امرأةٌ وحيدة في المقهى، تحيط بها الحيطان، من كل حدبٍ
يحيط بها أيضاً: أصناف من مرتادي حكايا الليل، والأغنيات التي تركها النُدل على ماكينة القهوة، ضاجة بالأسى!
هي وقلبها وجهاز حاسوبها، ودفترها الذي يضيء نجوم دمعها المنسكب على الطاولة، وليلها الأزرق الذي ترنُّ أجراس غوايته في المحيطات!
ماذا تفعل يا ترى؟!
ألم يصبح المكان ضيقاً حدّ تخمة السماء، وحدّ تخمة الأحاديث الطويلة؟!
لماذا لا يغادر قمرها إلى المريخ؟!
لماذا لا تكشُ هذا الليل بمصباحِ الشوارعِ الضاحك؟!
لماذا لا تطلق إشارة حمراء للشاعرِ الجالس خلف حزنها الطويل؟!!
يا امرأة المقهى، يا نزوة الليل، يا حفلةً من الياسمين لم تكتمل حكايتها بعدُ على ضوءِ السماء!
من يكون قلبكِ، ومن يكون نايكِ الذي ينشجُ في إبريقِ القهوةِ؟!
ومن يكون عشيقكِ، الذي ترككِ هنا وسط هذا الحشد من المناديل، ورحل إلى خدِّ غانية أخرى؟
ألا تقومي؟ قامت كل الينابيع من مَرْقدها الترابيّ، قام شيطان الشاعر من وادي عبقر، قامتْ جميع البراكين من قيعانِ الأرضِ، قامتْ الأفاعي من خنادِقها الملتهبة،
وأنتِ ما زلتِ أمام شاشة الحاسب، وأمام دفتر الليل ساهية وغارقة في مرايا العالم!