مجلة شهرية - العدد (586)  | يوليو 2025 م- محرم 1447 هـ

إبراهيم بن محمد الدوخي .. مربياً وإدارياً ومؤلفاً

تتخبط البشرية في ظلمات الجهل ما شاء الله لها أن تتخبط إلى أن يأذن الله لها بنور العلم والوحي، فيخرجها من الظلمات إلى النور. وديننا الإسلامي الحنيف يحث على العلم، وإخبار الله -سبحانه وتعالى- عن نفسه أنه رفع الذين أوتوا العلم درجات ولم يكن الأنبياء يورثون درهماً ولا ديناراً، إنما كان العلم ميراث الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم. والتربية قرينة العلم، قال الحق تبارك وتعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين). (الجمعة: 2).
ولا ريب أن تزكية النفوس وتهذيبها بالأخلاق الحميدة والآداب ما هي إلا ما تعرف باسم التربية اليوم، إن من الوفاء للوطن العظيم، ولرجالاته ذكر شيء من سيرهم وحياتهم وإنجازاتهم، ليحفظ لهم بعض حقهم، وليقتدي الشداة من أبنائنا بهم.
وحديثي إليكم اليوم عن أحد رجالات العلم والتربية ببلادنا الغالية المعطاءة، فقد كان له إسهامات علمية وإدارية في الكثير من الجهات العلمية المرموقة، ذلكم هو الأستاذ الفاضل إبراهيم بن محمد بن راشد الدوخي. وهو من مواليد محافظة حوطة بني تميم جنوب الرياض عام 1368هـ. نشأ الأستاذ بحوطة بني تميم، وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة قرية (العطيان) بحوطة بني تميم وتخرج في العام الدراسي 1383هـ - 1384هـ وبعدها التحق بالمعهد العلمي بحوطة بني تميم، ذلك المعهد الذي كان في طليعة المعاهد العلمية المفتتحة (افتتح المعهد العلمي في محافظة حوطة بني تميم في عام 1383هـ) وبعد تخرجه في المعهد في العام الدراسي 1388هـ - 1389هـ وكان ترتيبه 15 بين الخريجين البالغ عددهم 621 طالباً، وهذا في نظري مؤشر تفوق ونجابة. ثم التحق بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتخرج في العام الدراسي 1392هـ - 1393هـ. بعد التخرج عين مدرساً في نفس المعهد الذي تخرج منه 1393هـ وأمضى فيه سنتين. ثم في 1395هـ انتقل للتدريس بمعهد إمام الدعوة بالرياض بناء على طلبه، وأمضى فيه سنتين، وختم حياته العلمية والعملية بالتدريس في المعهد العلمي في الشفاء، وبعدما أمضى مدة في الأعمال الإدارية رجع به الحنين إلى التعليم ونشر العلم عمله الأول ولسان حاله يقول:
نَقِّل فُؤادَكَ حَيثُ شِئتَ مِنَ الهَوى
ما الحُبُّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ
كَم مَنزِلٍ في الأَرضِ يَألَفُهُ الفَتى
وَحَنينُهُ أَبَداً لأَوَّلِ مَنزِلِ
أثناء عمله بالتدريس في معهد إمام الدعوة كلف وكيلاً للقسم المتوسط 1397هـ، ثم نقل للعمل في التوجيه التربوي موجهاً للغة العربية وعلومها 1398هـ وأمضى فيه ثمان سنوات، وبعدها انتقل إلى العمل بعمادة البحث العلمي مدير إدارة، ثم نقل إلى إدارة الثقافة والنشر وكيلاً، ثم عاد مرة أخرى إلى التدريس، ومنه إلى التقاعد.
وفي عام 1397هـ اشترك في لجنة تطوير المناهج بالمعاهد العلمية برئاسة الدكتور عبدالله الشبل، وبعد ذلك اشترك في لجنة وضع مناهج النحو برئاسة عمر العبداللطيف وعبدالعزيز العيفان للمرحلة المتوسطة للمعاهد العلمية. كما كلف بافتتاح معهد النماص العلمي في عام 1398هـ. ونظراً لتمكنه من تخصصه وتميزه فيه عهد إليه بتأليف كتب الإملاء، وألف بمشاركة عبدالعزيز بن محمد الفنتوخ كتب قواعد الإملاء لطلبة القسم المتوسط بالمعاهد العلمية:
-1 قواعد الإملاء للسنة الأولى متوسط.
-2 قواعد الإملاء للسنة الثانية متوسط.
-3 قواعد الإملاء للسنة الثالثة متوسط.
وبعد حياة حافلة بالتعليم والعطاء العلمي طلب التقاعد ليتفرغ لأعماله الخاصة.
لقد توثقت معرفتي بالأستاذ الفاضل عندما جاورته في حي عرقة، فهو ذلك الرجل الفاعل للخير والساعي إلى اجتماع جماعة المسجد عبر مجموعة جماعة مسجد حمزة بن عبدالمطلب من تطبيق الواتساب، حيث كانت سبباً في الترابط بين جماعة المسجد، ولا شك أن لهذه المجموعة أثراً طيباً بين الجيران، وغير خاف أن هذه (القروبات) أضحت وسيلة تواصل نافعة، وهمزة وصل بين الجيران، لها آثار طيبة، كسهولة التواصل، والتذكير ببعض المناسبات، وإشعار الجيران حال حدوث شيء لأحدهم من الأفراح أو الأتراح. ولعلي هنا أذكر موقفاً جميلاً، حيث إني كنت في أحد الأعوام الماضية مسافراً خارج البلاد في مهمة عمل، وحدث أن كان هناك أشغال لإحدى الشركات بالقرب من سور منزلي، وهو ما تسبب في تسرب المياه من المنزل، فأرسل أحد الجيران رسالة في المجموعة مفادها أن جارنا مسافر، ويطلب من الجيران مراجعة الشركة لإصلاح هذا الخلل.
أمد الله الأستاذ القدير بطول العمر، وبالصحة وبالعافية، وجعل ما قدمه للعلم وطلابه من العمل الصالح المبرور، وجعل كل ذلك في ميزان حسناته والسلام.

ذو صلة