مجلة شهرية - العدد (571)  | أبريل 2024 م- رمضان 1445 هـ

وَقَرُب الشهر الكريم

تهرب الأيام من بين أيدينا، وتتداخل الأشهر بغير شعور منا، ونحن في أحوال تتقلب بنا، والمسلم تأتيه فرص فيها يتوب إلى الله ويلجأ، يدعوه فيها بالثبات على دين الحق، ويرجوه أن يأخذ بيده إلى الطريق المستقيم، وها هو رمضان قد قرب، وأحوال الأمة أحوال، فهناك حروب اشتد أدارها، وهناك من يشعل الفتن بين أفرادها، وعسى بقدوم هذا الشهر تخفت أصوات الفتن والحروب، فما يشعلها إلا شيطان، وفي هذا الشهر الكريم تصفد الشياطين، قال الشاعر:
رمضان في قلبي هماهم نشوة
من قبل رؤية وجهك الوضاء
وعلى فمي طعم أحس به
من طعم تلك الجنة الخضراء
قالوا بأنك قادم فتهللت
بالبشر أوجهنا وبالخيلاء
لقد فتشت في ديوان الأدب العربي، خصوصاً الشعر منه، علّي أجد من يتحدث عن قرب قدوم رمضان، وليمضي هذا القول مع ما نحن فيه الآن من عيش مع شعبان نترقب رمضان، وهنا وجدت مجموعة أبيات ضمن قصيدة قالها (ابن دراج القسطلي) 347 - 421هـ في مدح ابن أبي عامر منها:
فلَئنْ غَنِمْتَ هناك أَمثالَ الدُّمى
فهُنا بيوتُ المِسكِ فاغنَمْ وانْتَهِبْ
تُحَفاً لشعبانٍ جلا لَكَ وَجْهَهُ
عِوَضاً مِنَ الوردِ الَّذِي أهدى رَجَبْ
فاقْبَلْ هدِيَّتَهُ فقد وافى بِهَا
قدراً إِلَى أَمد الصيام إذا وجبْ
واسْتَوفِ بهجتَها وطيبَ نسيمها
فإذا دَنا رمضانُ فاسْجُد واقترِبْ
وصلِ الجهادَ إِلَى الصِّيامِ بَعَزْمَةٍ
من ثائرٍ يُرْضي الإلهَ إِذَا غَضِبْ
فالشاعر هنا يدعو إلى اغتنام الفرص من صوم سيأتي إثر شهر شعبان، ومن جهاد بعد شهر رمضان.
قال مؤيد الدين الشيرازي (390 - 470هـ) بعد أن تحدث عن شعبان:
وشهر الله يتلوه وكل
يدل على أخي شرف جسيم
وقال الشاعر الأندلسي (ابن الصباغ) محتفلاً بقدوم رمضان:
وأفاك ضيف فالتزم تعظيمه
واجعل قراه قراءة القرآن
صمه وصنه واغتنم أيامه
واجبر ذما الضعفاء بالإحسان
وقال الشاعر العراقي (عبود الطريحي 1285 - 1328هـ):
أقبل شهر رمضان: قم واستعد
لصومه مع التقى والصلاح
شهر به الرحمة قد أنزلت
وكل خير للتقى فيه لاح
وقال الرافعي 1298- 1356هـ معبراً عن إحساسه بحلول الشهر الكريم:
وكم في الناس من كلف مشوق
إليك وكم شجي مستهام
وقال عبدالقدوس الأنصاري مخاطباً رمضان:
فأنت ربيع الحياة البهيج
تنضر بالصفو أوطانها
وأنت بشير القلوب الذي
يعرفها الله رحماتها
فأهلاً وسهلاً بشهر الصيام
يسل من النفس أضغانها
والشاعر (جدع) قال مرحباً بالشهر الكريم:
رمضان يا خير الشهور
وخير بشرى في الزمان
وقبله قال الشاعر (السنوسي):
رمضان يا أمل النفوس
الظامئات إلى السلام
يا شهر بل يا نهر ينهل
من عذوبته الأنام
أيام بقيت من شهر شعبان، لنصل إلى شهر كريم، نرجو الله أن يبلغنا إياه ونحن في أحسن حال وإخواننا المسلمين، قال رسول هذه الأمة: اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين، اللهم سلمه لنا وتسلمه منا صائمين قائمين يا رب العالمين.. اللهم بلغنا رمضان وأنت راض عنا.

ذو صلة