مجلة شهرية - العدد (570)  | مارس 2024 م- شعبان 1445 هـ

الطائف

قلت للقلب وقد أرهقني             كثرةُ التفكير: أين المهربُ؟
قال: هل تسمعُ نصحي إنْ أنا        قلت رأيي أم تُرى بي تلعب؟
إنَّ عهدي بك أن تعصيَني         وترى في العقل نعمَ المطلب
قلت: مسجونٌ ويرجو فَرَجاً         عقليَ المأسورُ مضْنى مُتعَب
قال: كم أمضيتَ عمراً سائحاً         تارة شرقاً وحيناً تُغرب
ولديك الوطن الغالي بهِ         كلُّ ما السياحُ دوماً تَطلب
كلُّ ركن فيه إمَّا جئتَهُ             لا ترى فيه سوى ما يُطرب
دُونَك (الطائفُ) لا نِدَّ لها         كلُّ ما فيها بديعٌ مُعجِب
وإذا شئتَ (اعتِماراً) فانطلقْ         نحوَ بيت الله فهو الأقرب
قلت: يا قلبيَ شكراً لا تَزِدْ         إنَّ هذا الرأي لهْو الأصوب
بلدتي هذي وقد أُنسِيتُها         لكأنَّ العقل مني يُحجب!
بلدتي هذي وفيها نشأتي         كلُّ ركن ليَ فيهِ ملعب
مِن جبالٍ ووهادٍ زانَها             خضرةٌ.. ماءٌ.. وطقسٌ يَخلُب
يحجبُ الغيمُ نهاراً شمسَها         فإذا السيرُ ضُحًى لا يُتعب
في الهَدا أو في الشَّفَا أو لِيِّةٍ         يهنأ الزادُ ويحلو المشرب
وبِوُجٍّ، وبِوَهْطٍ، ووُهيـ            ـطٍ يطيب الملتقى والطَّرب
ذاع صِيتُ الوردِ فيها فغدا         لـ (هُلندا) و(فرنسا) يُجلب
أهلُها مذ أعلنوا إسلامهمْ         وهُمُ للدين نعم المكسب
صار منهمْ أمراءٌ، قادةٌ             وزراءٌ.. وولاةٌ.. نُــــــجُــب
حكتِ الآثارُ عن تاريخها         وهي أزكى شاهدٍ لا يكذب
ذا عكاظٌ ماثلٌ لمَّا يزلْ             خُطَبٌ، شعرٌ، تراثٌ، أدبُ
قلت: يا قلبيَ شكراً إنني         قد عرفتُ الآن أين المهرب؟!

ذو صلة