مجلة شهرية - العدد (571)  | أبريل 2024 م- رمضان 1445 هـ

الشوارع التاريخية عبق المدن وروحها وذاكرتها

تشهد الشوارع التاريخية على تحولات هوية المدن على مر الزمن بتطوراتها وتغيراتها المتعاقبة. وتتيح هذه الشوارع فرصاً واسعة لقراءة ذاكرة المدينة واستعادة علامات تاريخها الطويل، كما توفر أساليب فريدةً لاكتشاف ثقافتها وشخصيتها الحضارية. وتقدم ملامح للشوارع التاريخية بمعالمها وطرزها المختلفة والمتباينة؛ خبرات ثقافية مهمة لاكتشاف وفهم وإدراك صور المدن، كما يتمثل بها حصيلة التراكمات التاريخية المتتالية، وتقدم حوارات فكرية وثقافية واجتماعية لمختلف طبقات التاريخ المتجاورة التي شكلتها معاً. وتقدم الشوارع التاريخية نماذج للتوازن والتناسق المكاني لهوية المدن، نسجتها الأجيال المتعاقبة على مدى العصور. ويمكن اعتبارها بمثابة صور تذكارية لهوية المدن بأحداثها وشخوصها، وضجيجها وهدوئها، وتقدمها وأفولها. إن تعدد وثراء القيمة الثقافية لهوية المدن -كما يتضح من قراءة الأنساق المعمارية والحضرية لشوارعها التاريخية- قد يعزى الى اختلاف بنائها وتركيبها وتصميمها عبر الزمن. وما يتميز به طابع (الهجين الممتزج) لهذه الشوارع من سيطرة الإحساس الجمعي لقيم التوازن والاتساق التي تجمع ما بين معالمها المختلفة في انسجام وتماسك يعبر عن ملامح المحتوى البنائي الكلى لها وعن بنيتها الداخلية وتاريخها العريق.
ويعتمد مفهوم هوية المدينة على (النسق) المكون لشخصيتها وطابعها، والتطور التاريخي له، بما يتناسب مع طابع الهجين المكون للمدينة وتحولاتها عبر الزمن. ويعتبر الحفاظ على هذا (النسق) حفاظاً على استمرارية وتواصل الوحدة التي تربط بين مكونات هويتها العمرانية، بما يساهم في الحفاظ على تأكيد أصالة شخصيتها المكانية المتجانسة بما تمثله من خبرات عميقة، وبما تتضمنه من أهمية الوحدة الكلية والبناء الجمعي في إظهار هوية متجانسة ومتسقة، تتمايز بها عن غيرها.
المدينة والشوارع التاريخية
تعد الشوارع التاريخية خلاصة للثقافة الحضرية للمدن، وتعبيراً واضحاً عن هويتها التاريخية. وتبرز الشوارع التاريخية، إلى جانب تفردها وطابعها الشخصي وذاتيتها المحلية؛ ملامح مشتركة لهوية المدينة، وإن تباينت الأنماط التي تشكلها، من حيث النشأة والنمو وتشكيلها الحضري ونماذجها المعمارية وأنشطتها المزدهرة وذكرياتها الحية، مما يجعلها ظاهرة ثقافية حضرية ذات خصوصية متميزة، تحمل العديد من المعاني والرموز الثقافية المهمة. كما تكون الشوارع شاهداً على تراث العصور الكثيرة بتطوراتها وتحولاتها المتعاقبة. إن تأمل مشاهد الشوارع التاريخية ببعض المدن كشارع الشانزليزيه في باريس وشارع أوكسفورد في لندن وشارع فردريك في برلين وشوارع وسط المدينة في القاهرة.. وغيرها من أمثلة شوارع المدن التاريخية؛ يظهر فيها جميعها جوانب مختلفة من تراثها وطابعها الحضري Urban Character وتاريخها المتراكم وحيويتها المتألقة وشخصيتها المدنية المتميزة Identity Civic والتي تنطبع في الذهن، وترسّخ ملامح تجريدية لتراث ولخيال هذه المدن، بما تمثله من خبرات بصرية عميقة. وقد تتعمق هذه الانطباعات الذهنية أكثر وتكتسب قيماً ومعاني ذات مضامين غنية؛ إذا ارتبطت ببعض الخبرات الشخصية المتعلقة بهذه الشوارع، كزيارتها أو التجوال بها أو معايشة الأنشطة الحياتية فيها. على أن من أهم ما تظهره هذه الانطباعات البصرية عند استرجاعها في الذاكرة هو تأمل أحاسيس الراحة والجمال والمتعة البصرية عند معايشة فراغات هذه الشوارع ومبانيها.
عبق المدينة وروحها
إن التفسير الموضوعي لأحاسيس الراحة والامتنان الجمالي والانسجام الروحي للشوارع التاريخية -كما أوضحت بعض الدراسات المتخصصة- يعود في معظمه إلى سيطرة الأساس الجمعي لقيم التوازن والاتساق التي تسود مكونات صورة هذه الشوارع، وتجمع ما بين أجزائها المختلفة المادية والرمزية في انسجام وتماسك يميزها عن غيرها من شوارع المدن الأخرى. ولا تتعلق هذه القيم التشكيلية الجمالية بالمظهر العام أو التأثيرات الشكلية السطحية لبعض معالم المدن أو مبانيها؛ بل تعبر أساساً عن معنى المحتوى البنائي الكلي لها، وعن روح بنيتها الداخلية وتاريخها العريق الذي تشكل عبر الزمن. كما توفر الشوارع التاريخية تعبيراً معمارياً متميزاً لمعالمها ومبانيها التي توضح تطور معالجات التعبير عن الأطوار المختلفة التي تمثلها تلك المباني المتجاورة وتعكس تأثرها بالظروف الحضارية والأحداث التي شكلتها. وهذا يشمل التفاعل بين الأبنية التاريخية والعناصر المعمارية وملامح الموقع والأنشطة الثقافية في مكان محدد وخلال فترة زمنية بعينها. ويفترض ذلك أن التراث الحضري بالشوارع التاريخية يتكون من عدة طبقات تاريخية (بالإشارة إلى العصور التاريخية التي تنتمي إليها) أو مكانية (بالإشارة إلى العلاقات المكانية التي قد تنشأ بين أنماط التراث في نفس السياق المكاني). وبالتالي، فإن النظرة التشريحية إلى بنية الشوارع التاريخية لا تقتصر على نماذج بنائية أو فراغية منفصلة أو مجتمعة بواسطة خصائص مشتركة، أو تتحدد عند طبقات تاريخية معينة، ولكن تتضمن البناء التراثي الكلى - وهو ما يمكن أن يسمى بروح أو عبق المكان Sprit of Place شاملاً جميع العلاقات والتفاعلات المكانية والتراكمات الزمانية بين الأنماط التراثية المختلفة (المباني، المواقع، ومجموعات المباني... إلخ).
الشوارع التاريخية تعريف مكاني لهوية المدينة
إن الإطار الحضري العام يبين الوحدة الكلية التي يتم من خلالها إيجاد علاقات التجاور والتقارب والتمايز والتناقض.. وغيرها من التنويعات المعمارية والفراغية المختلفة في إطار السياق المكاني. وتبرز الحصيلة الكلية، لهذا المشهد بعناصره وعلاقاته الزمانية والمكانية؛ جوانب أخرى (لروح الأماكن). وتتمثل في التماسك والتجانس للوحدة الكلية التي تنتظم في إطارها كل من الوحدات التي تشكل النسيج المكاني في إطار كيان واحد متماسك تسيطر فيه خصائصه الكلية على صفات أجزائه الفردية. وكما يوضح (بيل هيليرBill Hillier ) (1998) فإن تلاشي الوحدة الكلية بالمناطق الحضرية يؤدي إلى ضعف الارتباط والعلاقات الارتباطية مع النطاق الأوسع للمناطق المحيطة ككل، مما يؤدي إلى الانعزال والانفصال عن المحيط الخارجي.
حياة الشوارع التاريخية احتفاليات للمدن
تكتسب الشوارع التاريخية قيماً معنوية راسخة من خلال الأحداث التي شهدتها والمعاني التي ارتبطت بها، وأهميتها في وجدان الإنسان، سواء أكان مقيماً بها أم زائراً لها، كالاحتفاليات الدينية التي تشهدها الشوارع، مثل: الكرنفالات في الشوارع الأوروبية، وموكب المحمل والموالد بشوارع القاهرة، والشخصيات التي عاشت في هذه الشوارع، وأثرت في حضارات الشعوب، وعلى سبيل المثال فإن النظرة إلى شارع المعز لدين الله بالقاهرة قد تختلف بعض الشيء إذا أضيف إلى الذاكرة أن ابن سينا وابن الهيثم.. وغيرهما من علماء المسلمين ومكتشفي النظريات الطبية قد عاشوا فيه وأنجزوا أبحاثهم في مستشفى قلاوون (البيمارستان). كما أن الأسواق والصناعات والحرف مع اختلاف أنواعها التي نمت وتطورت في هذه الشوارع؛ لها تأثير كبير في شحنها بقيم معنوية ومضامين حياتية مهمة وفريدة. وفى كثير من الأماكن فإن الأحداث الوطنية والسياسية المهمة لها الفضل الكبير في إسباغ الطابع الرمزي والقيمة الحضارية لهذه الشوارع، مثلما يرتبط بشارع الأزهر وشارع بيت القاضي من أحداث سياسية أثرت في الوجدان المصري. ومن الطريف أنه يمكن تتبع الكيفية التي عكست بها أسماء ومسميات شوارع مدينة القاهرة هذه الأحداث والشخوص.
وتوضح مظاهر الحياة الحضرية بالشوارع مدى تجانس أنماط الحياة بها. ولعقود عديدة تميزت الشوارع التاريخية بالقاهرة الإسلامية -على سبيل المثال- بتداخل أنماط حياة عدد من الطبقات الاجتماعية معاً في المكان التاريخي الواحد. ومن ذلك أن شارع قصر النيل في وسط مدينة القاهرة، وشارع فؤاد في وسط مدينة الإسكندرية، من النماذج التي تشي ببعض مظاهر الكوزموبوليتانية التي اتصفت بها ثقافة ومجتمع المدينة لفترات زمنية طويلة. وقد استتبع ذلك التداخل أو التأثير النسبي للعادات والتقاليد الاجتماعية بين الطوائف المختلفة وبعض مظاهر الاندماج أو الانفصال بين فئات المجتمع.
كما لا يمكن إغفال تأثير طابع الشوارع التاريخية للمدن على إدراك هويتها وانعكاس ذلك في الثقافة والفكر. إن أعمالاً أدبية مهمة لم تكن لتكتسب أهميتها وقيمتها الإبداعية إلا من خلال إعادة تمثيلها لهوية المدن والطابع المميز لشوارعها ومناطقها التاريخية التي دارت فيها ونسجت شخوصها المتعددة من خلالها. وقد يتضح ذلك في انتشار (ثلاثية) نجيب محفوظ والعديد من رواياته مثل زقاق المدق، كما يبرز ذلك واضحاً في (التجليات) الغيطاني، وفي تصوير علاء الأسواني الدقيق للتغيرات الحضارية بشوارع وسط مدينة القاهرة في (عمارة يعقوبيان).. وغيرها من الأعمال الكثيرة التي لا يتسع لها المجال هنا. كما تبرز القيمة الثقافية للشوارع التاريخية في أعمال الفنون التشكيلية البصرية التي ارتبطت بالشوارع، وعكست ملامحها، وصورت معالمها، كما في التصوير الحي للمعالم المتباينة المتجاورة لشوارع الدرب الأحمر وباب الوزير في أعمال (حسني البناني) و(محمد صبري).. وغيرهما من الفنانين المصريين. وكما تظهر في الفنون الأخرى التي اتصلت بأماكنها ومعالمها مثل ارتباط شارع محمد علي بقوالب مختلفة للموسيقى والغناء. كما تظهر أيضاً في أعمال الفنون الشفهية المرتبطة بالشوارع مثل الحكواتي وعروض خيال الظل وفي أعمال الرسوم التلقائية المتعددة لتزيين المباني والسيارات بالخطوط والزخارف المختلفة والألوان المتنوعة مثلما يرتبط ببعض الشوارع القديمة ببعض المناطق في مواسم الحج أو الأفراح، وفى تسجيل بعض الأساطير الشعبية.. وغيرها.
يرتبط التعبير عن هوية المدينة بتعدد واختلاف تراثها اللامادي مثل تمثيل أنماط الأنشطة الاقتصادية ومظاهر الحياة الاجتماعية التقليدية بها. إن توزيع الأنشطة على امتداد الشوارع التاريخية وارتباط بعض منها أو أجزائها بتخصيص أنشطة تجارية أو أسواق ذات طبيعة تاريخية معينة، (مثل أسواق النحاسين والعطارين والخيامية بشارع المعز لدين الله بالقاهرة، ومحلات الأدوات والأجهزة بشارع عبدالعزيز، ومحلات الأقمشة والعقادين بشارع الأزهر.. وغيرها). كما يتضح فيها مدى الارتباط الوثيق لهوية مدينة القاهرة بأنماط الإنتاج والحرف بالتجارة والسياحة، وتكامل أو عدم تكامل الخدمات مع هذه الأنشطة الاقتصادية.
وفى هذا السياق، فإن استعراض عدد من الانطباعات الذهنية لصور شوارع بعض المدن التاريخية التي تتسم بالقيمة الجمالية والشخصية المتميزة مثل باريس وبرلين ولندن وأمستردام، أو المدن ذات الطابع الخاص مثل شارع أكسفورد بلندن ببريطانيا وشارع الرامبلا ببرشلونة بإسبانيا والقناة الكبرى بفينيسيا بإيطاليا والشارع الرئيس ببروج ببلجيكا، وشارع قابل بجدة التاريخية بالسعودية، وشارع قصر النيل بالقاهرة، وحتى الشوارع المستحدثة مثل شارع الشيخ زايد بمدينة دبي.. وغيرها من أمثلة شوارع المدن؛ هي التي تترك انطباعات قوية في الذاكرة البصرية، بما تمثله من قيم جمعية وطابع حضري، وقد يكون من الصعب عند تأملها تذكر علامة أو مبنى أو ميدان لذاته يمثل هوية المدينة، ولكن ترسخ في الذاكرة الملامح الكلية لصورة الشارع، بما يعكس هوية المدينة وطابعها الحضري. وعلى العكس من ذلك فإن هناك بعضاً من الشوارع التاريخية في عواصم ومدن أخرى مثل فرانكفورت وميلانو وبروكسل والقاهرة والرياض وغيرهما؛ تتباين ملامحها من التشوش والتفتت إلى التنافر والعشوائية وسيطرة الفوضى العامة عليها أحياناً، بالرغم من الخصائص المتميزة التي قد تبرزها بعض عناصر هذه الشوارع بشكل مستقل، وبغض النظر عن المعالم التاريخية التي تتسم بها أجزاء من هذه الشوارع. يدل ذلك على أهمية الوحدة الكلية والبناء الجمعي، إذ يبرزان هوية المدينة.
أصالة هوية المدينة والحفاظ على شوارعها التاريخية
تشكّل مبادئ الحماية للشوارع التراثية خلفيةً وامتداداً للمباني التاريخية والأثرية الواقعة بها، من خلال ممارسات الحفاظ الحضري، وذلك في العديد من التجارب والخبرات المختلفة التي سادت حتى بداية الستينات من القرن العشرين. وفى أغلب هذه الاتجاهات تم التعامل مع تراث هذه الشوارع باعتباره (أيقونات متحفية) يتم وضعها في إطارات أو فاترينات زخرفية مناسبة، والحفاظ عليها وصيانتها دورياً. ويتضح ذلك في الحفاظ الصارم على شخصية العديد من الشوارع التاريخية التراثية مثل تأصيل هوية مناطق القلب القديم في وسط المدن الأوروبية، مثل المناطق المحيطة بساحة سان بيتر في روما بإيطاليا، وساحة السوق في مدينة بروج ببلجيكا. وفى حالات أخرى امتدت مجالات الحفاظ لكي تشمل التعامل مع السياق الحضري المحيط بالمباني التراثية كإطار فراغي يتكامل مع المعالم التاريخية، ويشكل امتداداً طبيعياً لها، كما هو الحال فيما يحيط بالشوارع والمسارات التاريخية بسيينا وفلورنسا بإيطاليا، والأحياء الواقعة أسفل هضبة الأكروبوليس في أثينا باليونان، والمناطق المحيطة في وسط مدينة هايدلبرج بألمانيا. وقد تندمج المعالم التراثية بهذه الشوارع معاً في مجموعات ذات تجانس نسبي، وهو ما تطور في نهاية الستينات وأوائل السبعينات من القرن العشرين إلى ما سمي (بالمتحف المفتوح)، والذي يقوم على فكرة تحويل المناطق التراثية إلى متاحف مفتوحة في الفراغ منفصلة عن السياق الحضري الواقعة به أو المحيط بها، بما يحمله من تغيرات حضرية تفرضها طبيعة الزمن والنمو أو طبيعة التطور الحضري المعاصر والذي يرى بوضوح في سمرقند وبخارى في أوزبكستان على سبيل المثال.
وفي العقود الأخيرة تطورت اتجاهات الحفاظ الحضري في اتجاه التعامل مع هوية المدن من خلال صيانة وتجديد الشوارع التراثية بها (كأماكن حية)، تضم بداخلها المكونات التراثية غير المادية والمرتبطة بنواحي الحياة الحضرية، مثل العناصر الاجتماعية والاقتصادية والتخطيطية والبيئية. ويمثل هذا التناول نظرة أكثر وعياً تتعامل بواقعية مع بنيان المدينة، ككائن حي مستمر ومتواصل ذي أنشطة حياتية متباينة في إطار وحدة متكاملة ومترابطة، وبما لا يخل بمتطلبات الحفاظ التاريخي. وقد أثار ذلك جدلاً حدث خلال العقدين الأخيرين في عدد من المواقع التاريخية المهمة والتي تمثل رموزاً مهمة للهوية التاريخية للمدن، ففي مدينة لندن ثار جدل كبير حول التصميم المقترح لتطوير المنطقة المحيطة بكاتدرائية سانت بول في لندن، وهي المنطقة المسماة بموقع باترنسون Paterson site وذلك لتباين الطابع المعماري العام للتصميم المقترح مع الإطار المعماري التاريخي المحيط. وقد تكرر هذا الجدل عند البدء في بناء المشروعات الثقافية الكبيرة Les Grand Projets في بعض المناطق التاريخية في باريس في الفترة نفسها، وبصفة خاصة عند البدء في تشييد مبنى مركز جورج بومبيدو الثقافي، الذي جاء امتداداً لمتحف اللوفر ومبنى المركز التجاري (الهال) Les Halles وموقع أوبرا الباستيل. كما ظهرت تلك الاتجاهات في وقت لاحق بمشروعات الحفاظ الحضري المعاصرة في ميونيخ بألمانيا والمركز التاريخي بأمستردام ونيماخن بهولندا والمركز القديم في برشلونة بإسبانيا.
وهكذا، ترتبط هوية المدن على استمرارية القيمة الحضارية لشوارعها التاريخية على وجود النسق الملائم لشخصياتها وهوياتها وتطويع هذا النسق بما يتناسب مع عناصرها وأنشطتها وتطورها. وهذا النسق هو (الوحدة) التي تميز الملامح البنائية والتشكيلية المميزة لهوية المدينة، والتي تدعم قدرة الساكنين أو الزائرين للمدينة على إدراكها. وفى إطار هذه الوحدة فإن تباين هويات المدن يأتي من خلال اختلاف بنائها وتركيبها وتصميمها عبر الزمن في الإطار المكاني الواحد.

ذو صلة