالحاسب الآلي والهواتف الذكية المحمولة، حيث يستطيع الباحث الإثنوجرافي الرقمي أن يجمع ويحلل بيانات من الأنماط الثلاثة للواقع بمزيج من أدوات تقليدية وأدوات وتقنيات رقمية حديثة، ومع التطورات المتسارعة في البحث الإثنوجرافي يمكن تقريب الفجوة بين الإثنوجرافيا التقليدية والإثنوجرافيا الرقمية.
من المرجح أن تشهد الإثنوجرافيا في المستقبل تطورات كبيرة في استخدام التكنولوجيا الحديثة وبالأخص تقنيات الذكاء الاصطناعي على أوسع نطاق، وسوف تكون دراسات الإثنوجرافيا أكثر سرعة في رصد وتحليل التفاعلات والسلوكيات الرقمية الحية أثناء حدوثها. ويمكن للدراسات الإثنوجرافية الرقمية اكتساب القدرة الفائقة على التعامل مع البيانات الضخمة بما يقلل الفجوة بين البحث الكمي والبحث الكيفي داخل البيئة الرقمية. ومع تطور المنصات الرقمية، ستصبح دراسات الإثنوجرافيا الرقمية التتبعية ممكنة وضرورية لفهم التغيرات طويلة الأجل في السلوك والثقافة والمجتمعات عبر الإنترنت، وسوف يستطيع الباحثون في الإثنوجرافيا الرقمية تحليل دور الخوارزميات وتأثيراتها على تشكيل سلوك المستخدم واتخاذ القرار في الفضاءات الرقمية. ومن المتوقع أن يحظى الاقتصاد الرقمي بدراسات متعمقة وأكثر دقة خصوصاً فيما يتعلق بأوضاع العمل المؤقت والتشاركي عبر منصات العمل الحر الافتراضية، وسوف تتقاطع الإثنوجرافيا الرقمية بشكل متزايد مع تخصصات أخرى، مثل علوم البيانات، والتفاعل بين الإنسان والحاسوب، والعلوم الاجتماعية الحاسوبية.
وكل ذلك يعني أن مستقبل الإثنوجرافيا الرقمية واعد ومعقد في الوقت ذاته. ولهذا يتطلب من الباحثين سرعة التكيف مع التطورات التكنولوجية المتواصلة، ومعالجة التحديات الأخلاقية، وتطوير منهجيات مبتكرة تساعد في الوصول إلى عينات ممثلة للعالم الافتراضي بهدف تعزيز القدرة على فهم تعقيدات السلوك البشري في عالم رقمي يتسع باستمرار. ونظراً لأن الإثنوجرافيا الرقمية تنطوي بشكل متزايد على تحليل البيانات الضخمة، فإن حماية إخفاء هوية المشاركين وخصوصيتهم ستصبح أكثر تعقيداً وأهمية في عمليات جمع وتحليل البيانات.
من الواضح أن التطورات الجارية في الأثنوجرافيا الرقمية سريعة للغاية وتواكب التطورات الهائلة في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات عموماً، ولهذا يصعب على الباحثين العرب في الدراسات الإنثروبولوجية استخدام البحث الإثنوجرافي بكفاءة في البيئة الرقمية المتسارعة في التطور والتغير ما لم يكونوا على دراية جيدة بعلوم المعلومات والاتصال ومؤهلين بكفاءة لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في بحوثهم. وإلا سوف تصبح هناك فجوة كبيرة يصعب تقريبها بين التطورات الهائلة والمتسارعة في هذا المجال داخل المجتمعات في العالم المتقدم من ناحية، وقدرتنا على خوض مغامرة البحث الإثنوجرافي الرقمي في مجتمعاتنا العربية من ناحية أخرى. ولا أبالغ بالقول إن هذه الفجوة سوف تنعكس سلباً على أمننا القومي عندما نعجز عن فهم ما يحدث في مجتمعاتنا ويتفوق غيرنا في فهمنا لواقعنا المتغير داخل متاهات الفضاء الرقمي.