مجلة شهرية - العدد (570)  | مارس 2024 م- شعبان 1445 هـ

كتب وقراءات

الكتاب: الإكراه في الدين.
المؤلف: صموئيل هليفونت.
المترجمة: نور محمد الحبشي.
الناشر: دار ومكتبة عدنان، بغداد، 2022.

كانت الصعوبة التي واجهها البعثيون -على الأقلِّ في ذهن صدَّام- هي أنَّ وجهة نظر حزبهم للدين قد أسيء فهمها على نطاق واسع، وبحسب هذا المنطق لم يكن البعثيون بحاجة إلى تغيير أيديولوجيتهم أو نظرتهم إلى الدين، بل بالأحرى كانوا بحاجة إلى تثقيف الآخرين وتلقينهم أفكارهم التي يعتقدون بها. وقد يبدو هذا غريباً على النظام الذي كان معروفاً باضطهاد الزعماء الدينيين. وعلى الرغم من ذلك، حين عقد صدَّام المجلسَ الأعلى للأمن القومي آذار/ مارس 1979، استطاع أن يعتمد على التراث البعثي الغني، الذي أكد أهمية الإيمان بالله، والحفاظ على تقديس الإسلام، وقد أوضح صدَّام وجهة نظره حول أهمية الدين في خطابٍ بعنوان (نظرة على الدين والتراث) قبل عامين من هذا المجلس، أي في عام 1977، فيما سيصبح بياناً نهائيّاً عن الدين في عراق صدَّام، فقال: إنَّ (حزبنا لا يتخذ موقفاً محايداً بين الإيمان والإلحاد، إنَّه دائماً إلى جانب الإيمان).



الكتاب: الجغرافيا السياسية لما بعد الحداثة: عصر الإمبراطوريات الجديدة.
المؤلف: ألكسندر دوغين.
المترجم: إبراهيم إستنبولي.
الناشر:  المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، 2022.

يبحث الكتاب في قضايا الجغرافيا السياسية عموماً، وقضاياها لما بعد الحداثة خصوصاً، ويتناول أهم المراحل في تطور علم الجغرافيا السياسية، ويتطرق إلى النظريات والتيارات الرئيسة في هذا العلم. ويبحث بعمق وتفصيل السمات الأساسية للمرحلة الحالية من التاريخ المعاصر، حقبة العولمة الأحادية القطب، ومحاولة الولايات المتحدة الأمريكية تعزيز هيمنتها على العالم، ومتطلبات ومآلات الجهود التي تبذلها بعض الدول من أجل عرقلة العولمة الأمريكية الأحادية القطب وقيام عالم متعدد الأقطاب. ويشرح أيضاً سعي روسيا والصين ودول أخرى لإقامة تحالف أوراسي بوصفه مشروعاً بديلاً أو موازياً للعولمة الأمريكية.



الكتاب: أنثروبولوجيا التشرد.
المؤلف:  أرين غلاسر ورا برجمان.
المترجم: هناء خليف.
الناشر: دار سطور، بغداد، 2022.

في أي تحليل للمشكلات الاجتماعية. فبينها اهتم الكثير من الأنثروبولوجيين في توثيق نطاق انتشار التشرد وطبيعته، جرت العادة على التركيز على غيرهم من الباحثين أمثال علماء الاجتماع والأمراض العضوية. وعلى هذه الشاكلة، سعى المعنيون بمشكلة التشرد، في تحليلهم لمسبباته، إلى الاستفادة من خبرة علماء النفس والأمراض العقلية في محاولة منهم لفهم الدور الذي تضطلع به هذه الأمراض العقلية في أبحاث التشرد. وإضافة إلى ذلك، فقد هيمنت حقول الاقتصاد، والتخطيط الحضري، والعلوم السياسية على النقاشات ذات الخلفية الاقتصادية والسياسية للتشرد.



الكتاب: التشبيه في تاريخ الإسلام تحدِّي أهل الحديث (700-1350م)-(80-750هـ).
المؤلف: ليفنات هولتزمان.
المترجم: عمرو بسيوني.
الناشر: دار الروافد الثقافة - ناشرون، بيروت ودار ابن النديم للنشر والتوزيع، الجزائر.2022م.

ظلّ موضوع (التشبيه) أحد أهم الموضوعات التي مثلت محوراً للخلاف العقدي عبر التاريخ الإسلامي، والذي مثّل بطريقة أو بأخرى حدوداً فاصلة بين فِرَق ومذاهب واتجاهات مختلفة. وعلى كثرة ما كُتب حول هذا الموضوع في الدائرة الإسلامية، إلا أن أغلب هذه الكتابات كانت تنطلق من مبدأ الدفاع أو الهجوم، وليس محاولة تقديم خلفية تاريخية شاملة لنشأة هذا الخلاف والأساليب والمداخل المختلفة التي حاول بها المسلمون معالجته. يقدم هذا الكتاب محاولة جادة وحقيقية لتقديم مثل هذا الإطار الشامل، مع التركيز على (أحاديث الصفات)، والاتجاه العام المسمى بأهل الحديث أو الأثرية، وكيفية تعامله مع هذه النصوص، والتطورات التي لحقت هذا التعامل عبر الزمن، بالإضافة إلى سجالاته المتنوعة التي خاضها في سبيل ذلك مع المتكلمين من جميع الاتجاهات، وبخاصة من المعتزلة والأشاعرة. وفضلاً عن البحث التاريخي والمقارن، والاستقراء الواسع للمصادر، استعان الكتاب في بعض أبحاثه بمناهج التحليل الأدبي والخطابي لتحليل بنية بعض نصوص أحاديث الصفات. إنه جهد تاريخي ونقدي ممتاز، من شأنه أن يثري المكتبة العقدية المتخصصة، ويُسهم في تطوير الدراسات في هذا المجال من زوايا متعددة.



إبراهيم العواجي

ينتمي الدكتور إبراهيم العواجي إلى جيل شعري نجدي ولد بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما قبل إعلان الاسم الرسمي للمملكة العربية السعودية، عقب حروب استعرت نحو توحيد هذه البلاد.
وقد واجهت مواهبهم الشعرية تحديات التكيف والارتكاس، في التحول الاقتصادي متمثلاً في الانتقال من القرى نحو المدن (أغلبهم للدراسة في دول عربية وأوروبية وأمريكية)، والتحول الاجتماعي متمثلاً في اختبار القيم والروابط العائلية والمهنية، والتحول السياسي باعتبارهم موظفين حكوميين ويمثلون صورة الدولة الجديدة (يستثنى بوحيمد)، والصراع الثقافي الذي دفع لعملية مأثورة عن صراع الأجيال نحو صراع نفسي أفضى إلى قتل رمزي، ونقيض ما سيواجهه جيلان عقبهما بقتل اجتماعي، مثلوا بجذور اجتماعية من خارج نجد يمثلون تيارات ما بعد الطفرة.
يتمثل هذا الجيل بكل من الشعراء - أضيف دواوينهم الأولى: ناصر بوحيمد، ديوانه الوحيد (قلق). محمد العامر الرميح، (جدران الصمت). عبدالله القرعاوي، (صدى البوح)، جمع عبدالعزيز الخويطر. محمد المسيطير، (ليالي العمر)، جمعه ابنه. عبدالرحمن العبيد، (موكب الفجر). عبدالله الصالح العثيمين، (عودة الغائب). إبراهيم الدامغ، (شرارة الثأر). حمد الحجي، (عذاب السنين)، جمع محمد الشدي.
والسؤال هل كانوا شعراء محترفين، مثل العواجي والعثيمين، أو مجرد هواة؟
يتفق شعراء جيل الدكتور  إبراهيم العواجي بأمور متشابهة: تأخر نشر الدواوين تبعاً لبدايات النشر في صحافة الخارج أو الداخل (يستثنى بوحيمد)، وإنهاك المرحلة المزدوجة التعليم والوظيفة، ومتطلباتهما، وإحراجاتهما عن التفاعل الثقافي، والثالث الانعزال الشعري، سواء بالوفاة المبكرة (الرميح والحجي) أو الصمت (بوحيمد والقرعاوي) أو تسلط المنصب الحكومي أو الأكاديمي (العواجي والعثيمين)، على أن هؤلاء الشعراء الذين استبشر بهم كتاب (شعراء نجد المعاصرون) لعبدالله بن إدريس، ويضيف إليهم شاعرين: عبدالله الجلهم وعبدالله السناني؛ أوجزت فيهم مقولة أفضى بها الأستاذ عبدالله القرعاوي عندما شاورته نهاية القرن العشرين محضراً ديواني الأول، فذكر لي (سحقنا أنفسنا بأنفسنا، فلا تكرروا ما فعلنا).
واصل كل من العواجي والعثيمين، على اختلاف المسلك الشعري (الاتجاه أو الأسلوب)، بالتنامي والتواصل، فبنيا لكل منهما عمارة شعرية بتؤدة لم تضربها عواصف الحداثة أو الفيضان الرقمي.
وأفاد كل من العثيمين من علاقته بالتاريخ في تعميق موقفه القومي، كما أفاد العواجي من علاقته بالسياسة في ترشيد موقفه الإصلاحي. بينما انتهى العثيمين في موضوعته الشعرية الكبرى إلى اليأس فيما انتهى العواجي إلى الغربة.
لم ينشغل العواجي بالأسبقيات الشعرية الشكلية، وسعى إلى تكريس مجده الشعري باحثاً عن حرية ما منذ بواكيره.
الأعمال الشعرية:
المداد، نقطة في تضاريس الوطن، قصائد راعفة، مَدٌّ والشاطئ أنت، وشوم على جدار الوقت، الأعمال الشعرية - المجموعة الأولى. وأصدر بعدها: فجر أنت لا تغب، غربة. وترجمت مختارات من شعره بعنوان: هجرة قمر، بالفرنسية، (ترجمة: سامية عقيل وعباس توربي)، وأعاد طباعة دواوينه الشعرية منجمة.
الأعمال البحثية:
الإدارة المحلية بالمملكة العربية السعودية بالاشتراك مع ناصر آل تويم، والتنمية وعربة الكرو.



موري بوكتشين (1921 - 2006) الأقلية تتحدث عن نفسها

تتوزع الأدوار في المجتمعات وفق مرجعياتها، وهكذا يمثل هذا المنظّر الاجتماعي بشخصيته من أصل روسي وديانة يهودية مهاجرة إلى أمريكا ذلك الدور خارج المركزية والمناقض لها، بحيث يوجد نفسه ضمن المنظومة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
كان بوكتشين مناهضاً بارزاً للرأسمالية ومدافعاً عن اللامركزية الاجتماعية على طول الخطوط البيئية والديمقراطية. أثرت أفكاره على الحركات الاجتماعية منذ الستينات، بما في ذلك اليسار الجديد، والحركة المناهضة للأسلحة النووية، والحركة المناهضة للعولمة، واحتلال وول ستريت، ومؤخراً، الكونفدرالية الديمقراطية في روجافا. كان شخصية محورية في الحركة الخضراء الأمريكية وبرلنغتون جرينز.
ولد بوكتشين في نيويورك من عائلة روسية يهودية، كانت والدته اشتراكية ثورية، شربته منذ الصغر بالفكر الروسي الشعبوي. عقب وفاتها في 1930، انضم لمنظمة شباب شيوعية، وتعلم في مدرسة العمال، حيث درس الماركسية. وفي أوائل 1930 عارض الستالينية، وانجذب نحو التروتسكية، وانضم لحزب العمال الاشتراكي.
طور بوكتشين في تلك المرحلة نظرية عن مجتمع ما بعد الندرة تقوم على اللامركزية (البيئية). وفي 1958 أعلن أنه لا سلطوي، ورأى توازناً بين اللاسلطوية والتبيؤ. ومفهوم (التبيؤ الاجتماعي) عند بوكتشين يقوم على الاقتناع بترابط القضايا الاجتماعية والبيئية.
في 1986 كتب كتاباً بعنوان من التمدن إلى المدن أو نهوض التمدن وسقوط المواطنة (ترجم إلى العربية: تحضر بلا تمدن)، حيث برز تأثره بالتقاليد الديمقراطية وقدم مفهوم (البلدية التحررية)، حيث رأى أن التغيير الاجتماعي لا بد أن يبدأ على مستوى محلي/ بلدي. حيث أنه لا بد من تغيير هيكلية المجتمع لتصبح السلطة للشعب. والطريقة الأفضل هي البلدية (مدينة، قرية أو بلدة)، حيث يمكن خلق ديمقراطية مباشرة تقوم على الجمعيات الديمقراطية كمؤسسات تحررية واستبدال الدولة باتحاد من البلديات الحرة.
في 1995، انتقد تحول اللاسلطوية الأمريكية إلى حركة بدائية، معادية للتكنولوجيا، ذاتية ومغامرة على حساب الحركة الاجتماعية. فكان يعرف عن نفسه أنه (لاسلطوي اجتماعي) متطلع للثورة الاجتماعية. أشعل بوكتشين حرباً ضد (اللاسلطوية الحياتية) في كتابه (اللاسلطوية الاجتماعية أو اللاسلطوية الحياتية)، منتقداً تلك النزعة التي اعتبرها ترويعاً للاسلطوية. لاحقاً استنتج أن اللاسلطوية الأمريكية هي لاسلطوية محض فردية، وانشق عن اللاسلطوية في 1999، ليؤسس فكره السياسي الخاص باسم الكوميونية كشكل اجتماعي لاسلطوي (اشتراكي تحرري) تقوم على أفكار الجمعية الديمقراطية واللامركزية في المجتمع، السلطة، المال، النفوذ، الزراعة، الصناعة..
على الرغم من أن بوكتشين، باعترافه الخاص، فشل في كسب مجموعة كبيرة من المؤيدين خلال حياته، إلا أن أفكاره أثرت على الحركات والمفكرين في جميع أنحاء العالم.
ترجم من كتب بوكتشين اثنان: تحضر بلا تمدن (2022)، وإيكولوجيا الحرية (2022).



الكتاب: مدينة البدايات.. الحداثة الشعرية في بيروت
المؤلف: روبن كريسويل
المترجم: عابد إسماعيل
الناشر: دار التكوين، دمشق، 2022.

يتضمّن هذا الكتاب سبراً تحليلياً معمّقاً لحوار الحداثيين العرب مع شعراء عالميين كبار، ومنهم: عزرا باوند وسان جون بيرس وأنطونان آرتو، ويكشف الكاتب عن الكيفية التي ترجم فيها هؤلاء الشعراء مفاهيم الفردانية الليبرالية والاستقلالية الذاتية والحرية السياسية، وطوّعوها في نظرياتهم الشعرية. يركّز كريسويل على الجانب الفلسفي والفكري لجماعة مجلّة (شعر) المتمثل بدور المفكّر أنطون سعادة، في إطلاق حركة القوميين السوريين، من خلال العودة إلى الجذور الفينيقية المتوسطية للأمّة السورية. وبعد التعريف بالثوابت الفكرية والتاريخية لحركة الحداثة العربية يقوم الكاتب بتقديم قراءة معمقة لمجموعتين شعريتين محوريتين هما (أغاني مهيار الدمشقي 1961) لأدونيس، و(لن 1960) لأنسي الحاج، حيث تركتا أثراً عميقاً في الذائقة الشعرية العربية. ويشير الكاتب إلى أنّ مقاربته النقدية تقع على مفترق الطرق بين النقد الشعري والتاريخ الفكري، حيث يسلط الضوء على السجالات الفكرية الكبرى الدائرة في تلك الفترة، وبخاصة العلاقة بين السلطة الفكرية والسلطة السياسية، ومسألة انتقال المرجعيات الأدبية. ويختتم المؤلف كتابه بمناقشة موقف أدونيس من الثورة الإيرانية، مبيناً أن الشاعر السوري ظل وفياً لمبادئه الأولى في نقده لذهنية الخطاب الديني، ووقوفه إلى جانب أي ثورة علمانية تسعى إلى إقامة مجتمع ديمقراطي حقيقي. ولا يغفل كريسويل نقد أدونيس للتراث الشعري العربي في كتابه الشهير (الثابت والمتحول)، ومحاولته التأسيس لتقليد شعري مضاد رسخ ملامحه في اختياراته الشعرية المهمة التي ضمّنها موسوعته (ديوان الشعر العربي).
تأخذ مدينة البدايات لكريسويل عنوانها على محمل الجد: فهي تستكشف الروايات الشعرية لمجموعة شعراء من خمسينات القرن الماضي في بيروت - المدينة المجازية للعنوان - والمعروفة بمجلتهم شعر. تمثل المجموعة أحد (أعمق خطوط الصدع في الحرب الباردة الثقافية)، والتي ينسبها كريسويل إلى (قضية الاستقلال الأدبي). اعتمد الشعراء المؤسسون أدونيس ويوسف الخال وأنسي الحاج؛ الاستقلال الأدبي عن الثقافة الحداثية المتأخرة. الحداثة المتأخرة، على عكس نظيرتها في أوائل القرن العشرين.
يحقق سرد كريسويل ثلاثة أشياء: أولاً، يقدم القارئ الناطق باللغة الإنجليزية إلى مجموعة شيير. ثانياً، يؤرخ تبنيهم جماليات الحرب الباردة الليبرالية من خلال تبادلهم مع كل من مجلس الحرية الثقافية التابع لوكالة المخابرات المركزية (CCF) والموجهين الأصليين، وأخيراً يوضح كيف أن الحداثة العربية في رفضها للقومية (تلقي الضوء على التاريخ الحديث لمفهوم الأدب العالمي). لكي يُنظر إليه على أنه جزء من الأدب العالمي؛ قام الشعراء بترجمة شعراء الحداثيين مثل عزرا باوند وسانت جون بيرس وأنطونين أرتود، من خلال مواءمة أعماله مع النقد الآخر الذي يقرأ أكثر من الهزيمة في جماليات الحرب الباردة. يسلط كتاب كريسويل الضوء على (حداثة) شعر الحداثيين على وجه التحديد في كيفية ترجمة تقاليدهم الخاصة والأشكال الأخرى. ويعلن الكتاب نفسه (الدراسة الأولى) لهذه الفترة التي تجمع بين البحث الأرشيفي والقراءة الشكلية القريبة لإظهار كيف تأثر الأدب نفسه بالسياق التاريخي.
وهكذا ينقسم كتابه إلى ثمانية فصول: الثلاثة الأولى تروي الأحاديث التاريخية التي تؤطر الحداثة العربية. وتتناول الفصول الأربعة التالية السرد التاريخي المباشر من خلال قراءة مختارات نهائية لأدونيس، ولأنسي الحاج. وخصّص الفصلان التاليان لأدونيس، والذي يمثل إرث المجموعة من خلال مزيج من الأسس التاريخية والقراءة الفاحصة الإبداعية. يجلب كتاب كريسويل الاهتمام الضروري للخلفية الأصلية للحداثة الشعرية العربية.



الكتاب: نهاية الحب.. سوسيولوجيا العلاقات السلبية.
المؤلفة: إيفا إيلوز.
المترجم: جلال العاطي ربي.
الناشر: صفحة سبعة، الجبيل، 2022.

هذا الكتاب هو جزء آخر من دراسة استمرت عقدين من الزمن حول الطرق التي غيرت بها الرأسمالية وثقافة الحداثة حياتنا العاطفية والرومانسية. إذا كان هناك مبدأ واحد دافع عنه عملي على العواطف على مدار العشرين عاماً الماضية، فهو أن تحليل عدم تنظيم الحياة الخاصة والحميمة لا يمكن أن يأتي من علم النفس وحده. يقدم علم الاجتماع مساهمة هائلة في إصراره على أن التجارب النفسية - الاحتياجات، والإكراهات، والصراعات الداخلية، والرغبات، أو القلق - تلعب وتعيد تمثيل دراما الحياة الجماعية، وأن تجربتنا الذاتية تعكس الهياكل الاجتماعية وتطيلها، هي في الواقع، الهياكل الخرسانية، المجسدة، الحية.
يتكون الكتاب من ستة فصول، على التوالي: 1- غير محب: مقدمة في علم اجتماع الاختيار السلبي، 2- مغازلة ما قبل الحداثة، اليقين الاجتماعي، وظهور العلاقات السلبية، 3- الخلط بين الجنسين، 4- Scopic رأسمالية وظهور عدم اليقين الأنطولوجي، 5- حرية ذات حدود كثيرة، 6- الطلاق علاقة سلبية.
يتكرس في الفصل الأخير موضوعات: نهاية الحب، الطلاق وموقع المرأة في المجال العاطفي، الهيكل السردي للمغادرة، الجنسانية: الفصل العظيم، كائنات المستهلك: من الانتقال إلى الخارج، الاستقلالية والتعلق: الزوجان الصعبان، الأنطولوجيات العاطفية والعقود العاطفية غير الملزمة، الكفاءة العاطفية ومكانة المرأة في عملية العلاقات، الخلاصة: العلاقات السلبية وسياسة الفراشة للجنس.
لقد مثلت الثقافة الغربية إلى ما لا نهاية الطرق التي ينفجر بها الحب بأعجوبة في حياة الناس، واللحظة الأسطورية التي يعرف فيها المرء أن شخصاً ما متجه لنا، والانتظار المحموم لمكالمة هاتفية أو بريد إلكتروني، والتشويق الذي ينزل في العمود الفقري لدينا في مجرد فكر به أو بها. ومع ذلك، فإن الثقافة التي لديها الكثير لتقوله عن الحب تكون صامتة فعلياً في اللحظات التي لا تقل غموضاً عندما نتجنب الوقوع في الحب، حيث نقع في الحب، عندما يتركنا الشخص الذي أبقانا مستيقظين في الليل الآن غير مبالين، أو عندما نسارع بعيداً عن أولئك الذين أثارونا قبل بضعة أشهر أو حتى بضع ساعات.
في نهاية الحب، توثق إيفا إلوز الطرق المتنوعة التي تنتهي بها العلاقات. تجادل بأنه إذا كان الحب الحديث يتميز ذات مرة بحرية الدخول في الروابط الجنسية والعاطفية وفقاً لإرادة الفرد واختياره، فقد أصبح الحب المعاصر الآن يتميز بممارسات عدم الاختيار، وحرية الانسحاب من العلاقات. يصف إيلوز هذه العملية التي من خلالها تتلاشى العلاقات، وتتبخر، وتذوب، وتنهار (غير المحبة). بينما ركز علم الاجتماع بشكل كلاسيكي على تكوين الروابط الاجتماعية، فإن The End of Love يقدم حجة قوية لدراسة سبب وكيفية انهيار الروابط الاجتماعية وتذوبها.
اللافت للنظر بشكل خاص هو الدور الذي تلعبه الرأسمالية في ممارسات عدم الاختيار و(غير المحبة). تجادل بأن فك الروابط الاجتماعية مرتبط بالرأسمالية المعاصرة التي تتميز بممارسات عدم الالتزام وعدم الاختيار، وهي ممارسات تتيح الانسحاب السريع من الصفقة وإعادة التنظيم السريع للأسعار وكسر الولاءات. إن عدم المحبة وعدم الاختيار لهما بدوره تأثير عميق على المجتمع والاقتصاد لأنهما يفسران سبب إنجاب الناس لعدد أقل من الأطفال، والعيش بمفردهم بشكل متزايد، وممارسة الجنس بشكل أقل.
تقدم نهاية الحب تحليلاً عميقاً وأصلياً لتأثيرات الرأسمالية وثقافة المستهلك على العلاقات الشخصية وما يعنيه تفكك العلاقات الشخصية للرأسمالية.

ذو صلة