مجلة شهرية - العدد (571)  | أبريل 2024 م- رمضان 1445 هـ

حراسة الابتكار

في الوقت الذي يسعى رواد الأعمال والاقتصاد إلى مضاعفة الجهود لتحقيق الأرباح على مستوى مؤسسات الأعمال، وذلك من خلال خلق بيئة تنافسية وحراك تجاري نشط؛ نجد أن الاهتمام منحصر في صياغة السياسات والممارسات الاقتصادية المجدية في الابتكار من توظيفٍ للمهارات وتشجيعٍ للعاملين واستقطابٍ للكفاءات وتقييم مستوفٍ لفرص السوق، والاستثمار في مجال البحث والتطوير لاستحداث مصادر جديدة للدخل، ولا شك فهي مكونات مهمّة في تنمية وتعزيز التنافسية الاقتصادية؛ إلا أنهم يغفلون عن حماية استثماراتهم وأصولها من الاعتداء عليها مما يتسبب في استنزاف هذه الاستثمارات مادياً ومعنوياً. فالابتكار وحمايته تكاملٌ مطلوب يبدأ بوعي من أصحاب القرار، ولذلك فإننا نجد كلما ضعفت حماية الملكية الفكرية ضعف الابتكار والاستثمار.
إن تشجيع الابتكار والإبداع وحماية الملكية الفكرية لا يقتصر على نشر السياسات الخاصة بالملكية الفكرية، ولا على حمايتها من قبل إدارة المخاطر؛ وإنما يستلزم إنشاء إدارات وأقسام خاصة للتعامل مع قضايا الملكية الفكرية وحماية أصولها الملموسة المادية كالنقود والمخزون والمركبات والمعدات والآلات والأراضي والمباني والاستثمارات، وحماية أصولها غير الملموسة كبراءات الاختراع والتصاميم الصناعية والبرمجيات والعلامات والأسرار التجارية والسمعة وشهرتها التجارية، وذلك تفعيلاً للحماية الوقائية التي تتطلب العمل على تنفيذ الإستراتيجيات لحماية الملكية الفكرية، والحفاظ عليها من الاعتداء، وإنفاذها، ومراقبة منتهكيها، تجنباً للخسائر الفادحة وتعريض علامتها التجارية للمخاطر.
إن حماية الملكية الفكرية لا يقتصر على المنشآت الكبرى فحسب، بل إن حاجة الشركات ومؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة لحماية ابتكاراتها وعلاماتها التجارية وتصاميمها الصناعية؛ أكثر لتمتعها بفرص النمو السريع (وقد أثبتت الدراسات الصادرة في عام 2019 عن المكتب الأوروبي للبراءات/مكتب الاتحاد الأوروبي للملكية الفكرية؛ أن الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تمتلك على الأقل حقاً واحداً من حقوق الملكية الفكرية أكثر عرضة بنسبة 21 % من الشركات الكبرى).
لقد أصبح من أهم معايير تقييم الشركات والمؤسسات التجارية والمالية ونجاحها؛ ما يبنى على أساس الاستثمار في ملكيتها الفكرية، وقدرتها على حمايتها، مما أدى إلى تعزيز القيمة الاقتصادية لتلك الكيانات، وأصبح محركاً رئيساً للابتكار والنمو الاقتصادي كممارسة في تقييمها الذاتي وتحسين جهودها في المحافظة على أصولها.
إن ذلك يحتّم على الشركات والمؤسسات التجارية والمالية الداخلية مواكبة التطورات الاقتصادية المعولمة انطلاقاً من الركائز والمبادرات التي أولتها الإستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية في المملكة العربية السعودية، وأن تعمل الهيئة السعودية للملكية الفكرية أيضاً على مبادرة بتوصية لشمول التأمين على خطر انتهاك الملكية الفكرية، لتكون ملزمة، من خلال الرفع للجهات المختصّة ضمن مبادراتها المشكورة باستحداث وثائق لتأمين حقوق الملكية الفكرية تغطي تكاليف الدفاع عن دعاوى انتهاك حقوق الملكية الفكرية ضد المؤمن عليه، بما فيها التكاليف القانونية والأضرار التي تكبدها المؤمن عليه من أرباح مستقبلية وتكاليف التسويات والمطالبات المضادة، لما يشكله ذلك من توفير حماية للمنشآت لملكيتها الفكرية في حال الاعتداء عليها، وتعزيز نفاذ أنظمة الملكية الفكرية، لاسيما مع توسع استخدام التكنولوجيا في الاستثمار وحاجتها لتوفير استثمار آمن.

ذو صلة