مجلة شهرية - العدد (571)  | أبريل 2024 م- رمضان 1445 هـ

ساعة نهار

شعورك بالوحدة ينمو تدريجياً، تتغافل عنه بمُلهيات جمة، لكن لا أحد يعرفك كما تعرف ذاتك حين تفاجئك نوبة بكاء تشفق نفسك على نفسك،
تحاول أن تبلل ريق الشعور بطمأنينة كاذبة..
تحاول أن تكابر في وجه قوتك الهشة..
تحاول أن تقص لسان الليل من هرائه المعتاد..
تشتم نفسك وأولادك وعائلتك وأصدقاءك..
تشعر أنك لست بخير..
تنظر لتلك المرأة المسنة الوحيدة منذ زمن بعيد تقبع في زاوية الإهمال، تتساءل ما مصيرك؟
وما الذي فعلته في حياة الأمس حتى تنال عقوبة النبذ والعقوق والوحدة ومخاطبة الصمت والتهيؤات..
تلفها السعادة وبعض من آمان مؤقت حين يدخل عليها أحدهم..
تشعر بالكلمات تتزاحم للحرية..
تشتاق للحديث، للعتب، لكل شيء يشعرها..
إنها مازالت على قيد الحياة والتذكر..
حتى ربما تلجأ إلى سرد الوهم وخيالات الجن..
وزهايمر العمر، تستجدي الاهتمام والعاطفة المفقودة..
لا أعلم أي صبر خلق في صدرها حتى تعتاد الأمر، أي ضعف في طفولتها تمدد حتى لا تقوى على الصراخ والغضب..
مؤلم أن تكون خارج الحياة وصدرك يتنفس..
مؤلم أن تستجدي البر والحضور والرعاية..
بصمت لا يصل حين تعمى القلوب..
بعض الصور المشابهة نقيسها على ذواتنا..
ونتخيل العمر القادم،
وربما ما يحدث ماهو إلا بداية لمشوار طويل من الفراغ والصدى..
ترتجف مشاعر الأمومة خائفة من غد مجهول، من حياة سريعة كلهم يركضون..
يعبرون، يتجاهلون..
الأنانية طاغية، لا يدركون أن الشيخوخة لا تترك أحداً، وأن العمر ساعة من نهار..
تسرقهم الحياة وهم غافلون عن الحياة الحقيقية..
تؤلمني التجاعيد الحزينة، ويقتلني الصمت دون تذمر، ويذبحني الصبر في انكسار العمل المبذول دون ثمرة حنونة..
أراها مجروحة كأنين ناي، صامتة كهرم طال به المكوث ولا يقوى على الحراك..
فيطرح السؤال على طاولة الألم..
أين الخلل؟!
وهل يجازى الإحسان إلا بالإحسان؟!
وهل الجنة أصبحت طريقاً غير مطروق،
في جيل سرقته الأضواء والحياة السريعة والشهرة والتكنولوجيا والحرية؟
أم في جيلهم السابق الذي تزاحم قلبه بالأسئلة ولم يجد مخرجاً سوى الابتهال؟

ذو صلة