طرقت المنازل باباً فبابا وما كنت أرجو سواها مآبا
وأدري أن الأحبة صبحاً إلى آخر البيد شدّوا الركابا
وطير القطا في معارجها على كل أيك تنوح انتحابا
ونار الأثافي خبا جمرها كأني لها قد هتكت حجابا
وما غير ريح السموم تهبّ عليَّ فأرجو المنايا اقترابا
وحولي أسد الشرى حائمات إذا ما تبمسن أبرزن نابا
فواحر قلباه من ظاعنين سقوني الهوان فساغ شرابا
منازلهم قد عفا رسمها وصارت غداة الرحيل خرابا
عليها وقفت أسحّ دموعاً بعلياء خدي جرين عبابا
أسائلهم كيف طاب الرحيل لكم بعد لأي فعيوا جوابا
وقالوا: هو الدهر نأي وقرب فلا تبتئس إن فقدت الصوابا
على إثرهم قد حثثت المسير فأعلو الجبال وأطوي الهضابا
فتعلوني الشمس قرصاً تلظى فهيهات تزورّ عني احتجابا
وتحتي رمل يكاد لظاه إذا مسّ خفّ ذلوليّ ذابا
سلكت عجاج المنافي وحسبي رمتني العوادي بسهم أصابا
سويداء قلبي وكان عصياً على كل رمي فصار مثابا
ألا أبلغوا آل ليلى فإني إلى غيرهم ما رضيت انتسابا
إذا مت في أرضهم ذاك مجد به لا سواه أجوز السحابا!