مجلة شهرية - العدد (586)  | يوليو 2025 م- محرم 1447 هـ

فوضى عارمة

 مجرد فوضى عديمة المعنى والروح، مجرد كلمات منقوشة على حائط النسيان المستحيل. أكاد أحطم كل شيء وأثور كعاصفة لا تصمت أبداً.
أريد أن أحرق ذلك الجسد وتلك العلامات والعظام الباردة، أريد حرق كل جزء وكل شبر منه حتى يرتوي ذلك الألم والوجع المتكئ على قلبي وزوايا روحي إلى ذلك البرد الذي يتملك كل قلبي، متى ستنكسر وتنطفئ كقطعة ثلج ذائبة أو رونق عبير جاف في فصل الربيع.
إلى تلك اللحظات التي أكون بها شخصاً واحداً روح وجسد وقلب، هذه هي لحظة السكون عندما أستمع لهدير الرياح يحرك شعري وأشعة الشمس تخترق روحي كأنني نبتة صغيرة تروى من عطش هذه الحياة إلى تلك اللحظات المميزة لذاتي والمحفورة بعقلي، أتذكرك كل لحظة وثانية دونك كنت لا أكون أي شيء حتى نفسي.
أحتاج لألم عاصف، ألم يجعلني أصرخ من أعماق روحي لعل أصفادي المهترئة تتحرر.
لتنهد تلك الأسقف ولينهار ذلك العالم ولتجف تلك البحار ولتمت تلك القلوب لا شيء مهم.
لا شيء مميت فخلع الروح هو أسوأ من خلع الكتف، خلع الروح يعني أن هناك شقوقاً بروحك لن يملؤها نور ولا ظلام ولا حب ولا حنان، لن يملؤها شيء سوى روح أخرى مجاورة لروحك أو روحك انت أجل لا تستغرب روحك أنت أجل ذلك الخلع يلتئم بابتسامة منك بروح صلبة من جديد.
تقتلني تلك الحياة بدم بارد كل ليلة كل لحظة كل ثانية حتى ألفظ آخر أنفاسي على أرضها.
مازلت أشعر أنني أنتمي لعالمي الخاص لرائحة كتبي العتيقة وقطرات المطر في الشتاء. مازالت ذاكرتي متعلقة برائحة الحطب والدفء، تلك النيران المشتعلة وسط ذلك البرد القارص وروعة ذلك الانفراد بالذات والروح وكأنني أمتلئ مجدداً لأعود لحياتي من جديد، أجل أحب ذلك الشعور لأعود به لنفسي دون أن أكون أي شيء آخر غير ذاتي وفقط.
مازلت أرى تلك الندبة بقلبي التي خلفها ذلك الموقف، أجل مازلت لم أتخطه كما يظن الجميع بل ترك ندبة بي أراها كل ليلة، فكل ليلة يفتح قلبي دفاتر الذكريات ويقلبها رغماً عني رغماً عن تلك الحسرة المكنونة بروحي، هل يا ترى ستزول تلك الندبة وتلك الحسرة يوماً ما؟
وستفقد نفسك أيضاً ستدور بك الدنيا كمجنون فقط عقله بمصحة الحياة ستصرخ ستحاول لكن سجن الحياة قيوده أقوى. حاولوا النجاة بآخر رمق من أرواحكم الحرة.
ذلك الشعور الذي وصفه كثيرون مثل السقوط من جبل مرتفع للأرض أجل تلك هي خيبة الأمل لم أكن أصدق يوماً أنني سأشعر بها بقلبي ليس بجسدي وبروحي وليس بأي شيء، يكاد ذلك الشعور يزيل كل تلك الذكريات ويضع فوقها كل تلك الأثقال والأحزان. ليتني صدقتهم حين قالوا فعلاً خيبة أمل.
الأمل هو ذلك الوجود المستحيل.

ذو صلة