مجلة شهرية - العدد (571)  | أبريل 2024 م- رمضان 1445 هـ

الحرف المفقود

تعد اللغة العربية من اللغات الرسمية في دول العالم العربي، وهي من أجمل اللغات في العالم وأهمها، لأنها لغة القرآن الكريم وأهل الجنة، ولاتتم الصلاة إلا بإتقانها، فهي ممتعة وشيقة في الأدب والشعر والقصة والرواية، لأنها لغة الضاد. تمتاز مفرداتها بالغنى والشاعرية. إنها من اللغات الأكثر انتشاراً وتداولاً ضمن اللغات الحية، فهي لغة الدين والأدب والثقافة والعلم والمعرفة، والعلوم الإنسانية والسياسية، وتكتب من الجهة اليمنى إلى اليسرى، على عكس العديد من لغات العالم.
وفي هذا السياق عن اللغة العربية، أروي هذه القصص المتداولة في تراثنا العربي، الغني بالروايات والقصص. فهناك أحد طلاب المرحلة الابتدائية في إحدى البلدان العربية في وقت ما، ممن أحسنت الأم تربيتهم وتعليمهم، أراد أن يرد لها الجميل والوفاء بأحسن مما صنعت معه وبطريقته الخاصة.
وفحوى القصة كما تداولت، وحسب ما نشرت في أكثر من طرح ومدونة وموقع؛ أن الطالب كان في كل حصة من دروس اللّغة العربية التي كان يحضرها بالفصل، يسأله أستاذ اللغة العربية سؤالاً محدداً، عن عدد الحروف العربية الأبجدية، وكان يجيبه بدون تردد: سبعة وعشرون حرفاً!
فيرد الأستاذ مصححاً، أخبرتك مرات عدة بأنها ثمانية وعشرون حرفاً، فلماذا تصر على الإجابة الخطأ؟ ألا تفهم انت!
وكان رد الطالب كالمعتاد، إذ يصرّ، ولا يتغير ولا يتزحزح عن قناعته بأنها سبعة وعشرون حرفاً.
وعند ذلك الإصرار من الطالب على إجابته، كان الأستاذ يضطر إلى تعنيف الطالب وضربه بالعصا على كفيه مرات عدة، حتى ليكاد يدميها.
لم يكن الطالب ليبالي بذلك رغم نصح زملائه له بأن يستجيب لما يريده الأستاذ، ويوفر على نفسه هذه المعاناة والضرب المؤلم والمتكرر يومياً.
كان يضطر لوضع كفيه بعد الضرب على مكان بارد ليهدأ الألم قليلاً من آثار الضرب المبرح الذي يناله.
وبعد أن شكاه المعلم لمدير المدرسة، وفي أحد الأيام استدعاه مدير المدرسة ليستوضح منه عن سبب إصراره على إجاباته الخاطئة المتكررة عن السؤال نفسه، رغم ذكائه المشهود له من قبل الجميع.
وبعد أن امتدح مدير المدرسة ذكاء الطالب وفطنته وحسن سيرته وأخلاقه العالية بالمدرسة؛ استغرب من إصرار هذا الطالب على هذه الإجابات الخاطئة!
وهنا أعاد المدير تكرار سؤال المدرس عن عدد الأحرف الهجائية، إلا إن الطالب فاجأه بالإجابة نفسها التي كان يقولها للمدرس وهي: «إنها سبعة وعشرون حرفًا»!
ثم انصرف الطالب وترك المدير والمدرس في حيرة من أمرهما على هذا الإصرار العجيب غير المبرر، ولا المفسر بنظرهما.
وعند انتهاء الدوام توجه الطالب إلى منزله، مثقلاً بحقيبته الممتلئة بالكتب والدفاتر والأدوات المدرسية، وألم يديه الذي لا يحتمل جراء ضرب المدرس له.
فتحت له أمه الباب واحتضنته كعادتها اليومية أثناء ذهابه وعودته من المدرسة، ثم تفقدت كفيه المتورمتين كالعادة، لتكرر عليه السؤال نفسه: متى ستترك الشقاوة ياولدي، فقد كانت تظن أن يديه كانتا كذلك بسبب شقاوته مع زملائه.
كان الطالب يقبل رأسها بصمت ويتابع طريقه باتجاه المطبخ لتناول طعامه، ويحدث نفسه قائلاً: ليس الأمر شقاوة مني كما تظنين يا أمي، ولكنه بسبب إصراري الدائم أمام مدرس اللغة العربية بأن الأحرف الأبجدية سبعة وعشرون حرفاً وليست ثمانية وعشرين، لأنك لا تستطيعين نطق حرف الراء، ولذلك لا أعتبره موجوداً في الأبجدية!

ذو صلة