مجلة شهرية - العدد (571)  | أبريل 2024 م- رمضان 1445 هـ

الافتتاحية

وظيفة العلم الرئيسة تكمن في تحسين حياة الإنسان وتيسيرها, والعمل على تطوير ما يحقق ذلك، وتحت هذه المظلة تندرج طرائق وآليات يحضر ضمنها حقل المستقبل، الذي تسعى البشرية دوماً إلى أن تستبق وصوله بالاستشراف والاكتشاف.
مسألة المستقبل مربكة وغير طيّعة للقراءة والتحليل والتأويل، فالمستقبل في أصله ليس سوى ما يصنعه الإنسان، غير أن هذا الصنع ربما يتسبب في نتائج غير مرئية, وهنا تحدث الأزمات والإشكالات، وهنا أيضاً يحضر دور علم المستقبليات الذي يتخصص في قراءة حركة الإنسان وما أنتجه من مبتكرات وآلات وتنظيمات وتفاصيل لا حد لها، مع استحضار أبرز عوائق علم المستقبل, حين ندرك أنه غير مؤطر في حدود دولة بعينها أو شعب بذاته، فالعالم اليوم مترابط, وما يحدث في جهة سيرحل أثره إلى جهات أخرى، وما وباء كورونا عنه ببعيد.
في هذا العدد من (المجلة العربية) سيطالع القارئ رؤى متباينة وثرية عن ملف علم المستقبليات، غير أن الاتجاه العام المشترك فيما بينها ينحو تجاه الاتفاق على أن الدورة الحالية للبشرية تشهد قفزات عالية في سياقات العلم والمعرفة ومنتجاتهما، ما يعني أن مستقبلاً يتشكل الآن بصورة مغايرة جذرياً عما عرفه الإنسان في دورات الحياة السابقة، الأمر الذي يُحتم تكثيف الجهود العملية نحو قراءة المستقبل بما يضمن تحقيق القدر المأمول من السيطرة, مع التسليم بصعوبة هذه المهمة التي تزداد تفرعاً وتعمقاً كل يوم بفعل تنامي الأحداث وتقاطعها وتداخلها فيما بينها على مستويات السياسة والاقتصاد والتعليم، ناهيك عن العالم الافتراضي الذي بات اليوم الرحم الذي تتوالد منه الأشياء, والمظلة التي تتدلى منها سائر الأشياء أيضاً.
أختم بالإشارة إلى مراكز الأبحاث في مختلف المجالات في العالم العربي، متسائلاً عن إمكانية التعاون فيما بينها بما يحقق التعاون والتكامل والبناء على ما تحقق.
أحييكم وأدعوكم إلى قراءة متأنية لملف علم المستقبليات.

ذو صلة