مجلة شهرية - العدد (586)  | يوليو 2025 م- محرم 1447 هـ

القيادات الشابة وتمكين جيلهم الثقافي

في مشهد الثقافة السعودية اليوم، تبرز الفرق التطوعية بوصفها رافداً جديداً ومؤثراً في نشر الوعي الثقافي، وتشكيل علاقة واعية بين المجتمع وإرثه الحضاري، لم تعد مسؤولية نشر الثقافة حكراً على المؤسسات، بل باتت تتحرك من خلال مبادرات المجتمع، وأصوات الشباب وجهودهم الذاتية.
دور الفرق في نشر الثقافة العامة
إلى جانب التمكين الفردي، تؤدي الفرق التطوعية دوراً جماعياً في نقل المعرفة الأثرية للمجتمع، من خلال تبسيط المعلومات، وتصميم المبادرات التفاعلية، وإنشاء المحتوى الرقمي. وهنا يتجلّى التأثير الحقيقي: أن تكون الثقافة جزءاً من الحياة اليومية، لا مجرد نشاط نخبوي.
التطوع كمسار معرفي
يمثّل العمل التطوعي في المجالات الثقافية فرصة عملية تجمع بين التعلم والمتعة، فهو يفتح آفاقاً لفهم الواقع المهني واكتساب الخبرة بطريقة مباشرة وملموسة، بعيداً عن النمط التقليدي للتعليم. ومن خلال التفاعل الميداني، تتسع دائرة المعرفة لدى الطلاب والمهتمين، وتتطور مهاراتهم في التواصل والتفكير النقدي والعمل الجماعي.
كما يعزز هذا النوع من العمل روح التعلم الذاتي، ويبني الثقة المهنية، ويغرس شعوراً بالمسؤولية تجاه التراث. ليصبح العمل التطوعي تجربة ثرية وممتعة، وامتداداً واقعياً للمسار الأكاديمي، وأداة فعّالة لصقل الشخصية العلمية وتنمية الوعي الثقافي.
نموذج من الواقع
نشأت فكرة (فريق هويتنا التطوعي) من إيمان راسخ بأهمية تمكين الشباب، حيث اقترحتُ لزميلتي في تخصص الآثار والمتاحف تأسيس الفريق بعد أن جمعنا الشغف بمجالنا الأكاديمي، والرغبة في توظيفه لخدمة المجتمع. كنتُ أؤمن بقوة تأثير تمكين الشباب والمبادرات الشبابية وأهمية منحهم مساحة حقيقية للمشاركة في العمل الثقافي، في حين تولّت زميلتي الجانب الإعلامي بخبرتها وحبها وشغفها للمحتوى الإعلامي والثقافي.
مع الوقت، التحق بنا أكثر من 90 متطوعاً ومتطوعة من طلاب وطالبات التخصصات الثقافية، ليشكّل الفريق مساحة تطوعية تجمع بين المعرفة والتطبيق، وتعكس طاقة الجيل القادم في صناعة الوعي الثقافي.
نُنتج محتوى رقمياً بلغة مبسطة ومعاصرة، نُسلّط من خلاله الضوء على الآثار والسياحة، ونسعى لأن نكون إحدى الجهات الموثوقة في تقديم المصادر الثقافية للمجتمع.
لم يكن هدفنا فقط إيصال المعلومة، بل خلق علاقة حقيقية بين الشباب وموروثهم الثقافي. واليوم، أصبح الفريق مصدر إلهام لعدد من المبادرات التي انطلقت بروح شبيهة، وتحمل رسالة الاستمرارية في تعزيز الثقافة وتنمية الوعي المجتمعي
الخاتمة
إن تمكين الفرق التطوعية الثقافية هو استثمار في مستقبل الثقافة الوطنية، ودعم مباشر لتمكين الشباب في بناء وعي مجتمعي حيّ، يستند إلى المعرفة وينطلق من روح المبادرة. فالعمل التطوعي حين يرتبط بالثقافة، يتحوّل من نشاط محدود إلى تأثير مستدام يعزز الهوية ويثري المشهد الثقافي برؤية جديدة ومعاصرة.

ذو صلة