مجلة شهرية - العدد (572)  | مايو 2024 م- ذو القعدة 1445 هـ

حكاية

عاد إلى الخلف بكرسيه الخشبي وهو ثمل من مداعبته كتاباً أهدته له صديقته يارا زميلة الجامعة منذ سنوات بعيدة وعليه إهداء بخط يدها الذي يشبه رسماً زخرفياً في مسجد عريق.
لم يتمعن فيه حينها بل بدا سطوراً يجب أن تنسى.
فكانت كلمتها الراقية له رسالة امرأة.
إلى أعز الناس صديقي عبود لا تفهم خطأ
الصداقة
الحب
المرأة
ابتسم عبود بحذر على غير عادته وتفرس معاني كل كلمة في كتابها الأول الذي كان مشروع أديبة صاعدة.
وتوقف عند قصتها (حكاية) التي أشارت فيها إلى رغبة آدم الدائمة في نزع كل ملابس حواء عندما تبتسم له بمجرد أن تعطف عليه بأي كلمة يظن بها أنها جسد له فوضى راقصة، ثم أكملت قصتها بشيء من الدهشة لفتت نظر عبود أن الرجل ضحية معتقد قديم في ذهنه معتقد جيني جعل منه لاعب كرة قدم درجة ثالثة!
اه
اه
وهي تستكمل الحكاية.. مسكين الرجل الذي أزعجته امرأة لا تبدي له طاعة..
لا تبدي له أدنى إعجاب.
لا تهتم بقصائده الأدبية التي في الغالب سرقها من غيره عيني عينك.
ساقط ثانوية عامة في الحب، وراسب في مادتين في نهائي الليسانس!
وهي تستكمل الحكاية في كتابها غير مثير الجدل اليوم وهي تقول الرجل الحكيم يعرف قيمة المرأة قيمة عقلها قبل جسدها بحق السماء هنا تختلف الحكاية وتصبح حبيبة له تمنحه كل قصائد السعادة وتفتح له كل أبواب الرزق بل تفتح له كل سبل الحياة.
هي الجنة وهو الحكاية
تفرس تلك السطور عبود بوعي عن ذي قبل وهو يقول عنها في تأملاته بين كتابها الذي أهدته له منذ عقدين من الزمان بالتمام والكمال وهو ممسك بفنجان قهوته السادة ويهتز فوق كرسيه الخشبي بعقل كهل اختلط شعره الأبيض بشعره الأسود المجعد بتمتمات حزينة، كانت يارا هي الحكاية وكنت أنا حبيباً لم يستوعب كلماتها الفلسفية في زمنها
آه
آه مجرد رقم في حياتها.
هي الحكاية أصل الحكاية
وأنا لم أعد الحكاية في زمن الإنترنت. ربما نلتقي دون موعد لكي أقدم لها أسفي على جهل سنوات عمري السابقة، سنوات بدت زمناً طويلاً.

ذو صلة