مجلة شهرية - العدد (571)  | أبريل 2024 م- رمضان 1445 هـ

الافتتاحية

الدرس الثابت في كتاب التاريخ يشير نحو التحول من حال إلى حال، وإلا فأين الأمم السابقة التي سادت ثم بادت؟ على هذا الحال تسير الحياة بنواميسها المرتحلة من نمط إلى آخر ومن نموذج إلى نقيضه. ولكيلا نمضي بعيداً في تتبع التحولات التاريخية سنستحضر ريادة التاج البريطاني ثم تراجعه، واليوم يراقب العالم بدايات التراجع لدى النفوذ الأمريكي في ظل نمو أقطاب عالمية منافسة أبرزها التنين الصيني.
التمدد والتراجع لا يتحققان في مجال دون الآخر، كما يعرف الجميع، ولهذا فشرط الهيمنة يتركز في شيوع النظام الثقافي بالدرجة الأولى، والذي يستلزم لكي يشيع؛ تسيد الذراعين السياسي والاقتصادي، لأن أحدهما لا يكفي لفرض النموذج الدولي. فاقتصادياً لم ترتبط الذهنية الاستهلاكية في العالم بمنتجات ما، مثلما ارتبطت بالمنتجات اليابانية، ومع هذا لم تشكل بروزاً نموذجياً دولياً قائداً. كذلك في الجانب العسكري، لم تشكل روسيا حضورها الدولي رغم ترسانتها النووية والعسكرية. وهذا ما يؤكد أن القيادة الحضارية العالمية تستلم الأذرع الثلاث الرئيسة: شيوع الثقافة عبر رافعتي السياسة والاقتصاد.
النموذج أعلاه يشير بوضوح تام إلى البوصلة الآسيوية، التي تحضُر ضمنها الصين، وكتلة دول الخليج بقيادة السعودية، عبر مستهدفات رؤية 2030 التي فاجأت العالم نحو صياغة مفهوم جديد للحضارة الإنسانية، إلى جانب مجموعة من القطر الآسيوي، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، ولهذا يأتي هذا الملف عبر المجلة العربية مستشرفاً هذا السياق المستقبلي من خلال رؤى نخبة من العقول العربية. آملين أن يسهم في بلورة رؤية ثقافية وفكرية جادة ورصينة، مع التنويه في هذه الجزئية إلى أن دار المجلة العربية للنشر والترجمة، قد ترجمت كتاب: (المستقبل آسيوي) للفيلسوف الأمريكي من أصول هندية: باراج خانا، 2021م، وذلك في سياق اهتمامها بمتابعة الجديد استشرافاً ومواكبة، فأهلاً بكم إلى المستقبل الآسيوي.

ذو صلة