مجلة شهرية - العدد (571)  | أبريل 2024 م- رمضان 1445 هـ

الليل ومخاض القصيدة

تَأْتِي القصيدةُ عِندَ البابِ تُوْقِظُنِي        افْتَحْ لِيَ البابَ لا نَوماً لِتَكْتُبَنِي
أنا جُيُوشٌ مِنَ الأشواقِ في لَهَبٍ        وَأَنْتَ عَلَّمتَنِي النِّيرانَ في شَجَنِي
أَجْتَاحُ في غَضْبَةِ البركانِ أَلْسِنَةً        مِنَ اللَّظَى حمَماً لِلبوحِ تُنجبني
أَجْتَاحُ في وابِلِ الأمطارِ صَوْمَعَةً        لِلفكرِ للرَّاهبِ المَسْجُونِ في بَدَنِي
أسِيْرَةٌ لِلخيالِ الطَّلقِ مِنْ حِقَبٍ        أَحْتَاجُ للشَّاعرِ الموهوبِ يُطلقني
هذا أنا هَجمةُ الطوفانِ كاسِحَةً        لَا أَمْنَ لِلفُلكِ في بَحْرٍ سِوَى سُفني
مَشَاعِرُ القلقِ الجَيَّاشِ مَا انسَدَلَتْ        تُبَدّلُ الواقعَ الليليَّ في المِحَنِ
خَلْفِي.. وَفِي صَرْخَةِ النَّاياتِ أسئلةٌ        عَطْشَى إلى البوحِ والأسرارُ لَمْ تبُنِ
تَشُدُّ فَوْقَ سريري كُلَّ أَغْطِيَتِي        وَتَكْتَسِي مُعْجَمَ الفُصْحَى لِتُبْصِرَنِي
فَأَرْتَدِي ثَوْبَ أحلامي على عَجَلٍ        لأنَّها اللَّهَبُ السَّاري يُحَاصِرُنِي
مِنْ عَبْقَرِ الشّعرِ كَمْ جنِّيَّةٌ عَبَرَتْ        في خَاطِرِي بِلَهِيْبِ النَّارِ تُوْقِدُنِي
مَهْلاً عَلَيَّ فإنّي عَاشِقٌ وَلِهٌ        وَنَارُكِ الآنَ في جنبيَّ تُلهبني
لَا بُدَّ لِي مِنْ بُرَاقٍ صَاعِدٍ لِرُؤىً        فَوْقَ الخَيَالِ وَمِعْرَاجٍ يُزَلْزِلُنِي
هذا ضِيَاءُ السَّمَاوَاتِ التي عَشقَتْ        وَحْيَ النَّداءِ لبوحِ الشّعرِ مِنْ لَدُنِي
إزْمِيلُ شعري على الأحجارِ مُنْتَصِبٌ    كَيْ يَنْحَتَ الزُّخْرُفَ القَوْلِيَّ في الزَّمَنِ
طَقْسُ القصيدةِ كالأقدارِ مُبْهَمَةٌ        بَرْدُ الشِّتاءِ وَحَرُّ الصَّيفِ في بَدَنِي
تأتي وَتَذْهَبُ في حِيْنٍ وَحِيْنَ تعو        دُ في شُمُوخٍ تَهِدُّ الطَّودَ بالشَّجَنِ
تَدُقُّ فَوْقَ جَبِينِ البابِ وَالِهَةً        فَتَشْتَكِي زوجتي مِنْ كَثْرَةِ الفِتَنِ
أنثى وَتَفْعَلُ بِي الإعْجَازَ في عَجَبٍ        نَخْلاً على صفْحَةِ الصَّحراءِ تَزْرَعُنِي
أمضي وَحِيْنَ تضيقُ الأرضُ بي شَزَراً    تَجِيْءُ فَوْقَ بساطِ الرّيحِ تَحْمِلُنِي
قُمْ يا صديقي لكي نجتاحَ أخْيِلَةً        عَذْرَاءَ مُلْهِمَةً لولاكَ لَمْ تكُنِ
شَاخَتْ على وَجَعِ الألحانِ قافِيَةٌ        عَطْشَىْ إلى جَذْوَةٍ بالنَّارِ تحْرِقُني
دَوْماً تُبَاغِتُنِي دَوْماً تُرَاوغُنِي        دَوماً تُحاصِرُني دَوْماً تُطَارِدُنِي
حِيْناً تُخَاصِمُنِي حِيناً تُصَالِحُنِي        حِيْناً تُعَذِّبني حِْيناً تُقَاتِلُِني
يَسّاقطُ الشَّرَرُ المخنوقُ مِنْ غَضَبٍ        تقولُ لي وَحْدَهَا الأهوالُ تُشْبِهُنِي
نَارٌ وَمَاءٌ على آفاقِ قَافِيَةٍ        حَتماً سَتُوْلَدُ مِنْ نِارٍ وَمِنْ عَدَنِ
مَلَاعِبُ الجِنِّ مِنْ أكنافِهَا طَلَعَتْ        في دفقَةِ البوحِ كَمْ جِنٍّ تَلبَّسَنِي
سِرُّ النُّبوءَاتِ مِنْ أعماقها انطَلقَتْ        لكي نَرَى أَلَقاً في وجْهِهَا الحَسَنِ
يا هُدْهُدَ النَّبأ السَّامي حَبِيْبَتُنَا        في حُسْنِهَا قَدْ غَدَتْ بِلْقِيْسَ في اليَمَنِ
الصَّمتُ مَعْصِيَتِي أَشْتَاقُ أُغْننيَةً        بَوْحاً مِنَ الشِّعرِ رقراقاً يُطهِّرُنِي
كَمْ تُبْهِجُ النَّفسَ أطيَافُ خَاطِرَةٍ        تُعَالِجُ القلبَ مِنْ ضِيْقٍ وَمِنْ حَزَنِ
وَحْيٌ مِنَ اللهِ أمْ إِشْرَاقُ خَاطِرَةٍ        كَمْ تَعْصِرُ الرُّوحَ إشراقاً وَتَعْصِرني
هِيَ القصيدةُ إِنْ طَالتْ مواجِعُهَا        حَتْماً سَيَأتِي المَخَاضُ الطَّلقُ يُبْهِرُنِي

ذو صلة