مجلة شهرية - العدد (571)  | أبريل 2024 م- رمضان 1445 هـ

طقوس رمضان بالمغرب

لشهر رمضان المعظم بالمغرب طقوس دينية خاصة وعادات ضاربة في عمق التاريخ تتلاءم مع قدسية هذا الشهر الفضيل ويحرص المغاربة على الحفاظ عليها. ومن العادات اللطيفة التي جرت عليها العادة، أن يتبادلوا التهنئة بقدوم هذا الشهر الفضيل بعبارة (عواشر مبروكة) وهي جملة بالدارجة المغربية تعني أيام مباركة مع دخول شهر الصوم بعواشره الثلاثة، عشر الرحمة، وعشر المغفرة، وعشر العتق من النار. هناك أيضاً شخصية (النٌّفًّار) الذي كان يعلن عن قدوم الشهر الكريم، وهو شخص يحمل مزماراً طويلاً ينفخ فيه سبع نفخات.
ومنذ الأيام الأخيرة من شهر شعبان تقصد العائلات المغربية الأسواق الشعبية، وكذا الحديثة لاقتناء المواد والمستلزمات الضرورية، من التوابل والتمور والفواكه الجافة لإعداد المأكولات والحلويات التي يشتهر بها المطبخ المغربي.
وتسعى المرأة المغربية لتوفير الأجواء الرمضانية لأفراد أسرتها بخلق جو روحاني، وذلك بتنظيف البيت وإعادة ترتيب أثاثه وتلميع الأواني، ثم تجتهد في إعداد الحلويات أهمها (السفوف) أو (سَلُّو) وهو مزيج من الطحين المحمص واللوز والسمسم والسكر والزبدة والعسل، وكذلك الشباكة المشهورة بالمغرب، فلا يخلو أي بيت منها في رمضان، وهي عبارة عن عجين مكون من الطحين وقليل من السمسم المحمص والمطحون، ثم تلف شرائحه ويقلى في الزيت ثم توضع في العسل وبعدها تصفى، هي حلوى تشبه الزلابية بالشرق، باعتبارهما مكونين أساسين للجسم.
حالياً مع ولوج المرأة المغربية سوق العمل لا تجد الوقت الكافي لتحضير هذه الحلويات فتضطر إلى أخذها جاهزة من المحلات المتخصصة في إعدادها.
كما تحرص أيضاً المرأة المغربية على اقتناء الملابس التقليدية مثل الجلباب والقفطان اللذين يمثلان التراث المغربي الأصيل والمحتشم والذي يليق بشهر رمضان المقدس، ولا تستثني زوجها وأولادها.
وفيما يتعلق بمائدة الإفطار المتنوعة والمليئة بأصناف المأكولات الشهية، فإن (الحريرة) تتصدرها، وهي أكلة شعبية غنية بالألياف والأملاح المعدنية والبروتينات، موروثة بالمغرب، وهي عبارة عن حساء غليظ من الحمص والعدس والشعيرية، مخلوطة بالكزبرة والبقدونس والكرافس والطماطم والبصل وقطع اللحم، ناهيك عن الفطائر والبيض والمشروبات الباردة والشباكية وأنواع التمور.
وبعد صلاة العشاء والتراويح حيث تمتلئ المساجد بالمصلين وتعلو أصوات الابتهالات والتضرع إلى الله، تجتمع العائلات في البيوت على صينية الشاي بالنعناع وأصناف الحلويات مثل الفقاص وكعب غزال والغريبة وسلو.
أما أطباق العشاء فتكون متنوعة ولذيذة، كالطاجين المغربي والسمك والكسكس الذي يكون حاضراً كل يوم جمعة.
وتعرف المسارح ودور الشباب والمراكز الثقافية أمسيات دينية وفنية عديدة حيث مسابقات تجويد القرآن والمديح، وعروض الأزياء الخاصة بالملابس التقليدية، وكذا المسرحيات الفكاهية.
أما ليلة القدر المباركة بالمغرب فتحظى بطقوس مميزة، حيث يتم تخليدها بشكل مختلف عن سائر أيام السنة وخصوصاً أيام شهر رمضان المعظم، كيف لا وهي الليلة المباركة التي فضلت عن ألف شهر، لما تختزنه من دلالات روحانية وجدانية.
ومن العادات التي اشتهر بها المغاربة في شهر رمضان الاحتفال بالصوم الأول للأطفال في يوم من أيام رمضان خصوصاً في السابع والعشرين منه، أو ليلة القدر بالمفهوم الديني، ويعد الاحتفال بهذا اليوم من مظاهر العادات التقليدية المغربية، حيث تشكل محطة أساسية للأسر داخل شهر الصيام، والتي تعمل خلال هذا التقليد على تكريس الانتماء الديني للطفل وترسيخ القيم والعقائد الدينية فيه.
في الصوم حكمة بالغة، فالذي يقدر على الابتعاد عن ما هو حلال قادر على الابتعاد عن ما هو حرام، وذلك بالصبر والعزيمة والتغلب على الغرائز، وهذا هو التقوى والإيمان القوي.
يقول صلى الله عليه وسلم عن ربه سبحانه: (كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به).

ذو صلة