مجلة شهرية - العدد (586)  | يوليو 2025 م- محرم 1447 هـ

عبدالمحسن الخلف.. الإعلامي القدير

من الأسماء التي عرفتها واستفدت منها في عملي الإعلامي في إذاعة الرياض في المدة من (1406-1426هـ) الأستاذ القدير عبدالمحسن بن داود الخلف -يرحمه الله- الذي كان وقتها يشغل منصب مدير قسم المنوعات، وما لبث أن تدرج في المناصب حتى وصل إلى مدير عام إذاعة الرياض، وهو من أوائل الطاقات الوطنية المؤهلة التي عملت في إذاعة الرياض مع زملاء له آخرين في مقدمتهم: د.عبدالرحمن الشبيلي، ود.علي النجعي، والأستاذ محمد بن عثمان المنصور، والأستاذ راشد الدريهم، والأستاذ محمد الدعيج، وغيرهم.
ولد الأستاذ عبدالمحسن الخلف في محافظة الزلفي في عام 1365هـ/1945م، وتعلّم فيها، ثم التحق بوزارة الإعلام عام 1384هـ/1964م مع بداية انطلاقة البث من إذاعة الرياض حيث عمل مساعداً لأمين مكتبة التسجيلات بالإذاعة، ثم عمل رئيساً لقسم التنسيق، ثم مراقباً للمطبوعات بإدارة المطبوعات، فمراقب برامج بإذاعة الرياض، ثم رئيساً لقسم المنوعات بالإذاعة، ثم مديراً للبرنامج العام، وآخر وظيفة تولاها مدير عام إذاعة الرياض حتى تقاعده في نهاية عام 1426هـ/2006م، وبلغت خدمته الوظيفية أكثر من أربعين عاماً، وعليه فهو يعد من الأسماء الرائدة في الإعلام السعودي.
وقد واصل دراسته الجامعية وهو على رأس العمل إذ التحق بجامعة الملك سعود بالرياض فحصل منها على الشهادة الجامعية في مجال الإعلام (تخصص إذاعة وتلفزيون)، وهو من أوائل خريجي قسم الإعلام بالجامعة.
ويعد الأستاذ الخلف من المعدين والمخرجين المتميزين في إذاعة الرياض، وأعدّ وأخرج العديد من البرامج الإذاعية، منها: خطأ وصواب، وعلى الميعاد، وسكن الليل، ونسيم الصباح، وحكايات شعبية، وظلال النخيل، إضافة إلى إشرافه على برنامج (أهلاً بالمستمعين) أكثر من عشر سنوات.
وقد جمعتنا به لقاءات كثيرة خارج نطاق العمل، فكان زينة المجلس بلطائفه وطرائفه وخفة ظله، كما أنه من القراء الجادين ومن محبي الكتاب، بل يذكر بأن الذي جذبه لوزارة الإعلام وظيفة (أمين مكتبة)، ثم اكتشف بعد مباشرته للوظيفة أنها مكتبة أشرطة وليست كتباً ورقية!
كما أن له تجربة في الكتابة الصحفية، وعمل مدة من الزمن في صحيفة الدعوة محرراً غير متفرغ، وأشرف على عدد من الصفحات بها، وله بعض المقالات في الصحف والمجلات السعودية، منها مقالته (الكتابة بين العادة والإبداع) التي نشرتها مجلة الفيصل في عددها (175) الصادر في محرّم 1412هـ/ أغسطس 1991م.
وقد شارك الأستاذ عبدالمحسن الخلف في مؤتمر حقوق الملكية الفكرية في جنيف، وألقى عدة محاضرات داخل المملكة عن المجال الإذاعي، وله أبحاث لم تر النور عن البرامج الإذاعية وتاريخ التمثيلية الإذاعية.
وعندما أكملت إذاعة الرياض نصف قرن من عمرها عام 1434هـ/2013م أقر النادي الأدبي بالرياض عقد ندوة عن هذه المناسبة، فشارك في الندوة ومعه الدكتور عبدالرحمن الشبيلي والدكتور علي النجعي، وأدارها المذيع خالد اليوسف.
وقد جمع بعض إنتاجه الكتابي المنشور في مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة (الفيسبوك) عام 1438هـ/2017م، وأصدره في كتاب حمل عنوان (حصاد التواصل: خواطر وإضاءات وقصص وحكايات وحكم وأقوال وطرائف وأمثال)، ووقّعه في النادي الأدبي بالرياض في رمضان عام 1438هـ، وبلغت صفحات الكتاب أكثر من أربعمئة صفحة، وحمل الفهرس العناوين التالية: إضاءات، وفيض المشاعر، وقصص وحكايات، وقصة من التراث، ومتفرقات، وخواطر متنوعة، ومن أقوالي، وأقوال أعجبتني، وتعريفات ساخرة، وكلمات للوطن، ومواقف وعبر، ووقفات مع الشعراء، وطرائف من هنا وهناك.
وكشفت مقدمة الكتاب عن رغبة قديمة في التأليف، ولكنه كان متردداً، يقول في المقدمة: (منذ ما يزيد على الأربعين عاماً وأنا أحلم بتأليف كتاب فقد كنت منذ الصغر شغوفاً بالكتب. وبعد التقاعد سنحت فرصة العودة للكتابة في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، وهي (الفيسبوك)، فأخذت أكتب بعض الخواطر في الأدب والفن والحياة، وأحمد الله سبحانه وتعالى أنها أعجبت معظم المتابعين لي ومن اطلع عليها من أصدقائي حتى إن بعضهم شجعني على جمعها وطباعتها في كتاب).
وقد حظيتُ بثقته في أكثر من موقف، إذ رشحني رئيساً لقسم المذيعين عام 1420هـ/1999م، ومديراً للبرنامج العام بالنيابة عام 1421هـ/2000م، ورئيساً لقسم الإعداد عام 1423هـ/2003م، وكان داعماً ومشجعاً ومحفزاً، وعندما أهداني نسخة من كتابه (حصاد التواصل) وصفني بالزميل والصديق.
عانى في سنواته الأخيرة من بعض الأمراض التي ألزمته دخول المستشفى، وصار يتردد بين بيته والمستشفى حتى اختاره الله إلى جواره في الثامن عشر من رمضان من عام 1440هـ (23 مايو 2019م)، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

ذو صلة