مجلة شهرية - العدد (585)  | يونيو 2025 م- ذو الحجة 1446 هـ

موموتارو (فتى الخوخة: أقصوصة شعبية يابانية)

قصة أطفال يابانية قصيرة شهيرة منذ القِدم، تجمع بين توكيد القيم في أنماط الحياة اليابانية اليومية، مع شيء من الإرث التاريخي، وبما يشمل جانب الأسطورة في الحياة.
وتنم قصة الأطفال موموتارو (فتى الخوخة)، ويعرفها كل اليابانيين؛ عن تأصيل عدد من القيم، مثل: (الكفاح) وأهمية العمل (التعاوني) في البيت والحي والبر والبحر، وإبّانَ عموم سيرورة الحياة!
وفي ذلك يتجلى كذلك مبدأ لزوم الاستعانة والاستفادة من (مختلف الموارد المتاحة)، وتسخيرها إبّانَ التفاني في العمل، وبذل كافة الجهود لتحقيق الهدف المنشود لضمان ليس فقط (البقاء)، بل العمل الدؤوب والمتفاني (لإثراء) الأهل والديار، وذلك مع السعي الدائم للذود عن العِرض والأهل والوطن.
هنا تشير أقصوصة موموتارو إلى أنَّه كان يا ما كان، في قديم الزمان، وبينما كان (الجَدُّ) يحتطب في فيافي الجبال لجمع حشائش وأعواد الطهي، ذهبت (الجَدَّةُ) إلى حافة النهر لغسل الملابس. وبينما هي هناك، إذا بِخوخة ضخمة لامعة كانت تتهادى على صفحة النهر وتقتربُ منها متدافعة!
حملت الجدة غسيلها ومعه تلك الخوخة، وعادت مع الجد إلى البيت بعد عودة الجد، وكان كلاهما متعَبين منهَكين!
فوجئ الجد والجدة بطفل رضيع جميل داخل الخوخة! وطارا فرحاً، وسُرّا بما رأيا، وأعطيا الطفل اسم موموتارو Momotaro فتى الخوخ
كبُرَ (موموتارو) خلال فترة وجيزة، ثم ترعرع حتى صار من أبطال المصارعات اليابانية. وذات يوم أعلن: (سأخرج صوب جزيرة الغيلان والعفاريت لأخلِّص الناس والوطن من شرورهم).
وطلب من الجدة عدداً من فطائر الدُّخن أو كمية من كُرات الحلوى اليابانية لسد رمقه وليقيمَ أوده أثناء قيامه بهذه المهمة الشاقة.
وبعد بُرهة من بدء مسيرته بين التلال والسهول والوديان، رأى موموتارو كلباً هبَّ إليه يلهثُ نابحاً ليسأله: (إلى أين أنت ذاهب، يا موموتارو؟)
فأجابه: (إني ذاهب لأواجهَ كبير الغيلان والعفاريت ولأصرعه، وتفضل يا عزيزي فخذ فطيرة الدخن هذه). فما كان من الكلب إلّا أن انتصب شامخاً وصاح بأعلى نبرة في نباحه، معلناً: (لن تذهب وحدك لتدافع عنا وتحمي ديارنا، فإني ذاهبٌ معك يا عزيزي موموتارو الجميل، وسأكون عضدك في تحقيق هذا العمل النبيل)، وانطلقا سويةً مُواصلَين السعي لتحقيق هذه المهمة الشاقة.
وبعد برهة، مَرّا بِقرد، وما أن سمع كنه المهمة إلّا وأعلن: (وأنا كذلك أرغب في الانضمام إليكما، فلنذهب -فضلاً- إلى هناك جماعةً. وانطلق موموتارو والكلب ومعهما القرد ثالثهما).
وأثناء مسيرتهم، حَلّق من فوقهم طائر الدَّراج/ الحِجل/الحجيلان Pheasant، الطائر الأسمى في التراث الياباني، وهو رمزٌ رسمي وأساسي للإمبراطورية، وحالما سمع هو الآخر بكنه مهمة موموتارو، غَرّد صادحاً: أعطني -من فضلك- فطيرةً من فطائر الدُّخن أو كرةً من كرات الحلوى البابانية، وسأمضي أنا أيضاً معكم وأدعم مسيرتكم!
وانطلق الجميع: موموتارو، والكلب، والقرد والطائر، بعدما ركب الثلاثة قارباً، والطائر يحدوهم في الجو، متجهين صوب جزيرة الغيلان!
وعند اقترابهم من الجزيرة المنشودة، صاح موموتارو في رفاقه قائلاً: (ستكون مهمة صعبة للغاية، وسنواجه كبيرَهم هنا، ولكننا سنواصل ولن نتوانى، ولن يلين لنا جانب!)
ومع الاقتراب من الجزيرة، فوجئ جموعُ العفاريت بمقدم موموتارو وهو يقتحم معقلهم، وأصيبوا بالذعر والهلع الشديدين عندما رؤوا شدة بأس موموتارو وصلابة صحبه.
ومع بدء وطء الحملة أطراف الجزيرة، صاح موموتارو في صحبه: (هيّا، أيها الرفاق الشجعان، تقدموا للهجوم لتَهزِموا وتغنموا!)
فشرع الكلب يعوي عواءً مجلجلاً، ويأخذ العفاريت بشعر رأسهم أخذ عزيز مقتدِر.
وأخذ القرد يخربش بشدة وشراسة ظهورَ وصدورَ العفاريت/الغيلان.
بينما قام طير الحجل/الدَرّاج بوخز صدور وظهور الغيلان بمنقاره الحاد القوي.
وسرعان ما وصلت المعركة إلى الانتهاء، وتم إنهاك العفاريت عن بكرة أبيهم! وصاح كبيرهم (وموموتارو ممسك برقبته): (أتوَسل إليك أن تعفو عنا)، ثم أردفَ قائلاً: (أتقدم إليك بكافة الكنوز المخزونة عندنا، غنيمة لك ولرفاقك!).
(كما وأطلب منك العفو والسماح!)، قال هذا كبير العفاريت، طالباً الصفح من موموتارو، خاضعاً، مُطأطئ الرأس مع كامل الانحناء على الطريقة اليابانية!
ثم أردف قائلاً: (كما ونَعدُك بأننا لن نقترف أياً من الأعمال الشريرة أبداً بعد الآن!)
وشرع موموتارو في استلام الكنوز الكثيرة التي اغتنمها، هو ورفاقه الخلصاء.
وقفلوا عائدين عن طريق البحر إلى ديرتهم مبتهجين، ووصلوا إليها سالمين وغانمين!

ذو صلة