مجلة شهرية - العدد (572)  | مايو 2024 م- ذو القعدة 1445 هـ

أيهما أسعد حظاً؟!

كنت أتأملها فجمالها الهادئُ وابتسامتها، وبياضُ بشرتها ووجهها الذي مثل البدرُ في استدارتهِ، وعيناها اللتانِ ماثل لونهما حبتي الزيتون تجعلكَ تسرح في تفاصيلها مبهوراً.
همستُ في سري، سعيدُ حظَ منْ كنتِ زوجته. وأنا أسمعها وهيَ تُحدثني قائلة:
كنت في أشد درجات الصراع وأنا أتذكر أن الله رزقني بزوجٍ، جميل الظاهر والباطن، حلو المبسم، شديد الاهتمام، كامل العطاء، يغض الطرف عن أخطائي
ويُظهر حسناتي، وها هي بطاقته الغالية في يدي شاهدة على عطائه اللامتناهي.
وأقرر أن أصرف أغلب رصيده على التسوق الإلكتروني بين عطورات ومجوهرات وأجهزة وبعض الأثاث..
يالله وكيف أُمسك يدي أمام هذه الأزياء الجميلة؟!
ولكن قلبي المحب جعلني أقول:
لا.. أي جرم سأقترف، أن أصرف جهده وتعبه وقد وثق بي في لحظة..
وبين وسوسة شيطان يقول لي وكيف ستعرفين أنه يحبكِ ولن يبخل عليكِ بشيء، وأن حبه لكِ سيغلب غضبه منكِ؟!
عندها قررت أن أصرف وأشتري، وبالفعل صرفت ما يُقارب الخمسين ألفاً..
أفقت على صدمة ما فعلت عندما انتهيت من عملية الدفع، عندها توارى شيطاني جانباً وبقي قلبي المحب يلومني ولم ينتهِ لومه لي إلا عندما أتاني اتصال من زوجي فأيقنت بالهلاك، ورَسَمَ خيالي المُذنب سيناريوهات سوداوية أقلها ظُلْمة أن يُطلقني زوجي، وأشدها ألماً أن يكفّ عن حبه لي.
ترددت وبعد أن أوشك أن يغلق الاتصال، أجبت وأنا أسمع صوته يقول، حبيبتي هل أضعتِ بطاقتي؟
صمت بُرهة.. وأجبت وأنا أظن أن روحي خرجت مع كل حرف أقوله: لا إنها معي..
ساد الصمت المخيف بيننا ليقطعه استفهامه:
ولكن أتاني خصم خمسين ألفاً من حسابي؟!
أجبت بكل ألم وأنا أحس بصدمته..
وأضرب خدي بيدي (كأني أُعاقب نفسي):
أنا من صرفتها..
أدهشني ما سمعت وسيدهشك مثلي..
وهو يقول الحمد لله خشيت أنها قد ضاعت منكِ..
ثم تنفس الصعداء.. واستطرد يقول: المهم لدي أنتِ.. أنا لم أجمع المال إلا لكِ..
كلماته أجبرتني على البكاء.. وأنا ألوم نفسي على شكي بحبه لي..
وعندما سمع صوت بكائي أخذ يتأسف مني لأنه أضاع علي فرحتي بما اشتريت..
وضاعت محاولاتي سدى وأنا أقول له إنه ليس السبب بل أنا السبب..
أغلق الهاتف وقد عقد العزم أن يعود.. لأنه لا يتحمل أن أكون حزينة وهو بعيد عني.. عندها لم أتمالك نفسي وصرختُ بِمُحدثتي بل أنتِ سعيدة الحظ برجلٍ مثله.

ذو صلة