1
كتب روايته كما لو كانت الكتابة وحدها لاتزال قادرة على تفسير كل شيء.. كما لو كانت وحدها قادرة على الحقيقة، وكما لو كانت بيرو بلدتنا جميعاً.
2
في روايته (امتداح الخالة) أخذنا بعيني مراقب دقيق، لنتابع خطوة خطوة حالات فونشيتو.. خدعنا ببراعة وهو يأخذنا إلى شكل آخر من العاطفة، وتركنا هناك نختلف، ونتفق، ونتأفف، ثم نخفي الحكاية مثل سر، ولندرك أن يوسا لم يكن يحكي عن الرغبة فقط، بل لفهم علاقتنا البشرية مع ما هو ممنوع.. يعيد يوسا تعريف البراءة، لا كمقابل للفساد، بل كأرض مفتوحة وخصبة للتأويل.
3
حفلة التيس كانت قضية يوسا، في كثير من رواياته وإن اختلفت الجهات، وكانت درسهُ البارع في كيف تكتب رواية للتاريخ من فكرة عابرة، ليست رواية عن ترحيل الطغيان، بل عن انتهاك الذاكرة، يدين الجهل الذي سمح بتمدد الطغيان، يكشف سلوكه.. ويفضح أسراره.
يفشي سر الرعب الذي لا يموت بموت الطاغية، بل يظل حيّاً في أعماق الناس،
ومع ذلك ليست الحفلة تأريخاً سياسياً، بل جرداً أخلاقياً لجسد في الظل، وفكر يعيش الاستلاب.
4
في (الفردوس على الناحية الأخرى)، يقرر يوسا أن يضعنا في مختبر الحياة وفلسفتها، يعصف بخياراتنا التي نعتقد أنها صحيحة، ويملؤنا بالأسئلة التي ربما خطرت لنا في يوم ما، ومن خلال فلورا تريستان التي تبحث عن العدالة، وبول غوغان الذي يريد حياة بدائية بعيداً عن التطور جعل من (فردوسهم) مرآة، عكست أوهام الثورة وخيبات الفن، (فالفردوس) عند يوسا ليس وعداً، بل مأزقاً: كيف نعيش بفكرة غير مؤكدة دون أن ننهار؟
5
لا يريدنا يوسا أن نتفق معه، بل أن نفكر، لذا لا يبني عالماً مثالياً، بل يكشف العالم كما هو، ولا يروي حكايته لنستمتع فقط، بل لنتورط بها وليضعنا وجهاً لوجه أمام تناقضاتنا.
لا أبطال يكتملون كما في الحياة، ولا شراً مطلقاً، بل بشر بصراعاتهم العارية من الزيف والتلميع.
كل شيء عند يوسا قابل للشك حتى الذكريات الخاصة.
كل شيء في كتاباته مقاومة للجاهز، وللصوت الواحد.
وكل شيء في شخصياته ينبض بالحياة.. حتى الخطأ يملك من الصدق ما يجعلنا نحبهم رغم كل شيء.
6
في رواية (من قتل بالومينو موليرو؟)
الوحشية أمام الحب.
والخوف أمام العدالة.
والصمت القاتل أمام الأغنية.
يوسا يدعونا لتأمل المتناقضات في النفس البشرية.
ليس مهماً أن نعرف القاتل حقيقة.
لكننا في طريقنا للبحث نكتشف الكثير من القتلة، وأننا قد نساهم دون أن يخطر في بالنا في ارتكاب الحماقات التي لا تغتفر.
7
يرحل يوسا المؤثر في الأدب المعاصر، تاركاً لنا هذا الإرث الإنساني العميق، وهذا النص الذي أسهم في تشكل ذائقة إبداعية رفيعة.